شباب من ورق

تصغير
تكبير
| عبدالله خالد الرميحي |

لو ألقيت نظرة بسيطة على مجتمع الشباب في هذه الأيام لاختلطت عليك المشاعر لأنها كثيرة جدا.

بعد غيابي عاما كاملا عن مجتمعنا واحتكاكي بشباب من مختلف قارات العالم، شعرت بفرق كبير بعد عودتي للكويت. شعرت بأنني غريب، أصبحت أرى الأمور من منظور آخر ومن زاوية أخرى. شعرت بخيبة أمل، لمست تفاهة أينما التفت وأينما ذهبت، بعض شبابنا أصبحوا نواخذة في بحر التفاهة، من أفضل من غاص في أعماق السطحية، أدباء في اللامبالاة، نادرا ما تلمس النضج والجدية في أحدهم. اللامبالاة صفة يتم تعلمها غالبا من البيئة المحيطة في الطفولة والمراهقة، وهي من أسباب عدم النضوج. هل تريد أن تحرج شابا كويتيا؟ كل ما عليك فعله هو سؤاله هذا السؤال:

كم مرة في حياتك قرأت كتابا؟

عندما أرى لقطات من مباريات الدوري الكويتي في فترة السبعينات والثمانينات ترتسم على وجهي ابتسامة عندما أرى الجمهور والذين هم شباب الكويت، أجد بياضا على المدرجات من بياض دشاديشهم، وهذا إن دل فهو يدل على تمسكهم بهويتهم واعتزازهم بها، أما الآن فأرى كوكتيل ألوان على المدرجات و ناهيك عن تسريحات الشعر. هذه من أبسط مظاهر طمس الهوية الكويتية وعدم وعيهم بأن هذا كله متعمد.

«يا أخي ما يصير يمنعون الشورت بالوزارات... صج معقدين! يبوننا نصير متخلفين نلبس دشاديش». قالها أخونا في الله في ديوانية من الدواوين معلقا على خبر في إحدى الصحف، الذي صعقني ليس التعليق بل هز رؤوس الموجودين موافقين مؤيدين لهذا المنطق. التعليق هذا بحد ذاته جريمة! ما الذي حدث لشبابنا؟ أين الهوية الكويتية التي من أجلها سالت دماء الشهداء؟ أين الفخر بكويتيتنا وبعروبتنا؟

لو ألقيت نظرة بسيطة على مجتمع الشباب في هذه الأيام، وعندما أقول فئة الشباب أعني السواد الأعظم من الشباب والبنات، لاختلطت عليك المشاعر لأنها كثيرة جدا. فكل الصور أمامك محزنة وتجعلك في حيرة عن الدوافع والأسباب.

فئة الشباب تمثل الغالبية العظمى في مجتمعاتنا. والطريق الذي يسلكونه يمكن أن تراه بوضوح إذا ألقيت نظرة خاطفة على أحد الاجتماعات الشبابية، مناظر وتصرفات لم تكن موجودة عندنا قبلا! بل هي حديثة مستحدثة ولاشك أنها حديث الآباء والأمهات والمعلمين.

القضية ليست قضية موضة و لباس، القضية هي هوية وفكر، هناك خلل كبير عندنا في الكويت، جيل الشباب جيل غير ناضج، ومرحلة النضج عنده متأخرة، وللأسف غير مدركين أنهم في غيبوبة وبعيدون عن الواقع، يمحصون ويفحصون وينشغلون بجزئية الجزئية، ولا ينظرون للصورة الكاملة، فريسة سهلة لمن يريد أن يحدث انقساما، بل يعينون ويعاونون! شغلهم الشاغل التافه من الأمور، إلا من رحم ربك و هم قلة.

الشباب هم وحدة بناء مجتمعنا، فإذا كانت هذه الوحدات لا تحتمل، سقط مجتمعنا علينا، وسهل جدا حدوث فتن و انقسام! نحن المؤشرات والقراءات لمستقبلنا. كم أتهرب من هذه الأسئلة.

أين سنكون بعد ثلاثين سنة؟

متى سنستيقظ؟



الولايات المتحدة الاميركية

بيتسبيرج، كانساس
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي