في محراب الثقافة الكويتية

وقفة / يوسف بن عيسى القناعي ... شاعر وإصلاحي

u064au0648u0633u0641 u0628u0646 u0639u064au0633u0649 u0627u0644u0642u0646u0627u0639u064a
يوسف بن عيسى القناعي
تصغير
تكبير
| كتب عبدالواحد محمد |

كتبت الثقافة الكويتية المعاصرة حروفها من ذهب بفضل مبدعيها ومؤرخيها الذين ترجموا كثيرا من الصور والقضايا الاجتماعية والعربية والعالمية لواقع عملي يؤكد قدرة العقل الكويتي** على الإبداع والتحرر من الخرافة والدجل ومسايرة العصر بوعي ومنطق منهجي ومن بين هؤلاء المجددين نصاحبكم في رحلة تاريخ!

الشيخ عبدالعزيز الرشيد مؤرخا.

الشيخ يوسف بن عيسي القناعي فقيها ومصلحا

يعود مولده لعام 1876 ميلادي لأب كان يعمل بالتجارة كما كان مالكا لسفينة ( شط العرب ) وهي من السفن الكبيرة التي كانت تستخدم في السفر ونقل السلع بين الكويت والهند وشرق أفريقيا.. والمعروف عن الشيخ يوسف القناعي أنه التحق بالكتاب لحفظ القرآن الكريم في سن مبكرة على يد الملا دخيل الجسار ثم تنقل بعد ذلك طلبا للعلم في مدينة الأحساء بالمملكة عام 1902 م وقرأ ما تيسير له من العلوم الفقهية ومنها ألفية بن مالك كما درس النحو وحفظ المتنبي والبشير في الفقه الشافعي ثم عاد مرة ثانية للكويت بعد عام تقريبا ودرس على يد علمائها من أمثال الشيخ أحمد الفارسي..ثم تنقل بين البصرة ومكة طلبا للعلم والمعرفة..

وللعلم قدسيته في حياته الثرية بالكفاح والمغامرة فقد أفتتح المدرسة المباركية عام 1921 م لتكون نواة لمنظومة تعليمية معاصرة كما ساهم في استكمال طلابه لدراستهم بالخارج وقد تحقق ذلك بإيفاد أول بعثة تعليمية للعراق سنة 1924 م كما يسجل له التاريخ مساهماته في تأسيس المكتبة الأهلية التي فتحت أبوابها للقراء عام 1923 م

الشيخ برلمانيا : سعى الشيخ القناعي إلى تأسيس مجلس للشورى في الكويت ونقلت هذه الرغبة في حينها إلى الشيخ أحمد الجابر إثر توليه مقاليد الحكم في البلاد فوافق على الاقتراح المقدم إليه وشكل مجلس من اثني عشر فاضلا من اعيان البلاد..

وكان للشيخ الجليل الدور البارز في إنشاء المجلس البلدي حيث تولدت هذه الفكرة في ذهنه إثر زيارته للبحرين عام 1929 م وكان لهذه المساعي والجهود الجبارة تأسيس البلدية عام 1347 هجري وانتخب الشيخ يوسف عضوا فيها

الشيخ القناعي قاضيا : بعد وفاة القاضي الشيخ عبدالله الخلف الدحيان تولى منصب قاضي القضاة رغم مشاغله الكثيرة وبدون أجر عرفانا منه بدور المثقف والفقيه في خدمة بلاده فرق بين عصر وعصور؟ ورجل ورجال؟

الشيخ أديبا : كما شغفه الأدب فكان له مجلس يلتقي فيه مع مثقفي عصره ليتواصلوا من خلال لغة لاتقبل مساومة بأن المثقف ضمير العصر وكان الشيخ القناعي صاحب نوادر وبصيرة جذبت إليه كل من عرفه وسمع به كما كان ينادي دوما بالإصلاح والتجديد كأحد الدعاة المؤمنين بالمعاصرة.

الشيخ مؤلفا : وللشيخ عدة مؤلفات منها ( المذكرة الفقهية ) في الاحكام الشرعية وهي رسالة مختصرة جمع فيها أمهات مسائل الفقه الإسلامي وطبعت الطبعة الأولى من كتابه في بغداد عام 1343 هجري كما يوجد له كتاب آخر معنون باسم ( الملتقطات ) حكم وفقه وأدب وطرائف وصدر الجزء الأول منه عام 1367 هجرية ثم طبع مرة ثانية عام 1965 م ومن بين كتبه ( صفحات من تاريخ الكويت ) سجل فيه تاريخ الكويت منذ نشأتها وحتى وفاة الشيخ مبارك الصباح عام 1915 م كما طبع الكتاب بمصر عام 1365 هجري

الشيخ شاعرا : كما له العديد من القصائد المنشورة في الصحف وتضم إبداعاته الشعرية ما بين مدح ورثاء وكذلك كثير من القضايا الاجتماعية.. ومن شعره

أبن لي فدتك النفس ذنبي ولا تخف

وما كان غير الحق قصدي وبغيتي

ولست نقصا علي من امرئ

يبين خلالي الناقصات وزلتي

فما المرء إلا عرضة أينما سعى

لنقص وتقصير وسهو وغفلة

على أنني ما زلت أبحث جاهدا

عن السبب المفضي لهجر الأحبة

فلم أر حقا ما يبرر هجرهم

سوى صفر كفى وهو أصل بليتي

وذاك هو الذنب العظيم إذا بدا

لدى جامع الأمرين جهل وثروة

ولو كنت ذا مال ولم تلك عالم

لقلت إذا من جهله اليوم قد أتى

ولكنني ماذا أقول وعلمكم

به كنت حقا مثل شمس منيرة

وكنت به تحمي الضعيف من الأذى

وكنت به تبني علالي الفضيلة

وكنت به ملجآ الكويت وأهلها

إذا ما الخطوب السود في القوم حلت

وهنا نرى مدى وعي الشيخ القناعي في نقل رسالته كأديب مستنير بكل شفافية مكنته فيها ثقافته العربية الأصيلة من التعبير الجيد عبر كل مواقفه مع رفاق الدرب

ومن شعره الخالد في مناجاة الخالق نطل على عالمه الخاص في نيل الرضا والعرفان بدوره فيما حققه من إنجازات كان لها أثر كبير في الكويت الماضي والحاضر والمستقبل.

أحنو إليك برأسي

تذللا وابتهالا

وأختشيك بسري

مهابة وجلالا

وذلتي لك تحلو

أما لغيرك لا لا

فأتمم جميلك ياجميل... الصفح عن ذنبي ووزري

ومن خواطره الشعرية في شهر رمضان الكريم

عليك سلام الله يا شهر إننا

رأيناك معني للزمان استندناه

وياشهر لا تبعد فأنت وسيلة

وذو قدم عند الحبيب ادخرناه

ويا شهر لا تبعد لك الخير كله

فيارب مطروح نجابك أواه

كما كان الشيخ القناعي مؤيدا لدور المرأة في بناء مجتمعها الكويتي كفقيه ومصلح من طراز فريد وهذا كان جليا في شخصيته عندما نادى من خلال الصحافة الكويتية بفتح الباب أمام المرأة لتشارك في البرلمان ومنحها حرية التعليم والزواج بإرادتها فكان رائدا بحق ومنصفا وسباقا في مجال تحرير المرأة من الجهل متأثرا بالشيخين جمال الدين الافغاني ومحمد عبده ومن دور لدور لا ينتهي نجد حياة الشيخ ثرية وحافلة بكل ما هو إصلاحي كان له كثير من الاسهامات التي غيرت شكل الحياة الكويتية حتى رحل عام 1973 م



عضو نقابة الصحافيين الإلكترونيين

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي