مقابلة / كاتبة مسلسل «قلوب صغيرة» قالت انها فضلت الهرب من سورية على الصمت

ريما فليحان لـ « الراي»: بشار يريد أن يحكم ابنه ابنائي

تصغير
تكبير
| عمان ـ «الراي» |

بدت الناشطة السياسية والاجتماعية والقاصة وكاتبة السيناريو ريما فليحان مسكونة بالتفاصيل اليومية لحياة المنتفضين في بلادها وشرعية مطالبهم.

وكانت خلال حديثها لـ «الراي» حريصة على انتقاء الكلمة والمعلومة وتعتذر عن الاجابة حين تجد فيها ما يلحق الضرر برفاقها في الثورة. «الراي» التقت فليحان، كاتبة مسلسل «القلوب الصغيرة» غداة هروبها من بلادها، بعدما اصبح بقاؤها متعذرا، مع تكثيف الاجهزة الامنية عمليات البحث عنها، لاعتقالها بعد تزايد نشاطها في الثورة، وكان معها هذا الحوار الذي يتداخل فيه العام مع الخاص:



• نتوقف بداية عند ملابسات هروبك من سورية، الذي جاء بعد تزايد ملحوظ في نشاطك السياسي، في اي السياقات تضعينه؟

- في الفترة الاخيرة، كان من الطبيعي ان يتزايد نشاطي في الثورة السورية، بعدما تعرضت للاعتقال، وقدمت الى المحاكمة، مع عدد من الفنانين والمثقفين، الامر الذي لم يحتمله النظام والاجهزة الامنية.

صدر بحقي قرار بالمنع من السفر، وصرت مهددة بالاعتقال والتصفية في اي لحظة، وجدت نفسي امام خيارين، اما الصمت خوفا مما قد يلحق بي او الهرب من البلد وخدمة الثورة من الخارج، كلا الخيارين صعب، لكنني فضلت الاستمرار في طريقي من اجل مستقبل افضل لشعبي وبلدي.

• كان لاعتقالك وبعض زملائك وقع في الداخل السوري ولدى الرأي العام العربي والعالمي ما ادى الى تعدد الروايات حول الواقعة واظهرها كحجر سقط في بركة المبدعين الراكدة قياسا بالحراك اليومي، اين بدأت فكرة التحرك؟

ـ المثقف جزء من النسيج المجتمعي، ولا يمكن ان يكون معزولا عنه، مع تزايد اعمال القمع والتنكيل استحال الصمت، وصار لا بد من تحرك يرقى الى مستوى الاحداث، التي لم تنل حقها من الوصف بعد، ظهرت لدي فكرة للتحرك، طرحتها على بعض المثقفين، لقيت قبولا وصارت فكرة مشتركة.

الفكرة تمثلت في ضرورة ايصال صوتنا الى الشارع لكي يكون على قناعة بان المثقفين الى جانبه.

بدأ تنفيذ الفكرة بانشاء صفحة على «الفيسبوك» تحت اسم «مثقفون من اجل سورية» تضمنت عددا من المطالب بينها اطلاق المعتقلين واغلاق ملف الاعتقال السياسي ووقف اعمال القتل.

قررنا فيما بعد النزول الى الشارع، اخترنا جامع الحسن في منطقة الميدان مكانا للتجمع، وقبل التحرك وجدنا انفسنا محاطين برجال الامن والشبيحة، طلب منا ضباط الامن المغادرة، لكننا اكدنا لهم حقنا الدستوري في التعبير، جرت ملاسنات بيننا وبين رجال الامن، تعرضنا انا ومي سكاف لشتائم من الشبيحة، ولم يتدخل ضباط الامن لحمايتنا.

اصرينا على حقنا في التعبير، وسألناهم عن سبب وجود الشبيحة، اعتقلونا خلال دقيقتين وانهالوا على الشباب بالضرب.

• قرب ساحة مسجد الحسن بدأت قصة الاعتقال؟

- نعم، ادخلونا الى احد الباصات التابعة للامن، وفي الباص غنينا النشيد الوطني السوري، وهتفنا للحرية.

اخذونا الى فرع الامن الجنائي، وهناك فصلوا الشباب عن البنات، اودعونا في القسم المخصص لقضايا الدعارة، ادركنا الاهانة التي يحاولون توجيهها لنا، رفضنا البقاء هناك، ونقلونا بعد 3 ساعات الى غرف عارية من كل شيء.

استمر اعتقالنا في هذه الغرف، لمدة 4 ايام، حوّلونا بعدها الى المحكمة، ونحن مقيدين بالسلاسل كالمجرمين.

• اضربتم عن الطعام، ما الذي طالبتم به، وكيف تعاملوا مع اضرابكم؟

- اضربنا عن الطعام في اليوم الاول لاعتقالنا، طالبنا بتحسين ظروفنا في السجن، جاءنا قائد شرطة دمشق لاقناعنا بانهاء الاضراب ورفضنا.

• كيف تم التعامل معكن في المحكمة؟

- اضطروا لاحالتنا الى المحكمة، بعد تظاهرات جرت لاطلاقنا، كرروا ما فعلوه في فرع الامن الجنائي، وضعونا ايضا مع متهمات بقضايا الدعارة، احداهن حاولت ايذاءنا، تحدثت اليها قليلا، وبكت، ادركت انها في جميع الاحوال ضحية للمجتمع.

• يواجه الوسط الفني السوري منذ بدء الاحتجاجات انتقادات واتهامات بالسلبية في التعاطي مع الاحداث، باعتقادك الى اي حد هذه الاتهامات محقة، وما هي الاسباب التي تحول دون تفاعل هذا الوسط الحيوي مع الحدث؟

- اسماء مهمة من هذا الوسط وقعت على بيان حول الاحداث، تم التنكيل والتشهير باصحابها، وتلقت تهديدات من جهات عليا. الخطر الممكن ان يتعرض له الفنان اكبر من الخطر الذي يمكن ان يتعرض له الكاتب او الصحافي لأنه معروف للمشاهدين والشبيحة ايضا. ولا تنسى ان هناك الشبيح الافتراضي، الذي يعمل من خلال الشبكة العنكبوتية، وهناك ايضا قسوة الصحافة.

لا يخلو الامر طبعا من فنانين ذيول للنظام وفنانين شبيحة وفنانين محترمين، لكن لهم مواقف مع النظام.

• يقال بأنك كنت وراء البيان الذي طالب بالحليب لاطفال درعا حينما كانت تحت الحصار وعرف بـ «بيان الحليب».

- الطفل الجائع في درعا استفز شعوري بأمومتي، قمت بكتابة بيان من عدة اسطر اناشد فيه الحكومة السورية السماح بادخال الحليب لاطفال درعا، عبر اي جهة كانت، لان طفل درعا لا يمكن ان يكون مندسا.

وصل عدد التواقيع على البيان الذي ارسلناه الى وزارة الصحة 1400 توقيع من بينهم فنانون كبار مثل منى واصف وريم علي ولويز عبد الكريم وكاريس بشار واخرين تعاملوا مع الموضوع بنفس انساني وتلقوا تهديدات بالقتل والايذاء وتم التعرض لسمعتهم واعراضهم.

بعد هذا البيان اصدر نجدت انزور بيانا لمقاطعة الفنانين والكتاب المطالبين بالحليب لاطفال درعا انتاجيا.

كما تعرض الفنان سلوم حداد لاعتداء في «مقهى الروضة» لمجرد انه دافع عن الموقعين على البيان.

- تعرضت شخصيا لحملة بعد ذلك البيان؟

- نالني بالطبع نصيب من حملة الاساءات التي استهدفت البيان والموقعين عليه، وجدت رسالة تهديد على شباك سيارتي، «وكالة شام برس» التي تديرها الاجهزة الامنية اتهمتني بتلقي اموال من «تلفزيون المشرق»، وفي ندوة بثها «تلفزيون الدنيا»، وصف هشام شربتجي وزهير عبدالكريم البيان بأنه من صياغة فضائية «الجزيرة»، واعتبراه جزءا من مؤامرة يحيكها ايهود باراك.

• اذا بداية الاشتباك مع النظام كانت مع الحصار الذي تعرضت له درعا وادى الى حرمان اطفالها من الحليب؟

- لا، ليس كذلك، هناك بدايات اخرى لما تسميه حالة اشتباك، تعلم انني ناشطة في مجالات المرأة والطفولة، وقبل الثورة كنت اشعر بأنهم يحاربونني، هناك طرفة حدثت معي ارددها، للدلالة على حجم هذه الضغوطات والمضايقات، ففي احدى المرات قمنا بتنظيم معرض لرسومات الاطفال في احد دور الايتام، وفوجئت بهم يسألونني عن طبيعة الرسومات التي ستـــــعرض في المـــــعرض.

• هذه احدى البدايات، ماذا عن البدايات الاخرى، التي يبدو انها اكثر عمقا؟

- عندما كنت طفلة في البكالوريا، نسبونا الى حزب البعث، وكانوا يعقدون لنا الاجتماعات، لم استطع الاستمرار، وقلت لهم ارغب بالاستقالة، وحينما رفضت التراجع قاموا بفصلي، بمعنى انهم نسبوني الى الحزب وفصلوني، لم يتركوا لي حق اختياره او مغادرته. في الاستفتاء الاخير على ولاية الاسد الاب، كانوا يجرحون اصابع المواطنين ليبصموا بالدم ويعبئون استمارات الاستفتاء نيابة عنهم، لم احتمل الموقف، صرخت بالسيدة التي كانت تقوم بالعملية وقلت لها من انت لكي تصوتي نيابة عني؟ وخرجت من دون ان اصوّت.

• لكن هناك تغييرات حدثت في زمن الاسد الابن، الم تكن مقنعة بالنسبة لك؟

- عندما تولى بشار الحكم، توقعنا منه التعددية السياسية والاصلاح، لكن ذلك لم يحدث والفساد استمر، وكذلك البيروقراطية والفقر، وتدخلات الفروع الامنية، لم نشعر بالتغيير، لم يفتح الباب امام التعددية السياسية، يريد بشار ان يبقى مثل ابيه، وان يحكم ابنه ابنائي.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي