قضية تحتاج من الإنسان تغيير سلوكه

فساد الأرض وتلوّث البيئة بين القرآن الكريم والعلم الحديث

تصغير
تكبير
| كتب عبدالله متولي |

خلق الله عز وجل الانسان لاهداف وامور جلية ليست خافية على احد خاصة المتأملين في كتاب الله عز وجل، وهذه الامور تتلخص في: عبادة الله سبحانه وتعالى (وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون)، واقامة خلافة التوحيد في الأرض (إني جاعل في الأرض خليفة)، وعمارة الأرض (هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها).

ولما كان الفساد في الارض يتناقض مع عمارتها نهى الشارع عنه وحاربه محاربة شديدة.

واعتبر ان التوازن البيئي هو اساس الحياة، فقد اهتم الاسلام بحفظ النوع والسلالة في الانسان، والانعام، والاشجار، وجمع المخلوقات الحية، وهو ما يؤدي الى توازن بيئي بديع يدل على عظمة خلق السموات والارض، فاذا تدخل البشر في الابداع الكوني والتوازن الحيوي باحداث اي خلل في النظام البيئي، فانهم يخلون بهذا الميزان الإلهي.

والتلوث البيئي جزء من الفساد في الارض، وهو ضرر يطول الانسان والحيوان والنبات، ويناقض مع ما يريده الله سبحانه وتعالى من عمارة الارض، لذلك فقد حذرنا الاسلام قبل اربعة عشر قرناً مما تعاني منه البشرية اليوم من كوارث توصف بأنها (طبيعية) مع انها في الحقيقة بسبب عبث الانسان وتدخله وهذا ما اثبته العلم الحديث واقره واعترف به مع ان القرآن الكريم سبق الى ذلك وحذر منه وارشدنا الى انه اذا اردنا حياة آمنة مطمئنة فلابد لنا من فهم نظام الطبيعة ومسايرته، ولابد ان نستوعب ان تقدمنا قد يصبح انتحاراً، ولابد ايضاً ان نغير من سلوكياتنا وما بأنفسنا حتى يغير الله حالنا. وما بين القرآن الكريم وما به من اعجاز، وبين العلم الحديث الذي يكتشف يوماً بعد يوم حقائق علمية ماثلة في الكون اخبر بها القرآن الكريم قبل اكثر من اربعة عشر قرناً من الزمان، فان قضية فساد الارض وتلوث البيئة تحتاج منا الى وقفة تأمل لتعود الى الله خالقنا ومبدع الكون بنظام الهي متوازن يجب ان نحافظ عليه والا تمتد اليه ايدينا بالعبث حتى نتلافى الاخطار الناجمة عن التلوث البيئي في الجو والبحر واليابسة.



ان الحديث عن فساد الارض وتلوث البيئة يحتاج منا الى الابحار في بعض الدراسات والابحاث العلمية التي اهتمت بهذه القضية للوقوف على ما توصلت اليه من الاسباب التي ادت هذه المخاطر التي تحيط بالارض وما عليها من كائنات حية.

ثم نعود الى القرآن الكريم لنتأمل كيف تعامل مع هذه القضية عقائدياً وأخلاقياً وبيئياً.

عقد علماء البيئة اجتماعا في فرنسا (مؤتمر باريس 2 فبراير 2007)، وخرجوا بثلاث نتائج اتفق عليها أكثر من 500 عالم من مختلف دول العالم:

1 - لقد بدأت نسب التلوث تتجاوز حدودا لم يسبق لها مثيل من قبل في تاريخ البشرية، وهذا يؤدي الى افساد البيئة في البر والبحر. ففي البر هنالك فساد في التربة، وفساد في المياه الجوفية وتلوثها، وفساد في النباتات، حيث اختل التوازن النباتي على اليابسة.

وفي البحر بدأت الكتل الجليدية بالذوبان بسبب ارتفاع حرارة الجو، وبدأت الكائنات البحرية بالتضرر نتيجة ذلك. اذا هنالك فساد في البيئة وهذا ما عبر عنه أحد العلماء، يقول الدكتور جفري شانتون أحد علماء البيئة في جامعة فلوريدا:

ان غاز الكربون ازداد في الغلاف الجوي بشكل أصبح ينذر بفساد أرضنا (1). وانظر كيف يستخدم هذا العالم فعل الافساد للبيئة! وان درجة الحرارة للأرض سترتفع ثلاث درجات خلال هذا القرن ان لم تتخذ الاجراءات المناسبة.

2 - اتفق 500 عالم على ان الانسان هو المسؤول عن هذا الافساد للبيئة، ويقولون: ان الناس بسبب افراطهم وعدم مراعاتهم للتوازن البيئي الطبيعي، فالحروب والتلوث والافراط في استخدام التكنولوجيا، دون مراعاة البيئة وقوانينها، كل ذلك أدى الى تسارع في زيادة نسبة الكربون في الجو حيث تضاعفت نسبته أكثر من عشرة أضعاف منذ بداية الثورة الصناعية (أي منذ 300 سنة).

3 - وجه العلماء في نهاية اجتماعهم نداء عاجلا وانذارا لجميع دول العالم ان يتخذوا الاجراءات السريعة والمناسبة للحد من التلوث لتلافي الأخطار القادمة الناتجة عن التلوث الكبير في الجو والبحر واليابسة.

الإعجاز العلمي في آية واحدة

القرآن هو كتاب المعجزات، ففيه معجزات الهية لا تحصى، فقد تحدث القرآن الكريم في آية من آياته عن هذه النتائج الثلاثة بدقة مذهلة، يقول تعالى: (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون) (الروم: 41). فقد تضمنت هذه الآية الكريمة اشارة الى النتائج الثلاثة التي اتفق عليها العلماء اليوم وهي:

1 - (ظهر الفساد في البر والبحر) اتفق العلماء على ان الفساد في البيئة وكلمة الفساد تشمل التلوث والتغيرات المناخية وكل شيء جاوز الحد، ومن معاني الفساد (الجدب) أي التصحر، وهو ما يحدث اليوم على الأرض حيث يؤكد العلماء ان المساحة الخضراء تتقلص بفعل البشر وسوف تزداد الأراضي الجافة والمتصحرة في الأعوام القادمة بسبب زيادة التلوث. ويؤكدون أيضا ان الفساد البيئي يشمل البر والبحر، تماما كما جاء في الآية الكريمة.

2 - (بما كسبت أيدي الناس) يؤكد العلماء ان التلوث والفساد البيئي في البر والبحر انما نتج عن الانسان، فالناس هم المسؤولون عن هذا التغير البيئي الخطير، تماما كما حدثنا القرآن قبل ألف وأربع مئة سنة.

3 - (ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون) وتتضمن هذه الآية تحذيرا للناس في ان يرجعوا الى الاصلاح في الأرض وتدارك هذا الفساد البيئي الذي نتج بسبب تجاوزهم الحدود التي خلق الله الأرض عليها وان يعيدوا للغلاف الجوي توازنه ويقللوا من كمية الملوثات التي يطلقونها كل يوم والتي تقدر بملايين الأطنان!! هذا التحذير هو نفسه الذي أطلقته منظمة الأمم المتحدة قبل أيام!!

اذا الآية الكريمة تحدثت ظهور الفساد الذي يشمل البر والبحر، وقد عبر القرآن عن ذلك بكلمة (ظهر) بالماضي لان القرآن لا ينطق الا بالحق فالمستقبل بالنسبة لله تعالى هو حقيقة واقعة لا مفر منها وكأنها وقعت في الماضي وانتهى الأمر، ولذلك جاء التعبير عن هذه الحقيقة العلمية بالفعل الماضي. كذلك تحدثت الآية الكريمة عن المسؤول عن هذا الفساد البيئي وحددت الفاعل وهو الانسان، وتحدثت عن امكانية الرجوع الى العقل والمنطق والى العمل على اعادة التوازن للأرض.



رؤية جديدة

لقد دلت القياسات الاشعاعية لصخور الأرض ان عمر هذه الأرض بحدود 4.6 بليون سنة، حيث كانت الأرض في بداياتها عملاقا ملتهبا مغلفة بالصخور الملتهبة، وهناك ملايين النيازك التي تصطدم بسطحها كل يوم، لقد كانت هذه الاصطدامات بمثابة مطرقة تدق وتسوي هذه الأرض حتى أخذت شكلها الكروي.

ثم بدأت هذه الأرض بالتبرد شيئا فشيئا، وبدأ بخار الماء بالتكثف حولها في الغلاف الجوي، وبدأت الغيوم بالتشكل والأمطار بالتساقط بغزارة، مما أدى الى تبريد الأرض ونشوء البحار التي غلفت الأرض بالكامل.

ثم بدأت القشرة الأرضية بالتشكل وبدأت التشققات تظهر على هذه القشرة فشكلت ما يسمى بالألواح الأرضية، وبدأت هذه الألواح بالحركة والتصادم فيما بينها لتتشكل الجبال وتنشأ الانهار، ويظن العلماء ان الحياة بدأت على هذه الأرض قبل 3 بلايين سنة ويقول العلماء حدث انقراض مفاجئ للعديد من انواع الكائنات الحية مثل الديناصورات التي انقرضت قبل 65 مليون سنة، بعد ان أفسدت في الأرض وقامت المذابح وسفكت دماء بعضها، فنزل نيزك ضخم اخترق الغلاف الجوي للأرض وسبب الحرائق والدمار والتلوث فهلك هذا النوع من المخلوقات بالكامل.



تكرار تلوث الأرض

ان العلماء عندما درسوا تاريخ الأرض وجدوا ان الأرض في بدايات خلقها كانت ملوثة بالغازات السامة بشكل كبير، بل لم يكن الأكسجين قد ولد بعد، بل كان الغلاف الجوي عبارة عن غازات سامة وبخار ماء.

ثم وعبر ملايين السنين ونتيجة عمليات فيزيائية قدرها الله تم تنقية جو الأرض من هذه الغازات وامتلأ بالهواء النقي، وهكذا أصلح الله الأرض للحياة، أي لتكون صالحة للحياة على ظهرها.

ويخبرنا العلماء بان كمية غاز الكربون وغاز الميثان كانت أعظم بمئات المرات مما هي عليه اليوم، أي كان هناك فساد في جو الأرض وأصلحه الله من خلال خلق النباتات التي امتصت هذا الغاز لصنع غذائها، ومن خلال ذوبان جزء هذا الغاز السام في المحيطات. وبنفس الوقت خلق الله كميات هائلة من البكتريا التي تنتج الأكسجين بكميات كبيرة، واستمرت هذه العملية ملايين السنين وكانت البكتريا والنباتات بمثابة أجهزة لتنقية جو الأرض!

كانت الأرض ذات يوم ملوثة بشدة فأصلحها الله لنا، ويقول العلماء ان نسبة غاز الكربون كانت تزيد على ما هي عليه اليوم مئات المرات، ثم حدثت عمليات فيزيائية وحيوية معقدة نتج عنها الغلاف الجوي النقي، ولكن الدراسات تشير الى ازدياد نسبة غاز الكربون من جديد وتنذر بالخطر والكوارث الطبيية.



نعمة غاز الكربون

لقد اختار الله برحمته ان ينقي أرضنا من غاز الكربون السام، هذا الغاز كان في عصر من العصور يغطي الأرض بشكل كثيف، أصبحت نسبته اليوم بحدود 0.035 في المئة بكلمة أخرى في كل مئة ألف غرام هواء هناك 35 غرام من غاز الكربون.

ولو تأملنا بقية كواكب المجموعة الشمسية نلاحظ ان جوها فاسد وغير صالح للحياة، فعلى سبيل المثال تبلغ نسبة غاز الكربون على سطح المريخ 96 في المئة أما على سطح كوكب الزهرة فتبلغ نسبة هذا الغاز أكثر من 98 في المئة، وطبعا عندما نجد نسبة غاز الكربون منخفضة جدا على سطح الأرض (نسبة 35 في المئة ألف)، فهذا من رحمة الله تعالى علينا.

ويؤكد العلماء في بحث أجروه في جامعة شيكاغو ان غاز الكربون هو بحق نعمة من نعم الخالق فهو يعمل على تنظيم درجة الحرارة على سطح الأرض، وان أي تغيير في نسبة هذا الغاز سوف يسبب الكوارث والأعاصير.

نعمة الأكسجين

لماذا جعل الله نسبة الأكسجين في جو الأرض بحدود 21 في المئة؟ طبعا لان هذه النسبة هي المناسبة لاستمرار الحياة، ويقول الباحثون لو كانت نسبة الأكسجين في الغلاف الجوي أقل من 15 في المئة فان النار لن تشتعل، لان كمية الأكسجين لن تكون كافية لاتمام التفاعل. ولو كانت كمية الأكسجين أكبر من 25 في المئة سوف يحترق كل شيء على الأرض من دون شرارة فقط بسبب حرارة الشمس!

والشيء الغريب الذي يعجب منه العلماء هو ان الكائنات الدقيقة على الأرض اذا تعرضت لأشعة الشمس مباشرة فانها تموت على الفور، ولكن من رحمة الله تعالى انه زود الغلاف الجوي بطبقة من غاز الأوزون هذه الطبقة تمتص الأشعة فوق البنفسجية القادمة من الشمس، ولولا هذه الطبقة لماتت المخلوقات على الأرض منذ زمن، بل لم يكن ممكنا للحياة ان تنشأ أبدا!

طبعا قد يسأل سائل: كيف يعرف العلماء بنسبة الأكسجين أو الكربون في جو الأرض قبل ملايين السنين؟ لقد وجد العلماء أثناء أخذهم عينات من الجليد في جبال الألب مثلا، ان هذا الجليد يحوي فقاعات من الغاز، وبعد دراسة هذه الفقاعات وما تحويه من عناصر تدعى النظائر المشعة، فانهم يستطيعون من خلال كمية الاشعاع المتبقية في هذه العناصر ان يحسبوا عمر هذه الفقاعات، وكيف كان الجو السائد في ذلك الزمن.

من رحمة الله علينا انه هيأ لنا الجو المناسب لنعيش فيه على الأرض، فالأرض تملك غلافا جويا رائعا يحوي بحدود 0.03 في المئة من غاز الكربون (أي نسبة مئوية تقدر بثلاثة بالعشرة آلاف) وهذه النسبة مناسبة للحياة على الأرض، بينما نجد ان كوكب المريخ له غلاف جوي رقيق ممتلئ بغاز الكربون، وكذلك كوكب الزهرة، وهذه من النعم التي ينبغي علينا ان نشكر الله عليها.



مستقبل لا يبشر بالخير!

لقد دلت الدراسات ان نسبة غاز الكربون في الجو الآن أعلى بثلاثين في المئة من العصور السابقة، أما نسبة غاز الميثان فهي أعلى بنسبة مئة في المئة من السنوات الماضية. ونسبة غاز الكربون تزداد بمعدل واحد في المئة كل عام، وهذه الزيادة خطيرة جدا، وهذه الزيادة المتسارعة هي بسبب النشاط البشري في حرق الوقود وانتاج الطاقة. ولذلك اذا استمرت الزيادة كما هي عليه الآن، فانه خلال مئة عام ستكون نسبة غاز الكربون في الهواء أعلى من أي وقت مضى على تاريخ الأرض خلال المليون سنة الماضية.

ان زيادة نسبة غاز الكربون سوف تتسبب بتغيرات مفاجئة بالمناخ، وهذا سوف يسبب بعض الكوارث الطبيعية، وينتج عن ذلك مجاعة قد تجتاح العالم الفقير خصوصا، سوف يرتفع مستوى سطح البحر عدة أمتار بسبب ذوبان الجبال الجليدية في القارة المتجمدة الشمالية والجنوبية. وهذا سيؤدي الى غرق مدن ساحلية بأكملها نتيجة هذا الارتفاع الكبير.

ان زيادة نسبة الكربون في الجو خلال العصور السابقة للأرض كانت بفعل الظواهر الجيولوجية كالبراكين وما تقذفه من غازات، وعلى الرغم من الكميات الهائلة التي أطلقتها البراكين في ما مضى، الا انها تبقى أقل بكثير مما يطلقه البشر اليوم من ملوثات!



دورة تلوث الأرض

كما رأينا فان الدراسات الحديثة لتاريخ الأرض تدل على ان هناك دورة للغلاف الجوي للأرض، حيث كان ذات يوم مليئا بالغازات السامة، ثم انخفضت نسبة الغازات السامة تدريجيا وفق عملية دقيقة ومعقدة تم عبرها اصلاح هذا الخلل في جو الأرض ولولا هذه العمليات لم يكن للحياة ان تنشأ على الأرض.

واليوم يخبرنا العلماء ان نسبة التلوث ازدادت من جديد فنجد العلماء يطلقون الصيحات المحذرة للبشر ألا يلوثوا هذه الأرض لان ذلك سيؤدي الى الكثير من الكوارث البيئية ولذلك فقد سبق القرآن هؤلاء العلماء للاشارة الى هذه الحقيقة العلمية فأكد لنا القرآن ان الأرض كانت ذات يوم غير صالحة للحياة فأصلحها الله وأمرنا ألا نفسد فيها وان ندعو الله ليجنبنا شر الكوارث فقال تعالى: (ولا تفسدوا في الأرض بعد اصلاحها وادعوه خوفا وطمعا ان رحمة الله قريب من المحسنين) (الأعراف: 56).

فهذه الآية تضمنت عدة اشارات:

1 - الاشارة الى تجنب الافساد في الأرض وتلويثها في قوله تعالى: (ولا تفسدوا في الأرض).

2 - الاشارة الى ان الأرض كانت ذات يوم ملوثة فأصلحها الله لنا وأمرنا ألا نفسدها بعد اصلاحها في قوله تعالى: (بعد اصلاحها).

3 - الاشارة الى أهمية الدعاء في هذا العصر لان الفساد البيئي اليوم يهدد الأرض بالكوارث الطبيعية مثل الأعاصير والتسونامي والأمطار الحامضية وغير ذلك، فقال: (وادعوه خوفا وطمعا).

4 - الاشارة الى ألا نفقد الأمل في رحمة الله تعالى وان نستبشر بالخير وان الله قادر على اصلاح هذا الخلل البيئي، فقال: (ان رحمة الله قريب من المحسنين).



الانسان هو المسؤول

في مؤتمر باريس 2 الذي عقد في مطلع العام 2007 واجتمع فيه أكثر من 500 عالم من مختلف انحاء العالم خرجوا بنتائج أهمها ان الفساد البيئي والتلوث قد شمل البر والبحر وحتى البشر والنبات والحيوان، وان الانسان هو المسؤول عن هذا الافساد، وان هناك امكانية للرجوع الى النسب الطبيعية لغاز الكربون في الغلاف الجوي.

والعجيب ان القرآن لخص لنا هذه النتائج بآية واحدة فقط تشير الى ظهور هذا الفساد في البر والبحر بسبب الانسان، يقول تعالى: (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون) (الروم: 41).



ما هو الفساد؟

من معاني الفساد في القاموس المحيط هو (الجدب)، والجدب يحدث كنتيجة لانقطاع المطر أو حدوث الكوارث الطبيعية التي تفتك بالنبات والحيوان، ولذلك فان الله أمر الانسان ألا يكون سببا في تخريب جو الأرض وافساده. وهذا ما حدثنا عنه القرآن بقوله تعالى عن كل من يسعى في تخريب هذا النظام المتوازن للأرض: (واذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد) (البقرة: 205).

اذا الفساد له انواع، فساد أخلاقي وفساد بيئي، وقد نزلت هذه الآيات في زمن لم يكن لأحد علم بأنه سيأتي يوم على الأرض تكون فيه نسبة التلوث عالية جدا وتنذر بفساد جو الأرض.

الرسول يبشر بالخير!

في ظل هذه الاشارات المظلمة لمستقبل الأرض، تأتي اشارة نبوية كريمة بالأمل لنا نحن المسلمين عندما أكد لنا بان البلاد العربية وهي في معظمها صحارى سوف تعود مروجا وانهارا، يقول عليه الصلاة والسلام: (لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجا وانهارا) (رواه مسلم).

في هذا الحديث الشريف بشرى للمسلمين ان الانهار والمياه والأمطار سوف تكثر وستكون سببا في جعل هذه الصحارى مليئة بالغابات والأشجار والبحيرات، وهذا ما يؤكده العلماء في أبحاثهم حديثا. ولذلك ينبغي علينا ان نكثر من الدعاء لله تعالى وان نكثر من الاستغفار فالله تعالى يقول على لسان نبيه نوح عليه السلام: (فقلت استغفروا ربكم انه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا) (نوح: 10 - 12).



الخلاصة

من رحمة الله تعالى انه خلق لنا هذه الأرض وقد كانت ملوثة جدا فأصلحها لنا وجعلها صالحة للحياة ومريحة لنستقر عليها ونشكر نعمة الله، وأمرنا ألا نفسد فيها ونخرب هذا التوازن البيئي بعد ان أصلحه الله لنا، وأمرنا كذلك ان نكثر من الدعاء ليجنبنا شر الكوارث البيئية التي تنتظر الأرض فقال: (ولا تفسدوا في الأرض بعد اصلاحها وادعوه خوفا وطمعا ان رحمة الله قريب من المحسنين) (الأعراف: 56).

 

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي