د. سليمان ابراهيم الخضاري / فكر وسياسة / د. حامد العجلان... لقد أسمعت لو ناديت حيا!

تصغير
تكبير
نشرت الزميلة «القبس» في عدد الأحد الماضي دراسة للصديق والأستاذ د. حامد الحمود العجلان، تطرق فيها لمخرجات النظام التعليمي في الكويت من خلال استعراض احصائية توزيع القوى العاملة الوطنية لعام 2010، تلك الاحصائية التي كشفت لنا أنه من ضمن 4491 معلماً كويتياً في التعليم الثانوي لا يوجد غير معلمَيْن اثنين للفيزياء، 21 للرياضيات، 11 للكيمياء، 5 للإنكليزية، 30 للعربية!

د. حامد تطرق في دراسته لمعالم الأزمة السياسية الضاربة بأطنابها في البلاد، والتي دارت ولا تزال ضمن أطر ومساحات معينة، لا تلتفت عادة لمشاكل وأزمات حقيقية تعاني منها الدولة على المستوى التخطيطي والاستشرافي، ما يلقي ظلالاً قاتمة على إمكانية النهوض بالبلاد في ظل مشاريع سياسية مغرقة في اللحظة الآنية، تركز فيها السلطة على مشروع الحكم على حساب مشروع الدولة، وتركز فيها المعارضة على النقد السياسي في إطاره العام، هرباً من التعرض للتفاصيل التي ستفتت لحمة المعارضة بلا شك لتضارب المشاريع والرؤى، كما ولا تعدم المعارضة فرصة لاستنزاف موارد الدولة واحتياطياتها المالية من أجل مكاسب انتخابية قصيرة النظر.

إنني أشاطر د. حامد شعوره بالأسى مما وصل له الوضع من ضياع الأولويات والتخبط المريع الذي يعاني منه متخذو القرار في مؤسسات الدولة التنفيذية، وكما لا يجب أن ننسى دور النظام البرلماني وطريقة تشكيل مجلس الأمة في المساهمة وبشكل رئيسي في تكوين مراكز قوى تتحرك وفق آليات ومشاريع تنفصل تماماً عن السياق الذي يفترض أن تسير فيه الدولة إن كانت تتمتع بقيادات تنفيذية تحكمها عقلية رجال الدولة من أصحاب التوجهات الواضحة والتي يرفدها التجربة والأسس العلمية والعملية.

لكنني، وليعذرني صديقي د. حامد، لن أشاركه دهشته من وضعنا المزري فيما يتعلق بعدم تفاعل المسؤولين أو اهتمامهم بما ورد من أرقام مفزعة في الاحصائية المذكورة، فمنذ متى سمعنا باجتماع حكمي أو برلماني يناقش مخرجات التعليم والتوفيق بين حاجات سوق العمل والطموحات الفردية للمواطن الكويتي، فمثل هذه الاجتماعات، إن عقدت، فلا تخرج عادة عما درجنا على مشاهدته من ردة فعل لضغط سياسي أو اجتماعي كالمتعلق بكوادر تقر بشكل انتقائي ودون ضوابط علمية أو مهنية محددة.

المشكلة هي أنه حتى فيما يخص القضايا التي يركز عليها سياسيونا من أصحاب الأصوات العالية، ما النتيجة التي ترتبت على ذلك، فهم وجمهورهم من أكد قبل أيام قليلة على الحقيقة المرة وهي أنه لم تتم إدانة أي مسؤول تنفيذي من أصحاب المناصب العالية على أي من قضايا الفساد المالي والسياسي الكثيرة والتي لا زال صداها يتردد لحد الآن.

أعلم أن الكثيرين محبطين، وأن كلامي قد يفهم منه التعميق من حالة الاحباط العام تلك، لكنني أظن المشكلة تكمن في أننا نحادث الجهة الخاطئة، فلا أمل يرتجى من مطالبة من هو مسؤولون عن تدهور أوضاعنا بتحسين تلك الأوضاع، ولكننا يجب أن ننطلق للحوار والتفاعل مع جيل الشباب، ذلك الجيل الذي سيدفع أكبر وأفدح الأثمان إن استمرت الأمور على ما هي عليه.

د. حامد...

استمر يا صديقي، لكن مع تعديل الجهة المخاطبة. أما السلطتان.. فـ «لقد أسمعت لو ناديت حيا... ولكن لا حياة لمن تنادي»!





د. سليمان ابراهيم الخضاري

كاتب وأكاديمي كويتي

[email protected]

Twitter: @alkhadhari
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي