د. علي عبد الله جمال / محكمة الفريج!

تصغير
تكبير

كثيراً ما تراودني هذه الأيام تلك اللقطات الفكاهية من «سكتش» محكمة الفريج والأسلوب العفوي الذي كان يصدر من خلاله قاضي المحكمة الفنان الكبير عبد الحسين عبد الرضا أحكامه على المتقاضين، والميزان المقلوب الذي كان يمسك به حاجب المحكمة الغارق في سباته العميق! فما يحدث اليوم في وطني أمر يدعوإلى الذهول أوربما «الهستيريا»!

والطريقة «الهوليوودية» التي تم من خلالها استخدام ست دوريات لإلقاء القبض على «مجرد» أستاذ جامعي وعضو سابق لمجلس الأمة لثلاث دورات «فقط» هو مجرد أمر إجرائي، وتقييد حرية عضو مجلس بلدي «منتخب» ديموقراطياً من قِبل عُشر الكويتيين، بتقسيمة دوائر البلدي العشرية، وممثل عن جميع الكويتيين، واحتجازه في أمن الدولة على ذمة التحقيق لا يتعدى كونه «روتين»، وذلك الصمت المطبق لزملائه أعضاء البلدي ما هو إلاّ تطبيق عملي لحرية التعبير! فهم بالنهاية «عيالنا» و«أهلنا»، والجهة التي قامت بإلقاء القبض والتحفظ والحبس على ذمة التحقيق هي مجرد جهة «تنفيذية» تقوم بأداء واجبها لا أكثر!

ليش زعلانين؟ أليس هؤلاء من فئة «شخصيات وطنية»، ويجب عليهم أن يتحملوا ما لا يتحمّله غيرهم من صعاب من أجل وطنهم، وأن يتقبلوا الإجراءات القانونية برحابة صدر، فهم من أقسَم على الدستور ويجب عليهم أن يحترموا جميع مواده، كما يحترمها باقي الشعب «جميعها» أوربما «بعضها»!

يا جماعة، حرية الإعلام مكفولة للجميع، ونضع عشرة خطوط تحت كلمة «الجميع»، فنحن في بلد «الحريّات»، حتى لو أدت هذه الحرية إلى جر البلاد والعباد إلى هاوية سحيقة لا يعلم مداها إلاّ الله، فهي بالنهاية حرية، ويجب عليك أن تسكت ولا ترد، فحرية الرأي مكفولة «للجميع»!

وهنا نتساءل: لماذا لم يتم تطبيق «قرار» الداخلية الأخير على مربي المواشي الذين تجمهروا أمام مجلس الأمة احتجاجاً على ارتفاع أسعار الأعلاف؟ وهل سيتم استدعاء «الخرفان» للتحقيق معهم؟ حيث أن القانون مطبق على «الجميع»!

في النهاية، وأقصد هنا نهاية المقال وليس نهاية الموضوع، فيبدو أن الموضوع «مطوِّل حبّتين»، لا أدري لماذا تذكّرت قصة البطة التي أنجبت بطّات جميلات محبوبات ناصعات البياض وبطة واحدة منبوذة، ممقوتة ومذمومة، وهي «البطة السودا»! وعشت يا وطن «الجميع».


د. علي عبد الله جمال

طبيب وكاتب كويتي

[email protected]

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي