الثورة السورية كما هي الثورة المصرية، ثورة شعبية باقتدار، ثورة لم يحركها النفس الطائفي، أو التوجه السياسي، أو الأحقاد الشخصية مع أفراد النظام الحاكم بشكل محدد، هي ثورة كل أطياف الشعب بكل فئاتهم ضد الظلم والاستبداد.
الثورة السورية لم تُرفَع فيها لافتات فئوية، ولم يستعن محركوها بقوى خارجية لإنقاذهم رغم الوحشية التي يمارسها النظام «البعثي» ضدهم، ثورة سلمية حقيقية خرجت من رحم شعب مقهور، لم يطالب في بداية تحركه إلا بالإصلاحات السياسية والمزيد من الحريات، وإذا به يواجه بالحديد والنار، والرشاشات والمدفعية، والشبيحة التي لا تبقي ولا تذر، فارتفع سقف المطالب الشعبية إلى طلب رحيل النظام بأكمله.
الثورة السورية كشفت لديَّ كثيراً من الأقنعة، التي سكتت ومازالت صامتة عما يجري في سورية، وقد تجاوز عدد الذين قضوا في ساحات الحرية ألفي شهيد، أما الجرحى والمعتقلون فهم بالآلاف، هل الدم السوري رخيص إلى هذي الدرجة عند هؤلاء القوم، أم أن مقاييسهم مختلفة؟
الثورة السورية كما الثورة المصرية لم تحركها طائفة أو دين، بينما يحاول من هم خارج سورية استثمار تلك الثورة الشعبية الخالصة ضد الظلم والاستبداد والقهر بتصويرها على أنها ثورة الطائفة السنية ضد الطائفة العلوية، رغم أن الكثير من العلويين خرجوا في المظاهرات المنددة بالنظام، كما طالب بعض المثقفين منهم كالشاعر أدونيس بالاستجابة لمطالب الجماهير الغاضبة.
الثورة السورية كما الثورة المصرية قسمت الشارع الكويتي إلى صنفين: مع وضد، ولكن في الثورة المصرية كان بعضنا متعاطفاً مع شخص الرئيس المخلوع حسني مبارك لموقفه من الحق الكويتي إبّان الغزو العراقي الغاشم، بينما وقف بعضنا، وهم قليل جداً، مع النظام السوري لمصالح شخصية.
الثورة السورية كما الثورة المصرية كشفت ألاعيب الأنظمة العربية التي تستثمر الدين لقمع الحريات، وقتل البشر، واعتقال الآلاف، من دون ذنب، إلا حجة المحافظة على النظام العام، وما أفسد النظام العام إلا تلك الممارسات الاستفزازية التي مارسها النظام «البعثي» سابقاً، وكذلك استباحته للأرواح والدماء من دون وجه حق.
ختاماً... وإلى من انتفض بشأن كلام النائب محمد هايف عندما وجّه سؤاله لأهل العلم بشأن إهدار دم السفير السوري: جميل أن تنتفضوا لحق إنسان واحد في الحياة، وكان الأولى والأجدر والأجمل أن تنتفضوا بصورة أكبر وتتحركوا بشكل أوسع لحماية حقوق الملايين من السوريين في الحياة والعيش بكرامة بعد أن أهدرها النظام «البعثي».
د.عبداللطيف الصريخ
كاتب كويتي
Twitter : @Dralsuraikh