د. حسن عبدالله عباس / ماذا لو؟

تصغير
تكبير
عاشت منطقتنا أحداثا كثيرة ومتنوعة على مدى العقود الماضية. منذ سقوط العثمانيين والشاهنشاهيين، منذ ذلك الحين ظهرت علينا الدولة القومية و«البعثية» والمذهبية والاشتراكية والرأسمالية والديموقراطية والشمولية. لكن أكثر تباين حصل بين الدولتين السلفية والشيعية، وعلى اثرهما تباينت الخطوط وتباعدت الدول وصار الوضع كما نعيشه اليوم.

لكن السؤال ماذا لو تصالح الإيرانيون والسعوديون، ما الذي يمكن أن يحصل، ما الذي يمكن أن يتغير، كيف ستتغير الأوضاع؟ ماذا لو حصل واستقرت العلاقات البينية وصاروا حبايب بدلا مما هم عليه الآن: «الاخوة الأعداء»!

لو تغيرت علاقاتهم لشكلا معاً اكبر احتياطي عالمي يمكن أن يهدد لا أميركا فحسب، بل العالم الاقتصادي برمته، ويتشكل كارتيل سلفي/شيعي جديد ويمتد ويتوسع ليشمل في مظلته دول الخليج والعراق. تكتل بالمحصلة قادر ليسيطر ويتحكم بمصير العالم (على افتراض أننا تجاوزنا الـ «ويكيليكس» بأن رقم الاحتياطيات السعودية مبالغ فيه وقبلنا بوجود 800 مليار برميل للسعودية و150 مليار للايرانيين).

لو تغيرت علاقاتهم لانتهت حقبة الحقد والكراهية والحرب الباردة، ومن ثم ستنتفي وإلى حد كبير الحاجة لبيع السلاح الأميركي على دول الخليج وخصوصا المملكة (وافق الكونغرس على أكبر صفقة مع المملكة بالتاريخ بلغ 60 مليارا)، وبدلا عن ذلك لتوجهت الميزانيات إلى تنمية الموارد البشرية والصناعية والزراعية لهذه البلدان.

لو حصل التغيير، فإلى جانب عدم الحاجة لاستنزاف اقتصادي لثروات المنطقة على الجانبين الإيراني والخليجي أو السعودي على التسلح، فإن هذا التغير سيشكل ضربة اقتصادية موجعة للمصانع العسكرية الأميركية والاوروبية وستركع بالنهاية لمطالب شعوب وإرادة أهل المنطقة، وساعتها لن يبتزنا الأميركيون أو غيرهم كل يوم بسحب المساعدات من اليونسكو أو صندوق النقد، أو القروض المباشرة أو غير المباشرة، أو غيرها، فنعيش بحرية التصرف بمواردنا وبإرادتنا.

لو تغيروا الجماعة لبدأت اسرائيل بلملمة خلاجينها ولقررت الرحيل وبدت بالتفكير بأرض أخرى غير فلسطين، ولم نعد نعاني من صداع مزمن امتد لأكثر من ستة عقود.

لو تغير الأخوة المسلمين وصَفّوا نواياهم لعاد المفكرون، ولعادت إلينا مواردنا البشرية من بقاع الأرض، ولَسَلِموا على أنفسهم وأهليهم، ولتوقفت المضايقات الطائفية والمذهبية، ولتكافأت الفرص بين فلان وفلنتان.

لو حصل وتغيروا لتخلصنا من الهمز واللمز، واتهام المواطنين بالعمالة للخارج والطابور الخامس.

لو حصل وتغيروا لكشفنا بسهولة المتطرفين والخونة، عكس الآن حيث المتطرف بعين الأول مجاهد وشهيد بعين الثاني!

لو كانوا اخوة وتصالحوا لما كانت عندنا مشكلة البحرين وسورية!

أو تدرون ماذا، لا تقولوا لو لأن «لو تفتح عمل الشيطان»!





د. حسن عبدالله عباس

كاتب كويتي

hasabba!@gmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي