مزايدتان لم تنجحا... ومحاولات «الترقيع» لا تجدي نفعاً

«شركات أحمد الفهد»: لماذا لا يُعلن الفشل؟

تصغير
تكبير
| كتب رضا السناري |

ساهم تمديد المهلة الخاصة بمزايدة شركة مستشفيات الضمان الصحي مجدداً لأسبوعين إضافيين، بعد اقتصار العروض المقدمة من الشركات الراغبة بتنفيذ المشروع على جهة واحدة فقط، رغم قيام 7 جهات بسحب كراسة الشروط الخاصة بالمشروع، في جعل الهيكل الاقتصادي لمشاريع خطة التنمية وشركاتها المساهمة العامة مجتمعة تحت وطأة الشك في جدواها.

وفيما بلغ التقدير الرسمي للعائد على شركة الضمان الصحي 16 في المئة استأثرت التحليلات والتكهنات حول المستثمرين واعتبارات احجامهم عن المساهمة في المزايدة حتى الآن. بيد ان من الواضح ان مقاطعة القطاع الخاص للاستثمار في شركات المساهمة العامة لن تقتصر فقط على «الضمان الصحي»، اذ ان المخاوف تتزايد يوميا من اتساع دائرة الرفض في القطاع الخاص بالهيكل الاقتصادي الحكومي المحفوف بالمخاطر.

على ارض الواقع تواجه فكرة مساهمة شركات القطاع الخاص في شركات المساهمة العامة تحديات مختلفة، منها ما يتضمن هيكل المستثمر نفسه، واخرى ذات علاقة بالجدوى الاقتصادية الحقيقية.

فمن ناحية يعتقد مسؤول في الهيئة العامة للتخطيط ان اقتصار مساهمات شركات القطاع الخاص في «الضمان الصحي» على تقدم مستثمر واحد للمزايدة تعود إلى نظرة المستثمر الخاص نفسه لنسب مشاركته الممكنة في الاستثمار المطروح من قبل الدولة، معربا عن اعتقاده ان اختصار حصة المستثمر الاستراتيجي على 26 في المئة من شانها ان تقلل من معدلات التشجيع.

وإلى ذلك يدفع المسؤول عن اعتقاده بضرورة تعديل نسب مشاركة مؤسسات القطاع الخاص في شركات المساهمة العامة، دون ان يضع سقفا لذلك.

لكن المسؤول التخطيطي لا يستبعد في قراءته بشأن اسباب احجام المستثمر الخاص عن «الضمان الصحي» التحديات المالية التي تضغط على الاسواق ومكونات القطاع الخاص المالية، فالعديد من الشركات غارقة منذ فترة في مشاكلها المالية، في ما تكافح غالبيتها لاقناع مؤسسات التمويل بدعمها ائتمانيا اقله حتى تتجاوز أزمتها، في ما لا تزال الاخيرة عصية عليها بسبب ارتفاع معدلات مخاطر حاجتها مستقبلا للهيكلة.

وفي سياق متصل، يكشف المسؤول ان من المغريات التي سيطرحها مجلس الوزراء لاستقطاب شركات القطاع الخاص للاستثمار في اعادة طرح مستشفيات البيوت المنخفضة المتوقع في ديسمبر المقبل، العمل على رفع معدلات الجدوى المحققة للاستثمار، عبر زيادة نسب المساحات التجارية المقررة في المشروع.

على صعيد متصل، ترى مصادر من القطاع الخاص ان الاشكالية الاكبر في غياب القطاع الخاص عن المشاركة الفعالة في اكتتابات التنمية ترجع لظروف الشركات نفسها ومراكزها المالية الحقيقية التي قد تقلل عمليا من فرص قدرتها على المساهمة، فاذا كان الحديث عن الجدوى الاقتصادية ودورها في استقطاب المستثمر، ترى المصادر ان معدل العائد المرتقب من الاستثمار في «الضمان الصحي» مشجع، لكن ما يحد من درجة اقبال شركات المخاطر هو معدل المخاطر المرتبط بمدى قدرة الحكومة نفسها على تنفيذ تقديراتها للتنمية.

وتضيف المصادر ان في النهاية لا يوجد استثمار يقدم على طبق من فضة، ففي النهاية هناك درجة معينة من المخاطر لابد للمستثمر ان يقتنع بها، وهو ما ينطبق على استثمار «الضمان الصحي» صاحبت الجدوى الاقتصادية مقابل معدل من المخاطر يختلف المستثمرون في تقديره.

وتشير المصادر إلى ان المحدد الرئيسي لنموذج اعمال جميع الشركات في الوقت الحالي هو اولوياتها الاساسية، ومدى قدرتها على النمو العضوي في استثمارات جديدة من هذه النوعية، وتضيف ان العديد من الشركات مشغولة بهيكلة اوضاعها المالية، ومن ثم لا تجد بين اولوياتها ما يتحدث عن الدخول في استثمارات جديدة بهذا الحجم من القيمة.

وتوضح المصادر ان هناك اسبابا رئيسية اخرى لاحجام شركات القطاع الخاص، غير اولويات هذا القطاع الاستثمارية وحاجتها للهيكلة، تتعلق لجهة القطاع الخاص بمدى التزام المؤسسات المشاركة بالجدية والقدرة على التطبيق في المواعيد الزمنية وبالمواصفات المطلوبة، وهو ما تحدده الامكانات الحقيقية للشركات.

وبالنسبة للجانب الحكومي لا تزال المخاوف تسيطر على العديد من مؤسسات القطاع الخاص بشأن قدرتها على الالتزام بالجزء الذي يتعلق بها في التنمية، وتحقيقها لنسب النمو المتوقعة بما يساهم في زيادة الايرادات، فغالبية المستثمرين لديهم شكوك من قدرة الحكومة على تنفيذ مشاريعها ومن ثم لا تتحقق الايرادات المرصودة الى الحدود التي تنخفض معها الجدوى الاقتصادية.

كما ان شرط تغطية المستثمر الاستراتيجي لاي فائض محقق من الاكتتاب في حصة المواطنين، بسعر استثماره وليس بسعر اكتتاب المواطنين اعتبار اضافي يضغط على طموح شركات القطاع الخاص في تحقيق الجدوى المستهدفة.

في الملخص اذا كانت هناك اولويات لشركات القطاع الخاص تحدد مسارها تتعلق بالامكانات المالدية ودرجة اقبالها، فان هناك اعتبارات اخرى رئيسية تقود بعض الشركات، من ضمنها مدى الريادة التي تمثلها في السوق المحلي، وخططها لتكوين منظومة متكاملة في قطاعات موجوجة فيها، ويمثل التوسع الافقي فيها احد الخيارات المهمة لزيادة عوائدها الاستثمارية.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي