خواطر وتوجيهات / النجاة من النار

u0627u0644u062fu0643u062au0648u0631 u0639u0628u062fu0627u0644u0631u0624u0648u0641 u0627u0644u0643u0645u0627u0644u064a
الدكتور عبدالرؤوف الكمالي
تصغير
تكبير
| الدكتور عبدالرؤوف الكمالي * |

لو لم يكن للشاكرين من الجزاء عند الله تعالى إلا النجاةُ من النار لكفاهم ذلك؛ فمَن ذا الذي يَقوى على تحمل النار في عذابٍ أبدي لا ينتهي ولا يفنى؟!**

النار, وما أدراك ما النار؟ إذا كان الإنسان لا يطيق نار الدنيا, فكيف بنار جهنم التي قال عنها صلى الله عليه وسلم: «نارُكم: جزءٌ من سبعين جزءًا من نار جهنم». قيل: يا رسول الله: إنْ كانت لكافية, قال: «فُضِّلت عليها بتسعةٍ وستين جزءًا, كلُّهنّ مثلُ حرها» متفق عليه واللفظ للبخاري.

إذا أردتَ أخي القارئ الكريم - أن تتصور عظيمَ عذابِ الله تعالى فتذكَّرْ ذلك وأنت أمام نار الطبخ في الدنيا, بل أمامَ الماء الذي يغلي, تخيلْ أنه يراق على وجه بشر, هل له أن يتحمله ولو للحظات؟ فكيف بمن تكون النار مستقرَّهُ لا تفارقه أبدا؟

قال الله عز وجل: (وإن يستغيثوا يغاثوا بماءٍ كالمهل يشوي الوجوه بئس الشرابُ وساءت مرتفَقا).

عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألفَ زمام, مع كل زمامٍ سبعون ألفَ ملَكٍ يجرّونها» أخرجه مسلم.

عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية: (اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ), قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لو أن قطرةً من الزقوم قَطرت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الأرض معايشهم, فكيف بمن يكون طعامََه؟! » أخرجه الترمذي.

هل نعلم ما معنى الخلود؟ ذكر بعضُهم مثالاً ليقرِّب به معنى الخلود, فذكر أنه لو كان هناك طائر يأخذ في كل ألف عام حبةً من حبات الشعير التي ملأت ما بين السموات والأرض, فالسؤال الذي يطرح: هل ستنتهي هذه الحبات أو لا؟ الجواب الصحيح: أنها ستنتهي, ولكن السؤال الآخر الصعب المتعب: متى ستنتهي؟ والجواب: أن هناك أمدًا لا بد وأن تنتهي فيه؛ لأنها حباتٌ محدَّدة في النهاية, ولمن: هل تصورت هذه المدة الهائلة الطويلة التي ستنتهي فيها هذه الحبات؟ إن الخلود هو أضعاف أضعاف أضعاف هذه المدة بما لا نهاية له, فمَن ذا الذي يتحمل ذلك؟

وما الحيلةُ لأهل النار؟ (فإن يصبروا فالنار مثوىً لهم وإن يستعتِبوا فما هم من المعتبين ). إنهم يلجؤون أخيرًا إلى الاستنجادِ بمالكٍ خازنِ النار: (ونادَوْا يا مالك ليقض علينا ربك) فيُجيبهم - بعد ألف عام كما قال بعض السلف -: ( قال إنكم ماكثون. لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون ).

قال عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: لم ينزل على أهل النار آيةٌ أشدُّ مِن هذه: ( فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا ).

قال الله عز وجل: (يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه. وصاحبته وأخيه. وفصيلته التي تؤويه. ومن في الأرض جميعًا ثم ينجيه. كلا...).

وقال تعالى: (ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعًا ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون).

والله! إنَّ ما ذكرته في هذه الكلمات إنما هو حق وصدق, وجِدٌّ وواقع, ليس بالباطل ولا الكذب, ولا بالهزل ولا اللعب, فماذا يستطيع الإنسان أن يفعل لو وقع في هذا العذاب لا قدّر الله؟! أرجو من كل قلبي أن أفهم أنا ويفهم إخواني والناس جميعًا هذه الحقيقة الكبرى حتى ننجو نجاةً كاملةً من النار, ونعيش الحياة الحقيقية الهنيئة الدائمة في جنات النعيم, عند مليك مقتدر, رحمنٍ رحيم, جوادٍ كريم, فنرجع إلى الله تعالى ( ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين. ولا تجعلوا مع الله إلهًا آخَرَ إني لكم منه نذيرٌ مبين ), ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفسٌ ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ). وصلى الله على عبده ورسوله محمد, وعلى آله وصحبه وسلَّم.



* استاذ الفقه بكلية التربية الأساسية
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي