الأيام تترى والسنون تغدو وتروح ويبقى الإنسان في ذكراه، خالدا في فكره ومواقفه وأعماله، فإن غيب الموت أستاذنا أحمد الربعي بالأمس القريب فإن ذكراه تبقى في قلوب من عاشروه أو عملوا معه أو تتبعوا أعماله، فإنه الكاتب الذي له فكره وفلسفته، والأستاذ الذي له غاياته في تنمية طلابه وتوجيههم والعمل على صقلهم وإعدادهم ليكونوا في ركب العمل مبدعين وفي مجال التنمية مثمرين، والوزير الذي جهد على أن يصحح الهرم المقلوب حتى تكون المدرسة هي رأس الهرم التربوي. أتذكره وهو يرشد ويوجه عندما يزور المدارس في جميع مراحلها، وأكثر ما أتذكره زياراته لأبنائه من ذوي الاحتياجات الخاصة في مدارس التربية الخاصة، فهو، على مسؤولياته الجسام، كان يقف وقفات تأملية وينظر بإمعان لكتبهم ووسائلهم والطرق التي يستخدمها المربون في توجيههم، وكلمته الشهيرة عندما يدخل من قسم إلى قسم هي يعطيكم العافية ومع هذه الكلمة يبث الأمل في نفوس الطلاب وفي عيون معلميهم وهو يشد على أيديهم لمواصلة الصبر. أتذكر دكتورنا الفقيد وهو يعمل على صقل قدرات واستعدادات ذوي الاحتياجات الخاصة عندما يشجعهم في احتفالاتهم الوطنية بعبارات رقيقة وممتلئة بالحماسة، أتذكر أبا قتيبة وهو في اجتماعه مع مدراء كل المراحل في وزارة التربية عندما يؤكد على أهمية المناهج ودورها في إعداد الفرد، ويؤكد على الإصرار من أجل إعداد التلميذ إعداد متكاملا حتى ينشأ قويا، مؤكدا أن ذلك لن يتحقق ذلك إلا بمتانة التفكير التربوي السليم في مجال الإعداد والتنمية.
أتذكره وهو يقول إنني مصر على خدمة أبناء الوطن، وأنني دخلت وزارة التربية بدشداشة بيضاء وسأخرج منها بدشداشة بيضاء، أتذكر الدكتور أحمد الربعي صاحب القلب النقي والدشداشة البيضاء والإنسان الجاد والمجد في تصحيح الهرم التربوي.
يرحمك الله يا أبا قتيبة رحمة واسعة وألهم أهلك وذويك والذين تتلمذوا على يديك الصبر والسلوان.
حقاً هو الموت فاختر ما عليك ذكره... فلن يمت الإنسان ما حيي الذكر.
في أمان الله الكريم وحفظه يا أبا قتيبة.
سلطان حمود المتروك
كاتب كويتي