تقرير / «أبو العبد» اسم على مسمى في طرابلس المجاملات لميقاتي والعواطف... للحريري

تصغير
تكبير
| بيروت ـ من وسام أبو حرفوش |

زارت «الدولة» امس وعلى «البيسكليت» مدينة طرابلس، عاصمة شمال لبنان في يوم بيئي من دون سيارات، ونُظمت في المناسبة مجموعة من النشاطات الثقافية والفنية والبيئية، إضافة الى معاينة بعض المشاريع الحيوية في المدينة، التي يحلو للبعض وصفها بـ «العاصمة الثانية» للبنان. صودف ان «الراي» سبقت «الدولة» الى طرابلس عشية هذا اليوم «المشهود» في تاريخ المدينة، فغالباً ما يتم التلاعب بصورة «الفيحاء» وتشويهها في الاعلام الذي يتعاطى معها تارة كـ «قندهار» وتارة اخرى كـ «برميل بارود» لأسباب تتصل بالصراع السياسي في البلاد.

طرابلس المسترخية على المتوسط ما زالت تفاخر بـ «مجد غابر» يوم كانت الاقدم بين اخواتها، وهي الآن تكافح عبر مبادرات اهلية لمكافحة «وصمة العار» كونها الاكثر فقراً في لبنان، لكن لا الحنين ولا الاحلام أفقداها مكانتها كمدينة منفتحة وحيوية تضجّ أرصفتها بزحمة «افكار» وشوارعها بزحمة سير، وتشهد تزاحماً سياسياً يجعلها في عين الحدث على الدوام.

ماذا يجري في طرابلس؟... بهذا السؤال دخلنا المدينة التي قيل الكثير عنها اخيراً، لا سيما مع الكلام عن تسلل «حزب الله» الى واحد من اكثر معاقل السنّة ولاءً لـ «تيار المستقبل» بزعامة سعد الحريري وما يقال عن توزيعه السلاح على مجموعات عمل على استمالتها في إطار خطة لتقويض الحريرية في عقد دارها، بعدما كان اقصى الحريري عن السلطة وجاء بـ «ابن طرابلس» نجيب ميقاتي رئيساً للحكومة.

لم تكن هذه القضية بوابة العبور الوحيدة الى «طرابلس الشام»، فعاصمة الشمال هي الميدان شبه الوحيد الذي كسر الصمت في التضامن مع الشعب السوري منذ بدايات الازمة التي دهمت سورية، ولعل الاكثر دلالة على ذلك تلك التظاهرات التي تخرج كل يوم جمعة منددة وبمكبرات الصوت بـ «مجازر» النظام ضد شعبه.

على حافة شارع عزمي العريض في المدينة مقهى «يتحدّر» من اصول يسارية، تختزل طاولته طقوس طرابلس وحساسياتها السياسية والاجتماعية والثقافية... هنا طاولة لـ «14 آذار» وعلى مقربة منها طاولة لـ «8 آذار»، والى جانبهما طاولة لـ «الوسطيين» وأخرى لـ «المستقلين»، وجميعها متجاورة كأنها في حوار دائمٍ «وجباته» اليومية شؤون وشجون المدينة ولبنان والمنطقة.

على الطاولات وحولها أحاديث لا تخلو من المفارقات و«الطرائف»... ثمة إجماع على ان لـ «حزب الله» مجموعات في المدينة عمل على تسليحها، لكنها محدودة ومعزولة وبلا افق. والكلام الكثير عنها بدا وكأنه «تضخيم في محله» لأسباب سياسية في اطار معركة مزدوجة الهدف منها التصويب الدائم على الحزب لإصابة الرئيس ميقاتي.

ثابتتان تميزان المزاج السياسي لطرابلس: الخصومة المفتوحة مع «حزب الله» والعداء المعلن للنظام السوري. وربما لهذه الخاصية تحول «ابو العبد»، اي النائب محمد كبارة زعيماً شعبياً بلا منازع في المدينة التي تجد في صوته الصارخ تعبيراً، «بلا روتوش» عما يدور في الشارع.

لكن كان لطرابلس «حصة الاسد» في الحكومة الحالية، التي يحلو للبعض وصفها بـ «حكومة الحلاب»، و«الحلاب» هي الماركة التجارية لأشهر محال الحلويات في المدينة التي تتمثل بالحكومة بأربعة وزراء إضافة الى رئيسها (ميقاتي)، وهو الامر الذي يفترض ان يجعلها حاضنة للسلطة ورافعة لها و... تضرب بسيفها.

الصورة في المدينة تبدو معاكسة تماماً لهذا الواقع. احد الخبراء في المزاج الشعبي يختصر المشهد بالقول «إن المجاملات لميقاتي والعواطف للحريري»، ولم يكن ادل على ذلك من ان أكثر الغائبين حضوراً عن احتفال امس برعاية رئيس الجمهورية ميشال سليمان وحضور ميقاتي والوزراء كان الحريري الذي حظي بموجة عارمة من التصفيق عندما ذُكر اسمه في احد الخطب.

في انتخابات غرفة المصارف في طرابلس والشمال اخيراً كانت النتيجة مفاجئة و«صادمة» عندما حصدت لائحة «14 آذار» المدعومة من الحريري المقاعد الست مقابل صفر للائحة «8 آذار» المدعومة من ميقاتي، وهو ما شكل «عينة» لما هي عليه الحال السياسية ـ الشعبية في الشمال وعاصمته.

وصعود نجم الحريري الى سابق عهده في طرابلس ليس مرده الى فعالية ماكينته الحزبية او نتيجة لما اشيع عن الازمة المالية التي تجاوزها، بل لأن مجريات الصراع الداخلي في ضوء الحساسية المفرطة تجاه «حزب الله»، وتعاظُم الثورة ضد النظام في سورية، كرسا زعامة الحريري لهذا «الخزان السني».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي