تشهد الأسواق الكويتية مع كل مطالبة شعبية للحكومة بزيادة رواتب أو كوادر ارتفاعاً هائلاً وغير مبرر في أسعار المواد الأساسية التي تعتمد عليها الأسرة في معيشتها، بدءاً من أسعار المواد الغذائية الأساسية وحتى الكماليات على الرغم من وجود نص المادة الثانية من القانون رقم 10 لعام 1979م «يحظر العمل على ارتفاع أسعار السلع ارتفاعا مصطنعا...»، وهذا نص واضح وصريح يحظر على التاجر أن يعمل على رفع أسعار السلع دون مبرر، إلا أن التجار ضاربون بهذا القانون بعرض الحائط! لا أعلم من الذي يجر البلد إلى هذا المنزلق الاقتصادي والسياسي الكبير، لا أعلم من الأصابع التي تحرك الحياة بشكل عام بالكويت، لا أعلم من يحفظ حقوقنا كمواطنين ومستهلكين؟ كل الذي أعلمه أن ارتفاع الأسعار أصبح هاجسا يؤرق الشارع الكويتي فلا بد أن يعطى هذا الموضوع أولويات النقاش والطرح في جلسات مجلس الأمة الموقر، وأن يكون من أولويات الشعارات التي يفترض أن تحاربها وتتصدى لها جمعيات النفع العام، وأن يطرح موضوع ارتفاع الأسعار كقضية تشغل الشارع الكويتي كمادة إعلامية ويسلط عليها الأضواء من قبل وسائل الإعلام. ولكن للأسف في الكويت كل ما يشغلنا هو السياسة والمواضيع السياسية، ولذلك استغل التجار انشغال الحكومة والمجلس والشارع الكويتي بالقضايا السياسية وقاموا بزيادة أسعار منتجاتهم بشكل مبالغ فيه لدرجة وصلت إلى استنزاف راتب المواطن الكويتي الذي ينتظر من الحكومة أن تعمل شيئا تجاه هذا الجشع وهذا الغلاء لكن «أنا في واد يا ربي وحكومتي بواد».
لابد من تحرك شعبي يطالب الحكومة بتفعيل قوانين التجارة وألا تضع رقبة المواطن تحت يد التجار الذين تحركهم أطماعهم وجشعهم، ولابد أن يكون للمواطن دور لمحاربة هذه الأسعار، فكثير من القوانين ألغيت واجبروا التجار على الرضوخ عندما كان للمستهلك دور كبير في مقاطعة ومحاربة السلع التي ارتفعت أسعارها دون مبرر اقتصادي، ودورنا كمستهلكين يجب أن يكون في إعادة ترتيب أولوياتنا الاستهلاكية، وإعادة النظر في ميزانية الأسرة وأن نترك أسلوب البذخ والمبالغة بالشراء، وأن نتبع ثقافة استهلاكية جديدة في ظل سكوت الحكومة على ارتفاع الأسعار. نحن من يجب أن نحافظ على ميزانية المنزل ثابتة ولا تمسها نار الغلاء، فلو قمنا بتقليل مشترياتنا وتقنين المصروفات كما هو حاصل في كثير من مجتمعات الدول العربية والأجنبية، واتبعنا ثقافة شرائية جديدة كأن نقوم بحمل سلة في الجمعيات بدل من جر عربانه ممتلئة بسلع قد لا نحتاجها، وإن كانت ضرورية فلنشتر نوعا واحدا ونترك الآخر لهم لكي تتكدس البضائع عندهم في محلاتهم وجمعياتهم، وهذا ما قاله الخليفة عمر عندما جاء الناس إلى عمر رضي الله تعالى عنه وقالوا: «غلا اللحم فسعره لنا»، فقال: «أرخصوه أنتم»! نحن نشتكي غلاء السعر، واللحم عند الجزارين، ونحن أصحاب الحاجة، فتقول: أرخصوه أنتم! وهل نملكه حتى نرخصه؟! قالوا: «نرخصه وليس في أيدينا؟»، قال: «اتركوه لهم».
فنحن من سيقود حملة تخفيض الأسعار، نحن من بيده التغيير فالحكومة والتجارة هم المستفيدون، ونحن الطرف الخاسر بزيادة الرواتب وزيادة الأسعار.
نجاة الحشاش
كاتبة كويتية
[email protected]