أجرى الدكتور عبدالله الغانم المدرس في قسم العلوم السياسية في جامعة الكويت مع مجموعة من الباحثين بحثا قبل سنوات وجدوا فيه بأن نوعية الندوات السياسية التي تنشط في البلاد تزيد من العدوانية لدى المستمعين والسخط على الأوضاع، كما وجدوا بأن مطالب الندوات تزداد يوما بعد يوم إلى ان تصل إلى المحظورات مثل مسند الإمارة وغيرها.
كذلك فقد لاحظ الباحثون بأن المجتمع الكويتي يغلب عليه الشباب وان كثيرا منهم يفتقد فهم أبسط الثقافات العامة لما يجري في البلاد، ففي تبيان للدكتور الغانم سأل فيه طلبة التخرج لتخصص العلوم السياسية عن قضايا عامة في البلد لم يستطع غالبيتهم الاجابة عنها، لذا فان الباحثين قد وجدوا بأن كثيرا من الشباب قد لا يتعامل بنضج مع الظروف والاوضاع التي تمر ببلده، ومتى ما قلّت وسائل الرفاهية التي يتمتع بها فإنه على استعداد لإثارة المتاعب والتمرد على الوضع الاجتماعي.
يقول الدكتور الغانم بأنهم قد اوصلوا تلك النتائج إلى اعلى مستويات المسؤولين في البلد لعلهم يتخذون اجراءات حول معالجة الاوضاع السلبية ولكن للأسف لم يكن من مجيب!!
إن ما حصل يوم الاربعاء الماضي هو نتيجة طبيعية للشحن المستمر لكثير من الشباب ضد الاوضاع الاجتماعية لا سيما التخبط الذي تعيشه حكومتنا، وازدياد الاوضاع الخاطئة، ومما فاقم من تلك الاوضاع الخاطئة قيام بعض نواب مجلس الامة بقيادة التمرد وحض الجماهير الهائجة على اقتحام بيت الشعب.
وللأسف ان هؤلاء النواب الذين قادوا الاقتحام مازالوا يفتخرون بما فعلوه ويهددون بتكراره ويعتبرونه بطولة وتضحية في وجه الفساد ولسان حالهم ان الغاية تبرر الوسيلة.
لقد كتبنا مرارا وتكرارا عن ان هذا المجلس قد فقد شرعيته منذ زمن طويل وقد ناله التخريب بأيدي من يفترض بأن يكونوا مستأمنين عليه وبأن الحل الأسلم هو في حل ذلك المجلس والاتيان بحكومة انقاذ هدفها الأساسي انتشال البلد من نكسته واعادة بنائه على الأسس الدستورية التي يرتضيها ابناء الشعب، ولكن فرق بين ان نشخص الداء ونحدد الدواء وبين ان يسعى البعض إلى فرض رؤيته بالقوة وان يكسر جميع القوانين والاعراف من اجل الوصول إلى غايته، وان يستقوى بالغوغاء من اجل تحقيق اهدافه!!
إن الذين خرجوا على الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، قد جاءوا في البداية ببعض الملاحظات التي ارادوا تنبيهه عليها ثم دخل الغوغاء الذين زحفوا من جميع الاقطار الاسلامية واختلط الحابل بالنابل الى ان تجرأوا على قتله وفتحوا بابا للفتن لم ينقفل حتى يومنا هذا.
نحن نشد على ايدي اولي الامر بأن يتخذوا جميع الاجراءات التي تكفل عدم تكرار ما حدث وان يستخدموا القوة والحزم في معاقبة كل من تسول له نفسه تلويث اجواء الحرية وتعكير صفو الأمن، وليبدأوا بالكبار قبل الصغار، فان السكوت عن هذا الانتهاك الخطير سيؤدي حتما إلى ما هو اخطر منه، كما نشد على أيديهم بأن يسعوا إلى الاصلاح الجذري للاختلالات التي تحدث في البلد والتخبط الذي تقوده الحكومة وبعض نواب الامة والذي أدى إلى تفاقم الاوضاع وحالة الاحتقان التي فجرت ذلك الصراع.
د. وائل الحساوي
[email protected]