لا تعطني سمكة... بل علّمني كيف اصطاد

تصغير
تكبير
| المحامي فيصل حمدان الظفيري |

مثل صيني قديم... ولكنه على لسان حال كل شاب كويتي قلق على مستقبله ومستقبل أبنائه. وقبل ذلك كله مستقبل وطنه الذي يطمح إلى أن يكون في مقدمة الدول في شتى المجالات، وليس فقط في تصدير النفط.تلك الثروة الطبيعية الآيلة إلى النضوب.

كما تعلمون، يمثل النفط بالنسبة للكويت شريان الحياة، وأي ضرر فيه يعتبر خطراً حقيقيا يهدد حياة ووجود الدولة والشعب،فمن دونه لا مال طبعاً ولا كهرباء أو ماء ولا حتى وسائل نقل كالسيارات والطائرات والناقلات البرية والبحرية.

باختصار، تعتمد دولة الكويت اعتماداً كلياً على النفط، فلا دولة ولا شعب من دون نفط إذا ما استمرت الحكومات المتعاقبة على نهج «إعطاء السمكة».

وفي هذا الصدد قمت بالبحث عن أوثق المصادر التي تحدد كمية الاحتياطي النفطي لدولة الكويت، ثم توصلت أخيراً إلى مجلة «PIW» الأسبوعية التي تصدر منذ عام 1963 وهي مجلة متخصصة في مجال الدراسات النفطية. وحسب التقرير الذي نشرته المجلة في العشرين من يناير عام 2006 فان الاحتياطي النفطي للكويت هو في الحقيقة نصف المعلن عنه رسميا من قبل الحكومة الكويتية والذي تزعم الحكومة بأنه يقدر بـ 99 مليار برميل!

وتضيف المجلة في تقريرها السالف الذكر، أنها حصلت على وثائق وبيانات من داخل شركة نفط الكويت تدل على أن الاحتياطي النفطي (المؤكد وغير المؤكد) يقدر بنحو 48 مليار برميل فقط! أي ما يقارب نصف المعلن عنه رسمياً.

أما في ما يتعلق بالسؤال الشائع متى سينضب النفط؟ فقد حصلت على العديد من التقديرات، أكثرها تفاؤلاً ترجح نضوب النفط بحلول عام 2075 وأقلها أملاً ترى أن النفط سينضب في الكويت بعد 20 عاما. أما أكثر التقديرات موضوعية فتؤكد أن النفط آيلٌ إلى النضوب بعد 30 سنة.

بعد أن تعرضنا للحقائق السابقة والتي تثير القلق والخوف في نفس من يقرأها، والتي تعلمها الحكومة الرشيدة أكثر مما نحن نعلمها، هل تم اتخاذ أي إجراءات أو استعدادات لمرحلة ما بعد النفط،أم أن الحكومة الرشيدة تتبع سياسة (أنا ومن بعدي الطوفان)؟

«لا تعطني سمكة... بل علمني كيف اصطاد». منذ أن تم اكتشاف النفط ونحن نكتفي بأن «نُعْطى سمكة» ولكن حان الوقت الذي يجب علينا ألا نكتفي فيه بأقل من أن «نتعلم كيف نصطاد».

هنالك حلول كثيرة تجنب الدولة والشعب خطر الانهيار بعد نضوب النفط، كل ما علينا فعله هو أن نترجم هذه الحلول إلى واقع طالما أن الإمكانيات متوفرة لدينا الآن. وأول هذه الحلول وأهمها هو الاستثمار البشري واستثمار العنصر البشري يتم من خلال تعليمه وإعداده ذهنياً ونفسياً وصحياً بالقدر الذي يمكنه من قيادة عجلة الإنتاج والتنمية. فالباحثون دائماً ما يؤكدون أن الإنسان هو أساس التنمية، ولنا في اليابان خير مثال. دولة ليس لديها أي موارد طبيعية تعتمد على إيراداتها، خرجت من الحرب العالمية الثانية مهزومة ولكنها رغم ذلك غزت العالم بمنتجاتها وصناعاتها المختلفة فأصبحت من اكبر الدول الصناعية المصدرة.

لم تعتمد اليابان على أي مورد طبيعي وإنما المورد الوحيد الذي اعتمدت عليه في تقدمها وكونها من الدول الخمس الأولى المصدرة هو العنصر البشري، بالإضافة إلى ذلك تؤكد النماذج الماثلة أمامنا في مجتمعاتنا العربية طبيعة العلاقة الطردية بين الإنسان والتنمية.

هنالك حلول أخرى كثيرة تجنب الدولة والشعب الخطر الذي يهددهما ويهدد وجودهما بعد نضوب النفط، أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر تنويع مصادر الطاقة واستخدام الطاقة المتجددة والبديلة كطاقة الرياح والطاقة الشمسية المتوفرة لدينا بنسب عالية،بالإضافة إلى الطاقة النووية، تخصيب التربة ودعم الزراعة، دعم الصناعات الوطنية، تخصيص مبالغ مالية للبحوث والدراسات العليا. الحلول كثيرة ومتنوعة لا يمكن حصرها، ولكنها جميعاً يمكن حصرها بكلمة واحدة (لا تعطني سمكة... بل علمني كيف اصطاد).



FaisalAlzafiri
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي