الكثير من أسرارها لم يفصح عنه بعد
حرب أكتوبر 1973... وتغيير قوانين القتال
أسرى اسرائيل
لحظة العبور
رفع العلم المصري
لواء أ.ح. د. سمير فرج
| بقلم: لواء أ.ح. د. سمير فرج |
تمر السنون... وتتعاقب الأيام، وتتوارى الأحداث، وقد يظن البعض أنها اختفت، أو توارت... أو دخلت دائرة النسيان، لكن رغم ذلك فإن ذاكرة التاريخ لا تنسى، لأنها تظل متفاعلة... تدرس... وتحلل... بل قد يزيد بعثها من جديد... عندما تظهر حقائق، أو معلومات جديدة... فبالتالي تخرج علينا بالتحليلات، والاستنتاجات، التي قد تثري الحقائق والمعلومات التاريخية.
ولقد كانت حرب أكتوبر 1973 أحد أهم تلك الأحداث التاريخية العظيمة في العصر الحديث، التي غيرت العديد من المفاهيم، والأفكار، والتحولات السياسية، والاستراتيجية، والعسكرية... ليس فقط في الشرق الأوسط، بل إن ذلك كله أثر في العديد من مناطق الصراع في العالم كله.
ومع انتهاء أعمال القتال في حرب أكتوبر 1973... بدأت الأقلام تكتب، وبدأت وسائل الإعلام تتناول هذا الحدث... من مختلف الجوانب... وبخاصة الجوانب السياسية، والعسكرية. وفي البداية كانت الاتجاهات الأكثر وضوحا هي الاتجاهات السياسية... لأنها كانت واضحة لشهود العيان؛ فلقد تغير شكل الصراع في منطقة الشرق الأوسط... وبعد أن كانت مشكلة الشرق الأوسط جثة هامدة ورضيت القوى العظمى باستمرار هذه الحالة كما هي.. حالة اللا سلم... واللا حرب. فالقوى الكبرى لا تريد أن تتورط في نزاعات.. أو صراعات.. أو حرب لا يعلم أحد نتائجها.. خصوصا أن كل الدلائل والشواهد والتقديرات العسكرية.. تقول أن لا أمل عسكريّا أمام المصريين والسوريين في إحراز أي نصر عسكري أمام الجيش الإسرائيلي.. في أي صراع عسكري قادم.
والواقع أن القوات المسلحة المصرية... فور هزيمة 1967.. بدأت بعملية إعادة تنظيم، وتسليح الجيش المصري الذي كان قد فقد أكثر من 70 في المائة من أسلحته، ومعداته سواء في مرحلة الانسحاب في سيناء، أو على أرض المطارات عندما دمرت القوات الجوية الإسرائيلية الطائرات المصرية على الأرض في المطارات المصرية... وبدأ الجسر الجوي الجديد من الاتحاد السوفيتي... لينقل الأسلحة والمعدات السوفيتية إلى مصر... وبدأ الجيش المصري إعادة تنظيم قواته. ويجب أن نشير بالفضل الكبير لوزير الحربية الفريق محمد فوزي الذي عينه الرئيس جمال عبدالناصر بعد هزيمة 1967... وأقال المشير عبدالحكيم عامر ورجاله.. وبدأت القوات المسلحة المصرية.. تحت القيادة الصارمة للفريق فوزي... في بناء خط الدفاع الرئيس غرب قناة السويس. ويمكن إن نقول إن ذلك العمل استمر لمدة عام بعدها اطمأن الرئيس عبدالناصر... أن الدفاعات المصرية.. بتنظيمها، وتسليحها... قادرة على إدارة معركة دفاعية أمام الجيش الإسرائيلي إذا حاول اختراق قناة السويس.
وخلال هذه المدة.. حققت القوات المسلحة المصرية عددا من الأعمال.. رفعت من الروح المعنوية للمقاتل المصري، التي كان قد فقدها بعد هزيمة 67 لعل أولها... معركة رأس العش.. حين حاولت القوات الإسرائيلية شرق القناة التقدم في اتجاه مدينة بورسعيد... للاستيلاء على مدينة بورفؤاد... وتصدت للقوات الإسرائيلية المهاجمة مجموعة صغيرة من قوات الصاعقة... أوقفت تقدم القوات الإسرائيلية.. فكان هذا النصر عظيما للمصريين الذين عرفوا لأول مرة طعم النصر على القوات الإسرائيلية... في هذه الفترة قام الطيران المصري بغارة مفاجئة ضد العدو الإسرائيلي في عمق سيناء... فأعطى ذلك دفعة جديدة للجيش المصري، وتأكد أن قواته الجوية قادرة على التصدي لأسطورة جيش الدفاع الإسرائيلي... قواته الجوية... ثم جاءت الضربة القاتلة للبحرية الإسرائيلية... وهي تدمير المدمرة الإسرائيلية إيلات.. أكبر القطع البحرية الإسرائيلية... أمام سواحل مدينة بورسعيد... وطلب الإسرائيليون آنذاك... من القيادة المصرية... السماح لهم بانتشال القتلى والغرقى من الجنود الإسرائيليين... دون تدخل من القوات المصرية... في عملية إنسانية.
وسوف يتوقف تاريخ العمليات البحرية طويلا أمام عملية إغراق المدمرة إيلات... بقوارب لنشات الصواريخ المصرية... صغيرة الحجم.. فلقد بدأت مراكز الدراسات الاستراتيجية في العالم كله... وكذا مراكز البحوث في قيادات القوات البحرية في كل الدول.. في أن تدرس، وتحلل.. هذا الحدث الكبير. ولم تمض شهور قليلة... وفي المؤتمر السنوي للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن «IISS» شهد العلم العسكري البحري... تغييرا حادا في مفاهيم.. فكر تنظيم، وتسليح القوات البحرية، حيث تم الإعلان عن أن التنظيم والتسليح لأي قوات بحرية في العالم سيعتمد على الزوارق ولنشات الصواريخ السريعة... بل إن عصر بناء المدمرات وحاملات الطائرات قد انتهى... وبعدها أصبح التطوير للقطع البحرية يتركز في تطوير تلك الزوارق الصاروخية التي حقق بها المصريون هذه المعجزة، التي غيرت الفكر العسكري في العالم كله.. وبعد عام من هزيمة 1967 تقريبا أعطى الفريق محمد فوزي... التمام.. للرئيس جمال عبدالناصر... أن الخطة الدفاعية غرب القناة أصبحت جاهزة... بعدها أصدر الرئيس جمال عبدالناصر أوامره بالبدء في التخطيط للعملية الهجومية لاقتحام قناة السويس وتحرير سيناء... في هذه الأثناء بدأت حرب الاستنزاف على ضفاف قناة السويس... بين الجيشين المصري والإسرائيلي... وقام الجيش الإسرائيلي بتنفيذ الضربات والهجمات في عمق الأراضي المصرية. فقد قام بمهاجمة مدن القناة في بورسعيد، والإسماعيلية، والسويس... وقامت القيادة السياسية آنذاك بتهجير أبناء هذه المدن إلى داخل الدلتا... وأصبحت هذه المدن... سكنا للأشباح، خصوصا مدينة السويس، التي لم تسلم من نيران المدفعية الإسرائيلية.
في هذا التوقيت، بدأت القوات المصرية في التدريب على عمليات عبور الموانع المائية في أنهار دلتا النيل... بينما كانت إسرائيل تبني خط بارليف على الضفة الشرقية لقناة السويس... واستمرت حرب الاستنزاف نحو خمس سنوات... لاشك أن الجيش المصري تعلم من هذه الحرب الكثير والكثير، وأيضا استغل هذه الفترة في بناء حائط الصواريخ المضادة للطائرات... الذي أصبح بعد ذلك رمزا من رموز تطوير الفكر العسكري في العقائد المتتالية في العالم كله.. لأنه مع بدء اقتحام القوات المصرية لقناة السويس... أصدر قائد القوات الجوية الإسرائيلية أوامره للطائرات الإسرائيلية بعدم الاقتراب من قناة السويس لمسافة 15 كيلو مترا... وهو الأمر الذي أعطى حرية الحركة للقوات المسلحة المصرية أن تقتحم قناة السويس... وتدمر خط بارليف... وتنفذ أعمالها المتتالية... دون تدخل من القوات الجوية الإسرائيلية... وبالتالي حرم القوات الإسرائيلية من أن تطلب أي معاونة من قواتها الجوية... وهكذا نجح حائط الصواريخ المصرية... أن يقطع يد إسرائيل الطولى «وهي القوات الجوية» التي كانت تتغنى بها إسرائيل بعد نجاح الضربة الجوية الإسرائيلية في العام 1967.
ومع بدء تدريب القوات المصرية على عمليات العبور... ظهرت العديد من المشكلات أمام المخطط المصري... فكان ارتفاع الساتر الترابي على الضفة الشرقية لقناة السويس، حيث كانت مخرجات تطهير قاع قناة السويس يتم تجميعها على الضفة الغربية للقناة.. فأصبح ارتفاعها نحو 20 مترا... واستلزم إزالته لعمل فتحات الكباري للعبور... وهو ما فكر فيه أحد المهندسين العسكريين باستخدام المضخات المائية التي كانت تستخدم في مرحلة بناء السد العالي... كذلك كان هناك أسلوب التعامل مع أنابيب النابالم التي وضعتها إسرائيل على ضفاف القناة لتحويل مياه القناة إلى كتلة من النيران تمنع قوارب المصريين من عبور القناة.. وقد تم التخطيط لتخطي هذا العائق بأن تندفع مجموعات من الصاعقة المصرية قبل بدء الهجوم... لسد أنابيب النابالم أو تفجير خزاناتها... كما كانت نقاط خط بارليف الحصينة... إحدى المشكلات أمام المخطط المصري للهجوم... لذلك تكونت مجموعات قتال خاصة لمهاجمة كل نقطة دفاعية من نقاط خط بارليف.
ولعل مسألة اختيار يوم الهجوم.. من أقوى المفاجآت التي هزت إسرائيل، حيث اختار المصريون يوم السادس من أكتوبر... وهو يوافق عيد الغفران في إسرائيل... وهو عيد ديني تمنع فيه التحركات تماما، حيث اعتمد المخطط المصري.. على أنه فور بدء الهجوم... سيتم حرمان الجيش الإسرائيلي من تنفيذ خطة التعبئة، التي هي أساس خطة الدفاع الإسرائيلي، كما أن ذلك سوف يقلل من حجم التحركات للأسباب الدينية، كما حقق المصريون أيضا في هذه الحرب مفاجأة كبيرة تمثلت في غلق الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وظل ميناء إيلات الإسرائيلي مغلقا طوال أيام القتال، حيث قامت البحرية المصرية بقطع طرق الإمداد للبحرية الإسرائيلية في البحر الأحمر من منطقة باب المندب... بعيدا عن مدى عمل القوات الجوية، والبحرية الإسرائيلية.. التي لم يكن لها تواجد في منطقة البحر الأحمر.. وأبسط دليل على ذلك أنه عندما بدأت مباحثات الكيلو 101 بعد توقف القتال.. كان أول طلب للإسرائيليين على مائدة المفاوضات هو سماح المصريين بفتح الملاحة للسفن الإسرائيلية في البحر الأحمر.
وجاء اختيار توقيت الهجوم في الثانية ظهرا.. مفاجأة أخرى للجانب الإسرائيلي... لكن يمكن القول إنه جاء تنسيقا... بين رغبات وطلبات الجانب السوري الذي كان يرغب أن يتم الهجوم ليلا... أما القوات المصرية فكانت ترغب في بدء الهجوم نهارا للسماح بموجات العبور من المشاة من القتال نهارا حتى يمكن استغلال الليل في بناء الكباري وعبور الدبابات والمدرعات. أما أقوى مفاجآت تخطيط العملية الهجومية.. فكان اقتحام القناة بخمس فرق مشاة، حيث يتم عادة الهجوم في اتجاه، أو اتجاهين، أو حتى ثلاثة.. منها اتجاه رئيس... وقد يكون آخر معاونا... وثالث مثلا خداعيا... أو تثبيتيا... لكن جاء الهجوم المصري بخمس فرق من المشاة تهاجم في وقت واحد... لذلك وقفت الاحتياطيات الإسرائيلية عاجزة أمام هذه الاتجاهات.. وعندما قامت الاحتياطيات الإسرائيلية شرق القناة بتنفيذ الهجمات المضادة كانت ضعيفة، ومبعثرة... بعد أن فقدت أهم عناصرها، وهو القوة والحسم... وبالتالي تم هزيمتها أمام رؤوس الكباري من قبل قوات المشاة. ولعل أشهرها كان هجوم اللواء المدرع الإسرائيلي الذي تم أسر قائده عساف ياجوري.
تلك كانت لمحات سريعة عما حدث في ميادين القتال.. لكن الأهم من ذلك كله ما حدث في مراكز الدراسات الاستراتيجية، وما قام به المحللون، والمفكرون العسكريون بعد الحرب. حيث عكف الجميع على تحليل الدروس المستفادة من هذه الحرب.. وما قدمه المصريون من فكر عسكري متطور.. سواء في تطوير أساليب القتال، أو إعادة تنظيم القوات أو في حساب التوازنات العسكرية.
ولقد كان من أهم الإضافات التي حققتها حرب أكتوبر لمبادئ القتال في العقيدة الغربية هو النوعية، حيث كان الاتجاه في مقارنة القوات قبل حرب أكتوبر تعتمد على أعداد الدبابات، والمدفعية، والطائرات والغواصات، والمدمرات... ولعل أشهر هذه الدراسات ما كان يقدمه معهد الدراسات الاستراتيجية في لندن «IISS» في تقريره الشهير «التوازن العسكري Military Balance».
حيث كانت تتم المقارنة بين القوات العسكرية لكل دولة.. بحجم المعدات والأسلحة التي تمتلكها... وجاءت حرب أكتوبر لتقلب هذه الموازين تماما... فقبل حرب أكتوبر ظهر هذا التقرير ليوضح أن هناك تفوقا كاملا لإسرائيل ضد مصر وسورية ودول الطوق... وكانت هذه الحسابات لصالح إسرائيل تمامًا... وبالطبع كانت هذه المقارنات سببًا لاقتناع العديد بأن مصر لن تغامر بالحرب والهجوم على إسرائيل.
وجاءت حرب أكتوبر... وظهر عامل جديد لم يكن في هذه الحسابات.. وهو الجندي المصري الذي قال عنه شارون في مناظرة عن حرب أكتوبر معي شخصيًّا في التليفزيون البريطاني... عندما تم سؤال الجنرال شارون: من وجهة نظرك ما هي مفاجأة حرب أكتوبر... هل توقيت الهجوم الثانية ظهرا؟ هل اختيار موعد الهجوم وهو عيد الغفران في إسرائيل؟ هل الهجوم على الجبهتين السورية والمصرية في وقت واحد؟ هل؟ هل؟ ولكن شارون أجاب: المفاجأة في حرب أكتوبر كانت أن الجندي المصري الذي وجدته يحارب أمامي في العام 1973... لم يكن نفس الجندي في العام 1967 أو حتى العام 1956، فالجندي المصري العام 1973 أصبح من المؤهلات «حاملي البكالوريوس»... روحه المعنوية كانت عظيمة... إيمانه بهذه الحرب كان أقوى من حساباتنا وتوقعاتنا. وأعطى مثالا أثناء الهجوم على منطقة الدفرسوار، قال إنه كان يقود سرية دبابات مكونة من 10 دبابات إسرائيلية، ومتجهة في اتجاه الإسماعيلية، وفجأة ظهر أمامنا خمس كوماندوز مصريين «يقصد من قوات الصاعقة». ومن الطبيعي أن خمسة جنود أمام عشر دبابات يعني الموت المحقق لهم. وأضاف: لقد نجح الكوماندوز الخمسة في إصابة خمس دبابات. كما أصيب شارون في هذه المعركة وتم نقله لإسرائيل بعد ذلك... وأضاف شارون... إن هذا الجندي الذي قابلته في حرب 1973... ليس الجندي المصري الذي قابلته في حربي 1967، و1956... لذلك كانت مفاجأة هذه الحرب هي الجندي المصري، وليس غيره. وأضاف إنه يجب على إسرائيل أن تضع في اعتبارها في أي حرب آتية نوعية هذا الجندي المصري الجديد.
ومن هنا بدأت معاهد الدراسات الاستراتيجية تضيف بندًا جديدًا من حسابات القوى ومقارنة القوات... وهو حساب «النوعية القتالية»... ويقصد بها الفرد المقاتل.. وكان ذلك بسبب ما حققه المقاتل المصري في حرب 1973... وكان عاملا غائبا عن كل الحسابات والتقديرات التي بالطبع قادت إلى نتائج خاطئة.
كذلك أضافت حرب أكتوبر تغييرًا في بعض المفاهيم العسكرية الغربية، لعل أهمها تغيير مفهوم «الدفاع المتحرك Mobile Defense»... وهذا الأسلوب الدفاعي الذي كانت إسرائيل تطبقه للدفاع عن خط قناة السويس.. وهو الأسلوب الأساسي في الدفاع في العقيدة الغربية، الذي يعتمد على وجود نقاط قوية على الخط الأمامي للدفاع.. ثم تواجد احتياطيات قوية في العمق تواجه القوات المهاجمة في مناطق احتواء ومناطق قتل لتدميرها.. وجاء هجوم القوات المصرية على المواجهة بالكامل واختراقها للدفاعات الإسرائيلية، فوجدت الاحتياطيات المدرعة الإسرائيلية نفسها حائرة في العمق، لا تستطيع أن توجه أي ضربات، وتشتتت الاحتياطيات الإسرائيلية أمام المواجهة بالكامل، وخسرت معركتها... وبانتهاء الحرب بدأت قيادات حلف الناتو التفكير في تغيير أسلوب الدفاع المتحرك للخروج بنمط جديد من أشكال الدفاع المتحرك وهو «الدفاع النشط Active Defense».. وهو الشكل الجديد للنظم الدفاعية في قانون القتال الأميركي والبريطاني حاليًا... أما فرنسا فلقد لجأت إلى تطوير الدفاع المتحرك بشكل جديد هو «الدفاع المتحرك العنكبوتي»... ومما يثير الإعجاب والاحترام للقوات المسلحة المصرية أن كل هذه الأفكار الجديدة في تطوير قوانين القتال في العقيدة الغربية جاءت من خبرة قتال القوات المصرية في حرب 1973.
وفي النهاية لا يسعنا إلا أن نقول إن حرب أكتوبر 1973 قد غيرت العديد من المفاهيم في مجال الفكر العسكري العالمي... وأنه لايزال هناك الكثير مما هو موجود في الوثائق التي يحتفظ بها كل جانب... لكنها ستظل عملا عسكريًّا عظيمًا... حققته القوات المسلحة المصرية بإنجاز رائع بالتعاون مع شعب مصر العظيم.. ساندته كل الشعوب والجيوش العربية لترتفع هامات العرب كلهم بعد أعظم انتصارات العصر الحديث.
تمر السنون... وتتعاقب الأيام، وتتوارى الأحداث، وقد يظن البعض أنها اختفت، أو توارت... أو دخلت دائرة النسيان، لكن رغم ذلك فإن ذاكرة التاريخ لا تنسى، لأنها تظل متفاعلة... تدرس... وتحلل... بل قد يزيد بعثها من جديد... عندما تظهر حقائق، أو معلومات جديدة... فبالتالي تخرج علينا بالتحليلات، والاستنتاجات، التي قد تثري الحقائق والمعلومات التاريخية.
ولقد كانت حرب أكتوبر 1973 أحد أهم تلك الأحداث التاريخية العظيمة في العصر الحديث، التي غيرت العديد من المفاهيم، والأفكار، والتحولات السياسية، والاستراتيجية، والعسكرية... ليس فقط في الشرق الأوسط، بل إن ذلك كله أثر في العديد من مناطق الصراع في العالم كله.
ومع انتهاء أعمال القتال في حرب أكتوبر 1973... بدأت الأقلام تكتب، وبدأت وسائل الإعلام تتناول هذا الحدث... من مختلف الجوانب... وبخاصة الجوانب السياسية، والعسكرية. وفي البداية كانت الاتجاهات الأكثر وضوحا هي الاتجاهات السياسية... لأنها كانت واضحة لشهود العيان؛ فلقد تغير شكل الصراع في منطقة الشرق الأوسط... وبعد أن كانت مشكلة الشرق الأوسط جثة هامدة ورضيت القوى العظمى باستمرار هذه الحالة كما هي.. حالة اللا سلم... واللا حرب. فالقوى الكبرى لا تريد أن تتورط في نزاعات.. أو صراعات.. أو حرب لا يعلم أحد نتائجها.. خصوصا أن كل الدلائل والشواهد والتقديرات العسكرية.. تقول أن لا أمل عسكريّا أمام المصريين والسوريين في إحراز أي نصر عسكري أمام الجيش الإسرائيلي.. في أي صراع عسكري قادم.
والواقع أن القوات المسلحة المصرية... فور هزيمة 1967.. بدأت بعملية إعادة تنظيم، وتسليح الجيش المصري الذي كان قد فقد أكثر من 70 في المائة من أسلحته، ومعداته سواء في مرحلة الانسحاب في سيناء، أو على أرض المطارات عندما دمرت القوات الجوية الإسرائيلية الطائرات المصرية على الأرض في المطارات المصرية... وبدأ الجسر الجوي الجديد من الاتحاد السوفيتي... لينقل الأسلحة والمعدات السوفيتية إلى مصر... وبدأ الجيش المصري إعادة تنظيم قواته. ويجب أن نشير بالفضل الكبير لوزير الحربية الفريق محمد فوزي الذي عينه الرئيس جمال عبدالناصر بعد هزيمة 1967... وأقال المشير عبدالحكيم عامر ورجاله.. وبدأت القوات المسلحة المصرية.. تحت القيادة الصارمة للفريق فوزي... في بناء خط الدفاع الرئيس غرب قناة السويس. ويمكن إن نقول إن ذلك العمل استمر لمدة عام بعدها اطمأن الرئيس عبدالناصر... أن الدفاعات المصرية.. بتنظيمها، وتسليحها... قادرة على إدارة معركة دفاعية أمام الجيش الإسرائيلي إذا حاول اختراق قناة السويس.
وخلال هذه المدة.. حققت القوات المسلحة المصرية عددا من الأعمال.. رفعت من الروح المعنوية للمقاتل المصري، التي كان قد فقدها بعد هزيمة 67 لعل أولها... معركة رأس العش.. حين حاولت القوات الإسرائيلية شرق القناة التقدم في اتجاه مدينة بورسعيد... للاستيلاء على مدينة بورفؤاد... وتصدت للقوات الإسرائيلية المهاجمة مجموعة صغيرة من قوات الصاعقة... أوقفت تقدم القوات الإسرائيلية.. فكان هذا النصر عظيما للمصريين الذين عرفوا لأول مرة طعم النصر على القوات الإسرائيلية... في هذه الفترة قام الطيران المصري بغارة مفاجئة ضد العدو الإسرائيلي في عمق سيناء... فأعطى ذلك دفعة جديدة للجيش المصري، وتأكد أن قواته الجوية قادرة على التصدي لأسطورة جيش الدفاع الإسرائيلي... قواته الجوية... ثم جاءت الضربة القاتلة للبحرية الإسرائيلية... وهي تدمير المدمرة الإسرائيلية إيلات.. أكبر القطع البحرية الإسرائيلية... أمام سواحل مدينة بورسعيد... وطلب الإسرائيليون آنذاك... من القيادة المصرية... السماح لهم بانتشال القتلى والغرقى من الجنود الإسرائيليين... دون تدخل من القوات المصرية... في عملية إنسانية.
وسوف يتوقف تاريخ العمليات البحرية طويلا أمام عملية إغراق المدمرة إيلات... بقوارب لنشات الصواريخ المصرية... صغيرة الحجم.. فلقد بدأت مراكز الدراسات الاستراتيجية في العالم كله... وكذا مراكز البحوث في قيادات القوات البحرية في كل الدول.. في أن تدرس، وتحلل.. هذا الحدث الكبير. ولم تمض شهور قليلة... وفي المؤتمر السنوي للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن «IISS» شهد العلم العسكري البحري... تغييرا حادا في مفاهيم.. فكر تنظيم، وتسليح القوات البحرية، حيث تم الإعلان عن أن التنظيم والتسليح لأي قوات بحرية في العالم سيعتمد على الزوارق ولنشات الصواريخ السريعة... بل إن عصر بناء المدمرات وحاملات الطائرات قد انتهى... وبعدها أصبح التطوير للقطع البحرية يتركز في تطوير تلك الزوارق الصاروخية التي حقق بها المصريون هذه المعجزة، التي غيرت الفكر العسكري في العالم كله.. وبعد عام من هزيمة 1967 تقريبا أعطى الفريق محمد فوزي... التمام.. للرئيس جمال عبدالناصر... أن الخطة الدفاعية غرب القناة أصبحت جاهزة... بعدها أصدر الرئيس جمال عبدالناصر أوامره بالبدء في التخطيط للعملية الهجومية لاقتحام قناة السويس وتحرير سيناء... في هذه الأثناء بدأت حرب الاستنزاف على ضفاف قناة السويس... بين الجيشين المصري والإسرائيلي... وقام الجيش الإسرائيلي بتنفيذ الضربات والهجمات في عمق الأراضي المصرية. فقد قام بمهاجمة مدن القناة في بورسعيد، والإسماعيلية، والسويس... وقامت القيادة السياسية آنذاك بتهجير أبناء هذه المدن إلى داخل الدلتا... وأصبحت هذه المدن... سكنا للأشباح، خصوصا مدينة السويس، التي لم تسلم من نيران المدفعية الإسرائيلية.
في هذا التوقيت، بدأت القوات المصرية في التدريب على عمليات عبور الموانع المائية في أنهار دلتا النيل... بينما كانت إسرائيل تبني خط بارليف على الضفة الشرقية لقناة السويس... واستمرت حرب الاستنزاف نحو خمس سنوات... لاشك أن الجيش المصري تعلم من هذه الحرب الكثير والكثير، وأيضا استغل هذه الفترة في بناء حائط الصواريخ المضادة للطائرات... الذي أصبح بعد ذلك رمزا من رموز تطوير الفكر العسكري في العقائد المتتالية في العالم كله.. لأنه مع بدء اقتحام القوات المصرية لقناة السويس... أصدر قائد القوات الجوية الإسرائيلية أوامره للطائرات الإسرائيلية بعدم الاقتراب من قناة السويس لمسافة 15 كيلو مترا... وهو الأمر الذي أعطى حرية الحركة للقوات المسلحة المصرية أن تقتحم قناة السويس... وتدمر خط بارليف... وتنفذ أعمالها المتتالية... دون تدخل من القوات الجوية الإسرائيلية... وبالتالي حرم القوات الإسرائيلية من أن تطلب أي معاونة من قواتها الجوية... وهكذا نجح حائط الصواريخ المصرية... أن يقطع يد إسرائيل الطولى «وهي القوات الجوية» التي كانت تتغنى بها إسرائيل بعد نجاح الضربة الجوية الإسرائيلية في العام 1967.
ومع بدء تدريب القوات المصرية على عمليات العبور... ظهرت العديد من المشكلات أمام المخطط المصري... فكان ارتفاع الساتر الترابي على الضفة الشرقية لقناة السويس، حيث كانت مخرجات تطهير قاع قناة السويس يتم تجميعها على الضفة الغربية للقناة.. فأصبح ارتفاعها نحو 20 مترا... واستلزم إزالته لعمل فتحات الكباري للعبور... وهو ما فكر فيه أحد المهندسين العسكريين باستخدام المضخات المائية التي كانت تستخدم في مرحلة بناء السد العالي... كذلك كان هناك أسلوب التعامل مع أنابيب النابالم التي وضعتها إسرائيل على ضفاف القناة لتحويل مياه القناة إلى كتلة من النيران تمنع قوارب المصريين من عبور القناة.. وقد تم التخطيط لتخطي هذا العائق بأن تندفع مجموعات من الصاعقة المصرية قبل بدء الهجوم... لسد أنابيب النابالم أو تفجير خزاناتها... كما كانت نقاط خط بارليف الحصينة... إحدى المشكلات أمام المخطط المصري للهجوم... لذلك تكونت مجموعات قتال خاصة لمهاجمة كل نقطة دفاعية من نقاط خط بارليف.
ولعل مسألة اختيار يوم الهجوم.. من أقوى المفاجآت التي هزت إسرائيل، حيث اختار المصريون يوم السادس من أكتوبر... وهو يوافق عيد الغفران في إسرائيل... وهو عيد ديني تمنع فيه التحركات تماما، حيث اعتمد المخطط المصري.. على أنه فور بدء الهجوم... سيتم حرمان الجيش الإسرائيلي من تنفيذ خطة التعبئة، التي هي أساس خطة الدفاع الإسرائيلي، كما أن ذلك سوف يقلل من حجم التحركات للأسباب الدينية، كما حقق المصريون أيضا في هذه الحرب مفاجأة كبيرة تمثلت في غلق الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وظل ميناء إيلات الإسرائيلي مغلقا طوال أيام القتال، حيث قامت البحرية المصرية بقطع طرق الإمداد للبحرية الإسرائيلية في البحر الأحمر من منطقة باب المندب... بعيدا عن مدى عمل القوات الجوية، والبحرية الإسرائيلية.. التي لم يكن لها تواجد في منطقة البحر الأحمر.. وأبسط دليل على ذلك أنه عندما بدأت مباحثات الكيلو 101 بعد توقف القتال.. كان أول طلب للإسرائيليين على مائدة المفاوضات هو سماح المصريين بفتح الملاحة للسفن الإسرائيلية في البحر الأحمر.
وجاء اختيار توقيت الهجوم في الثانية ظهرا.. مفاجأة أخرى للجانب الإسرائيلي... لكن يمكن القول إنه جاء تنسيقا... بين رغبات وطلبات الجانب السوري الذي كان يرغب أن يتم الهجوم ليلا... أما القوات المصرية فكانت ترغب في بدء الهجوم نهارا للسماح بموجات العبور من المشاة من القتال نهارا حتى يمكن استغلال الليل في بناء الكباري وعبور الدبابات والمدرعات. أما أقوى مفاجآت تخطيط العملية الهجومية.. فكان اقتحام القناة بخمس فرق مشاة، حيث يتم عادة الهجوم في اتجاه، أو اتجاهين، أو حتى ثلاثة.. منها اتجاه رئيس... وقد يكون آخر معاونا... وثالث مثلا خداعيا... أو تثبيتيا... لكن جاء الهجوم المصري بخمس فرق من المشاة تهاجم في وقت واحد... لذلك وقفت الاحتياطيات الإسرائيلية عاجزة أمام هذه الاتجاهات.. وعندما قامت الاحتياطيات الإسرائيلية شرق القناة بتنفيذ الهجمات المضادة كانت ضعيفة، ومبعثرة... بعد أن فقدت أهم عناصرها، وهو القوة والحسم... وبالتالي تم هزيمتها أمام رؤوس الكباري من قبل قوات المشاة. ولعل أشهرها كان هجوم اللواء المدرع الإسرائيلي الذي تم أسر قائده عساف ياجوري.
تلك كانت لمحات سريعة عما حدث في ميادين القتال.. لكن الأهم من ذلك كله ما حدث في مراكز الدراسات الاستراتيجية، وما قام به المحللون، والمفكرون العسكريون بعد الحرب. حيث عكف الجميع على تحليل الدروس المستفادة من هذه الحرب.. وما قدمه المصريون من فكر عسكري متطور.. سواء في تطوير أساليب القتال، أو إعادة تنظيم القوات أو في حساب التوازنات العسكرية.
ولقد كان من أهم الإضافات التي حققتها حرب أكتوبر لمبادئ القتال في العقيدة الغربية هو النوعية، حيث كان الاتجاه في مقارنة القوات قبل حرب أكتوبر تعتمد على أعداد الدبابات، والمدفعية، والطائرات والغواصات، والمدمرات... ولعل أشهر هذه الدراسات ما كان يقدمه معهد الدراسات الاستراتيجية في لندن «IISS» في تقريره الشهير «التوازن العسكري Military Balance».
حيث كانت تتم المقارنة بين القوات العسكرية لكل دولة.. بحجم المعدات والأسلحة التي تمتلكها... وجاءت حرب أكتوبر لتقلب هذه الموازين تماما... فقبل حرب أكتوبر ظهر هذا التقرير ليوضح أن هناك تفوقا كاملا لإسرائيل ضد مصر وسورية ودول الطوق... وكانت هذه الحسابات لصالح إسرائيل تمامًا... وبالطبع كانت هذه المقارنات سببًا لاقتناع العديد بأن مصر لن تغامر بالحرب والهجوم على إسرائيل.
وجاءت حرب أكتوبر... وظهر عامل جديد لم يكن في هذه الحسابات.. وهو الجندي المصري الذي قال عنه شارون في مناظرة عن حرب أكتوبر معي شخصيًّا في التليفزيون البريطاني... عندما تم سؤال الجنرال شارون: من وجهة نظرك ما هي مفاجأة حرب أكتوبر... هل توقيت الهجوم الثانية ظهرا؟ هل اختيار موعد الهجوم وهو عيد الغفران في إسرائيل؟ هل الهجوم على الجبهتين السورية والمصرية في وقت واحد؟ هل؟ هل؟ ولكن شارون أجاب: المفاجأة في حرب أكتوبر كانت أن الجندي المصري الذي وجدته يحارب أمامي في العام 1973... لم يكن نفس الجندي في العام 1967 أو حتى العام 1956، فالجندي المصري العام 1973 أصبح من المؤهلات «حاملي البكالوريوس»... روحه المعنوية كانت عظيمة... إيمانه بهذه الحرب كان أقوى من حساباتنا وتوقعاتنا. وأعطى مثالا أثناء الهجوم على منطقة الدفرسوار، قال إنه كان يقود سرية دبابات مكونة من 10 دبابات إسرائيلية، ومتجهة في اتجاه الإسماعيلية، وفجأة ظهر أمامنا خمس كوماندوز مصريين «يقصد من قوات الصاعقة». ومن الطبيعي أن خمسة جنود أمام عشر دبابات يعني الموت المحقق لهم. وأضاف: لقد نجح الكوماندوز الخمسة في إصابة خمس دبابات. كما أصيب شارون في هذه المعركة وتم نقله لإسرائيل بعد ذلك... وأضاف شارون... إن هذا الجندي الذي قابلته في حرب 1973... ليس الجندي المصري الذي قابلته في حربي 1967، و1956... لذلك كانت مفاجأة هذه الحرب هي الجندي المصري، وليس غيره. وأضاف إنه يجب على إسرائيل أن تضع في اعتبارها في أي حرب آتية نوعية هذا الجندي المصري الجديد.
ومن هنا بدأت معاهد الدراسات الاستراتيجية تضيف بندًا جديدًا من حسابات القوى ومقارنة القوات... وهو حساب «النوعية القتالية»... ويقصد بها الفرد المقاتل.. وكان ذلك بسبب ما حققه المقاتل المصري في حرب 1973... وكان عاملا غائبا عن كل الحسابات والتقديرات التي بالطبع قادت إلى نتائج خاطئة.
كذلك أضافت حرب أكتوبر تغييرًا في بعض المفاهيم العسكرية الغربية، لعل أهمها تغيير مفهوم «الدفاع المتحرك Mobile Defense»... وهذا الأسلوب الدفاعي الذي كانت إسرائيل تطبقه للدفاع عن خط قناة السويس.. وهو الأسلوب الأساسي في الدفاع في العقيدة الغربية، الذي يعتمد على وجود نقاط قوية على الخط الأمامي للدفاع.. ثم تواجد احتياطيات قوية في العمق تواجه القوات المهاجمة في مناطق احتواء ومناطق قتل لتدميرها.. وجاء هجوم القوات المصرية على المواجهة بالكامل واختراقها للدفاعات الإسرائيلية، فوجدت الاحتياطيات المدرعة الإسرائيلية نفسها حائرة في العمق، لا تستطيع أن توجه أي ضربات، وتشتتت الاحتياطيات الإسرائيلية أمام المواجهة بالكامل، وخسرت معركتها... وبانتهاء الحرب بدأت قيادات حلف الناتو التفكير في تغيير أسلوب الدفاع المتحرك للخروج بنمط جديد من أشكال الدفاع المتحرك وهو «الدفاع النشط Active Defense».. وهو الشكل الجديد للنظم الدفاعية في قانون القتال الأميركي والبريطاني حاليًا... أما فرنسا فلقد لجأت إلى تطوير الدفاع المتحرك بشكل جديد هو «الدفاع المتحرك العنكبوتي»... ومما يثير الإعجاب والاحترام للقوات المسلحة المصرية أن كل هذه الأفكار الجديدة في تطوير قوانين القتال في العقيدة الغربية جاءت من خبرة قتال القوات المصرية في حرب 1973.
وفي النهاية لا يسعنا إلا أن نقول إن حرب أكتوبر 1973 قد غيرت العديد من المفاهيم في مجال الفكر العسكري العالمي... وأنه لايزال هناك الكثير مما هو موجود في الوثائق التي يحتفظ بها كل جانب... لكنها ستظل عملا عسكريًّا عظيمًا... حققته القوات المسلحة المصرية بإنجاز رائع بالتعاون مع شعب مصر العظيم.. ساندته كل الشعوب والجيوش العربية لترتفع هامات العرب كلهم بعد أعظم انتصارات العصر الحديث.