انتقل إلى رحمة الله تعالى الأربعاء الماضي في أحد مستشفيات الكويت الكاتب الشهير والوزير والنائب السابق الدكتور أحمد عبدالله الربعي عن عمر يناهز 59 عاماً بعد صراع مع المرض. وبوفاة الربعي خسرت الكويت، رجلاً صال وجال في مصلحة الكويت. لقد كان رجلاً ديموقراطياً، ولديه وعي كبير، ولا يجامل على حساب مبادئه، ولم يخشَ قول كلمة الحق. لقد كانت مقالاته تغني عن مئات الكتب، وأوجز فكان رائعاً في الوصول إلى لب المشكلة بكل يسر، فككاتب تقدمي كان ذا رؤية خاصة، ولذلك كانت آراؤه ومقالاته تُنشر في صحف عدة في أنحاء العالم العربي، خصوصاً وأنه عمل لفترة كمشرف على صحيفة الشرق الأوسط في الكويت. وكان رحمه الله يشارك بشكل متكرر في العديد من البرامج الحوارية السياسية في عدد من القنوات الفضائية التلفزيونية والإذاعية. وبالإضافة إلى كونه إعلامياً بارزاً، كان أستاذاً لمادة الفلسفة في جامعة الكويت، إذ كان حاصلاً على درجة الدكتوراه من جامعة هارفارد الشهيرة.
والربعي السياسي، شغل أحد أهم وزارات الدولة، إذ كان وزيراً سابقاً للتربية والتعليم العالي، كما كان نائباً في مجلس الأمة الكويتي لدورات برلمانية عدة، في مجلس الأمة عام 1985، وكذلك عام 1992، حين عين وزيراً حتى العام 1996، ثم انتخب لعضوية مجلس الأمة مجدداً عام 1999.
كان رحمة الله عليه دمث الخلق متواضعاً. وسمعت من أحد الأصدقاء أنه قبل شهور من وفاته كان يزوره الشيخ المصري، عالم القراءات القرآنية، عبد السلام الحبوس في مستشفى مكي جمعة، إذ كان الربعي يطلب منه مراجعة حفظه للآيات القرآنية، إذ إن الربعي كان قد زار منزل الشيخ الحبوس، واتفق معه أن يلتزم معه عصر كل يوم أحد لمراجعة حفظه وإتقان التجويد في مسجد أرض المعارض. وحسب الشيخ عبدالسلام الحبوس، فإن الربعي كان عالي الهمة، جم التواضع، صابراً على البلاء، حريصاً على كتاب الله. ولا يمكن أن أنسى ما ذكره لي أحد العاملين في مطار جدة عندما توفي الربعي، إذ أشار إليّ أن أبا قتيبة صديق عزيز عليه، فسألته عن سر الصداقة؟ أجاب: «الله يرحمه لم يكن يمر شهر إلا ونراه في مطار جدة معتمراً إلى بيت الله الحرام».
رحمك الله يا دكتور اختلفنا معك فكرياً، ولكن تبقى عقلاً كان يحمل هم أمة. نعم تأخرنا في الكتابة عنك قليلاً، ولكن لا يمكن لشخص إن ينسى أو يتناسى تاريخك.
ستبقى ذكراك خالدة إن شاء الله بعملك ووطنيتك وفعلك.
ناصر ناجي النزهان
[email protected]