نحو ألق ثقافي/ كيف يحوز الكويتي... «نوبل» في الأدب؟

 u062f. u0639u0644u064a u0627u0644u0639u0646u0632u064a
د. علي العنزي
تصغير
تكبير
| د. علي العنزي |

لطالما تساءلت سؤالاً فضولياً بيني وبين نفسي: الى أي حد يستطيع المرء الافتخار بأن كاتباً كويتياً أو أكثر من أدبائنا، يمكنه أن يحصد جائزة نوبل في الأدب، مضارعاً** الأديب المصري نجيب محفوظ؟

نظرت يمنة ويسرى، وحقيقة لم أجد!

أعدت طرح السؤال بعدة صيغ، وكان أكثرها تجريدية: لماذا تضيع منا الكلمات ونحن نقرأ لأدباء العالم الثالث كالشاعر البنغالي طاغور، والمؤلف النيجيري ولي سوينكا والروائي الكولومبي ماركيز، من دون أن يكون لأدبنا أي تأثير خارجي؟!

حدثت نفسي، ربما كان من المفيد للاجابة عن هذا السؤال، التفكير بالأرضية التي انطلقت منها الكويت الحديثة!

تنفست الصعداء، متذكراً الانفتاح الفكري، الذي صاحب تدفق النفط، على الثقافات المغايرة... لكن صفوي تكدر، عندما قفز الى عقلي ارتباط الاستقلال بشكل وثيق بعروبة الكويت، وهو ما نصت عليه المادة الأولى في الدستور: «الكويت دولة عربية مستقلة ذات سيادة تامة...».

ثم بدأ القلق يساورني تدريجياً، وبدأت فجأة أهز رأسي والدهشة تعتريني، تذكرت أن فكرة العروبة لم تكن فكرة عربية أصيلة بالمرة، وأنها ارتبطت بوزير الخارجية البريطاني ادوارد غراي 1862-1933، الذي دعا علناً المعتمد البريطاني في القاهرة هنري ماكماهون 1862-1949، لتقوية نفوذ الحركات العربية. تذكرت أن خطوات غراي، تكللت بجهود رئيس وزراء مصر مصطفى النحاس لتأسيس «جامعة عربية» في غضون سنة من اعلان وزير خارجية بريطانيا أنتونى ايدين بتاريخ 29 مايو 1941، بأن حكومة صاحبة الجلالة تنظر بعين العطف لكل حركة تهدف الى تحقيق وحدة العرب!

تعكر صفو مزاجي بالطبع، وفهمت أن التخلخل الثقافي الذي صاحب ظهور النفط، ترعرع في أفق استشراف المصير «نحو وحدة الطريق العربي»... هذه العبارة الضبابية التي تقوضت على صخرة الواقع! هذه العبارة المثالية - وحدة الطريق - التي أعتقد جازما أنها تسببت في اقصاء مفاهيم الواقعية الاجتماعية والصراع الطبقي عن الأدب العربي عامة، وهي المفاهيم التي تشكل حجر الزاوية نحو الأدب العالمي.

حقيقية... لست ممن يبكون على اللبن المسكوب، وكل ما شغل ذهني هو محاولة اعادة تقييم المعايير المغلوطة التي صنعها ماضينا التليد للأدب والفن معاً.

لملمت أفكاري، في ظل التخطي الواضح لكل معطيات البيئة والصراعات الاجتماعية الكويتية، أصبح لدي اعتقاد بوجود عسف أدبي في التعاطي مع الشأن المحلي في الأدب الكويتي.

لقد شعرت دوماً بالافتتان بقدرة نجيب محفوظ على انتزع شخصياته من البيئة المصرية انتزاعاً، حيث دارت أحداث رواياته في ثلاثية القاهرة وزقاق المدق في بيئة لم تتجاوز الحواري الضيقة.

تساءلت سؤالاً أظنه وجيهاً: هل نستطيع القول ان نجيب محفوظ كاتب قاهري فقط وليس عالمياً، لأن البيئة الأساسية التي نسج بها رواياته كانت أزقة وحواري القاهرة؟!

هل نستطيع قول الشيء ذاته عن طاغور الذي تمحور أروع ما كتب من نثر وقصص قصيرة حول حياة البسطاء، وآمالهم وخيباتهم.

هل يحق لنا أن ننتقص من أدب النرويجي هنريك ابسن 1828-1906 ونتهمه باللاعالمية، لمجرد أن أهم أعماله تناولت التراكيب الاجتماعية السائدة في النرويج.

وكنتيجة... رغم أهمية الانتقال بالفكر والعقل و الوعي والنضج الثقافي.. فانه حتى يأتي ذلك اليوم الذي نقدم به أول كاتب خليجي ينال نوبل للآداب، يجب أن نعي أنه كلما ارتبط الأديب الكويتي برقعة ضيقة داخل حدود الجغرافيا الكويتية، عاكساً مرحلة من مراحل تطور حياة المجتمع، تجاوز حدود أدبه حدود الاقليم والجغرافيا المحلية... وحتى يغتني البعد العالمي لأدبنا ويخص الانسانية جمعاء، يجب أن نبدأ بقياس أدبنا بمقدار كويتيته.



كلمة جنائزية

في ايقاع كئيب، كشفت الحياة عن جوهرها برحيل ثلاثة من أعلام الفنون في الكويت، أحمد باقر، ومنصور المنصور وخليل زينل... رحمهم الله جميعاً... رحلوا وسنبقى وحدنا... الا من أعمالهم التي تضيء العتمة.



أستاذ النقد والأدب
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي