خواطر وتوجيهات / نعمة القرآن الكريم

u0627u0644u062fu0643u062au0648u0631 u0639u0628u062fu0627u0644u0631u0624u0648u0641 u0627u0644u0643u0645u0627u0644u064a
الدكتور عبدالرؤوف الكمالي
تصغير
تكبير
| الدكتور عبدالرؤوف الكمالي * |

 ان من اعظم نعم الله تعالى علينا واجلها: ان انزل الله تعالى علينا كتابا عظيما, ونورا مبينا, يخرج به الناس من ظلمات الجهل والكفر والطغيان, الى نور العلم والهدى والايمان, قال تعالى: (قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين. يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات الى النور باذنه ويهديهم الى صراط مستقيم).

القرآن الكريم هو حبل الله المتين, ونوره المبين, وهو الذكر الحكيم, والصراط المستقيم, والعروة الوثقى, والمعتصم الاقوى. فيه نبأ ما قبلكم, وخبر ما بعدكم, وحكم ما بينكم. هو الفصل ليس بالهزل. من تركه من جبار [ اي: اذا تركه جبار ] قصمه الله, ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله. هو الذي لا تزيغ به الاهواء, ولا تلتبس به الالسنة, ولا تتشعب معه الآراء, ولا يشبع منه العلماء, ولا يمله الاتقياء, ولا يخلق على كثرة الرد, ولا تنقضي عجائبه, ولا تتناهى غرائبه (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد).

انه الكتاب الذي تنشرح به الصدور, وتطمئن بذكره القلوب, وتشعر النفس فيه بالسعادة والراحة, ويذهب عنها به كل قلق واضطراب, وتجد فيه جواب كل ما يجول فيها من حيرة وتساءل, ولا غرو في ذلك ولا عجب؛ فانه كلام الله سبحانه ( الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم الى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد).

فماذا عسانا ان نفعل امام هذه المنة الكبرى هذا الفضل الالهي العظيم ؟!

1 - علينا اولا: ان نقدر لهذا الكتاب العظيم قدره, فنستشعر ونستحضر انه كلام الخالق العظيم الذي ليس كمثله شيء, فنجعله حكما في ما بيننا, ومنهج حياة في شؤوننا, لا نحيد عنه ولا نعدل ولو قيد شعرة, لا في صغير ولا في كبير, ولا في عبادة ولا معاملة, ولا في دين ولا دنيا, ولا نتبع اهواء البشر وما تمليه عليهم عقولهم القاصرة, والا فقد خالفنا كتاب ربنا, وتعرضنا لعقابه وسخطه (وأن احكم بينهم بما انزل الله ولا تتبع اهواءهم واحذرهم ان يفتنوك عن بعض ما انزل الله اليك). وقال تعالى ايضا -: (افحكم الجاهلية يبغون ومن احسن من الله حكما لقوم يوقنون).

2 - ثم علينا كذلك ان نجعل هذا الكتاب العظيم انيسنا وجليسنا, فنقراه آناء الليل واطراف النهار, لا تفتر السنتنا عن اللهج بحروفه وكلماته, ولا عن ترداد سوره وآياته؛ فان لذلك فضلا عظيما واي فضل؟

عن ابن مسعود رضي الله عنه, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرا حرفا من كتاب الله فله به حسنة, والحسنة بعشر امثالها, لا اقول ( الم ) حرف, ولكن الف حرف, ولام حرف, وميم حرف» اخرجه الترمذي.

وعن ابي امامة رضي الله عنه, قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اقرؤوا القرآن؛ فانه يأتي يوم القيامة شفيعا لاصحابه» اخرجه مسلم.

وليعلم المسلم انه مأجور على قراءته ولو كانت تثقل عليه؛ فقد اخرج البخاري ومسلم, عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة [ اي: مع الملائكة في المنزلة ] , والذي يقرأ القرآن وهو عليه شاق له أجران».

3 - وحق علينا مع قراءته ان نتدبر آياته ونتأمل فيها؛ فان القرآن انما انزل من اجل التدبر والاتعاظ, قال تعالى: (كتاب انزلناه اليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر اولوا الالباب), وقال تعالى: (افلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها).

روي عن علي رضي الله عنه انه قال: لا خير في عبادة لا فقه فيها, ولا في قراءة لا تدبر فيها. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لان اقرأ البقرة وآل عمران ارتلهما واتدبرهما, احب اليّ من ان اقرأ القرآن كله هذرمة ( اي: قراءة سريعة بلا تدبر).

وانه لامر كبير وشنيع, وعمل وخيم وفظيع, ان يصل المرء بكتاب ربه الى حد هجره؛ ليدخل في شكوى النبي صلى الله عليه وسلم لربه كما ذكر الله تعالى في كتابه -: (وقال الرسول يا رب ان قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا).

فكم من مسلم يمر عليه وقت طويل وزمان مديد وهو لما يختم القرآن, وربما لم يقرأ منه شيئا, فليسال كل منا نفسه: كم يقرا من القرآن في كل يوم او في كل اسبوع او في كل شهر ؟ وهل هو ممن يحرص على ختم القرآن كله ؟ وهل هو ممن يجعل للقرآن وقتا مخصصا ونصيبا مفروضا بحيث لا يضيعه مهما كانت الاحوال ؟ (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله الا بذكر الله تطمئن القلوب). نسأل الله تعالى ان يوفقنا لقراءة كتابه والعمل به, وان يجعلنا هداة مهتدين. وصلى الله على عبده ورسوله محمد, وعلى آله وصحبه وسلم.





* أستاذ الفقه بكلية التربية الأساسية
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي