تركي العازمي / الخوف من تطبيق القانون!

تصغير
تكبير

«يا أبت أستأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين»، هذا ما ورد في القرآن الكريم، عندما طلبت ابنة شعيب من أبيها الاستعانة بسيدنا موسى (عليه السلام).

نفهم من هذه الوصية قاعدة في غاية الأهمية سطرها لنا القرآن الكريم تطلب، على أثرها، توفر صفتي القوة والأمانة، عندما ننوي اختيار القادة لتولي الإشراف على مصالح البلد من خلال إدارتهم لمنشآت الدولة المختلفة.

إن الفساد التي تعانيه الدولة يعود أساسه إلى أن المواطن الكويتي بطبيعته خليط من قناعة نابعة من مستوى الشخصية: علمياً، اجتماعياً، وثقافياً، فحينما يتم الاختيار على مبدأ «هذا ولدنا»، أو لأي سبب مخالف للمعايير التي وردت في الآية أعلاه، وما هو مبسوط في كتب القيادة والإدارة المعاصرة تجد المواطن الموظف والمسؤول والقيادي غير مؤتمن وولاؤه يبقى لمن أوصله للوظيفة أو المنصب القيادي لا للمنشأة التي افتقدت إلى المعايير السلمية في الاختيار، ولهذا السبب وجدنا التخبط الإداري قد نشر خيوطه وأصبحنا عاجزين عن توجيه أصابع الاتهام للمتسببين في تفشي ظاهرة الفساد الإداري التي أبرزتها تقارير دولية أرجعت مستوى الدولة إلى ذيل القائمة في الشفافية ومستوى الفساد.

إن ثقافتنا المحلية عززت مفهوم الولاء الوظيفي الخاطئ منذ عقود عدة، ولو فرضنا أننا على استعداد لإعادة هيبة القانون فإن الأمر ليس مقصوراً على إزالة التجاوزات على أملاك الدولة، بل نحن بحاجة إلى إزالة التعديات على النظم الإدارية الصحيحة أولاً، وذلك من خلال تقييم عادل للأداء، تغيير في ثقافة المنشأة وغربلة شاملة لطبيعة سير العجلة الإدارية في قطاعات الدولة.

يقول الفضيل: «من خاف الله لم يضره أحد، ومن خاف غير الله لم ينفعه أحد». وهذا القول المأثور فيه دلالة على ضرورة الخوف من خالق الكون ومسير أموره.

إن ترسيخ مفهوم دولة القانون بحاجة إلى تغيير في ثقافة المجتمع لرسم صور عادلة في تطبيق القانون، واختيار الأكفاء والأقوياء من أصحاب القرار الذين لا يخشون كائناً من كان ولا يضعون أي اعتبار جانبي سواء كان اجتماعياً أو سياسياً، حينما ينتهك القانون في أي ركن من أركان المعمورة!

في دولة الكويت يظل الولاء لولي الأمر من منظور شرعي، وولي الأمر قد طالب الجميع في تطبيق القانون على الكبير قبل الصغير واقتلاع جذور الفساد الإداري...

إنه غير صحيح أن الكويت لا تمتلك الخبرات ولو «خليت خربت». ولكن هؤلاء قد تجاوزهم زملاؤهم بفضل «الواسطة» و«المحسوبية». والغريب أننا حينما نتطرق إلى هذه الآفة التي أفسدت العمل في منشآتنا يعتقد أننا غير محقين ومبالغون في الأمر، مع العلم بأن أبحاثاً عدة أثبتت حقيقة الوضع المزري الذي تمر به البلاد.

في المجتمعات الغربية توجد واسطة ومحسوبية. ولكنها تبقى واسطة محمودة على هيئة توصية لكفاءة متميزة، بينما الوضع لدينا يأتي على شكل قفزة إدارية بقوة «الواسطة» و«النفوذ» لشخص غير مؤهل علمياً وعملياً، وربما صفاته الشخصية غير مهيأة لتولي منصب قيادي، وما نجنيه حالياً إنما هو امتداد لثقافة سيئة!

إن غياب استراتيجية العمل وانعدام الإبداع الإداري والقيادي لهو المحصلة، فجميع أفراد الوطن يجب أن يكونوا سواسية أمام القانون، وهذا ما أوصى به الشرع والمشرع الدستوري بوجوب مبدأ تكافؤ الفرص من دون تمييز.

فإلى متى يبقى شعور الخوف من تطبيق القانون ماثلاً أمامنا؟ والله المستعان.


تركي العازمي


كاتب ومهندس كويتي

[email protected]

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي