د.عبداللطيف الصريخ / زاوية مستقيمة / متلازمة الدين والسياسة

تصغير
تكبير
هناك تلازم قديم بين السياسة والدين، وأعني استغلال أهل السياسة والحكم للدين، وعلى مر التاريخ القديم والحديث، لجأ الحكام إلى أهل الدين، ليقدموا لهم أفضل خدمة، وهي ضمان استمرارهم في الحكم باسم الدين!

إن الدين، أي دين، له تأثير عظيم في النفوس، ولذا كان للمتبحرين فيه حظوة لدى الحكام، إلا من نأى بنفسه عن مجالسهم وأموالهم، فكثير من الحكام في العهود السابقة، ومازالوا للأسف، يستثمرون علاقتهم بأهل الدين، وأعني هنا العلماء منهم، لخدمة مشروعهم السياسي، بل ويستغلونه كذلك لتدجين الناس وتركيعهم للاستبداد والظلم، ما يجعلهم يفقدون الثقة بأهل الدين عموم، وهذا واقع.

لست ممن يدعو إلى فصل الدين عن الدولة، فذلك فصام نكد، ولكن أدعو أن ينفصل أهل الدين عن الظلمة من الساسة، الذين لا يقبلون إلا أنْ تُلوى عنق النصوص الشرعية خدمة لمشروعهم الاستبدادي، فهم يحاولون دائماً توظيف كل العلوم لصالح استمرارهم وبقائهم، من تاريخ وجغرافيا وأدب وعلم نفس واجتماع وإدارة بل حتى الفيزياء والكيمياء وعلوم الهندسة والطب وغيرها...

نعم الدين سياسة الدنيا، ولكن أن يوظّف الدين بشكل ممجوج لخدمة الأنظمة الحاكمة أيا كانت فذلك مرفوض جملة وتفصيلاً، وعلى الأنظمة أن تأتمر باسم الدين، لا أن تستغل العلماء لبسط سيطرتها على رقاب البشر وقوت يومهم، لأن مثل هذا الفعل يغرس في قلوب الناس بغضاً للساسة وأهل الدين، مما قد ينسحب على الدين نفسه ولا حول ولا قوة إلا بالله!

إن على المخلصين من العلماء الأعلام أن يقوموا بدورهم بالصدح بقول كلمة الحق مهما كلف ذلك، فالعلماء المزيَّفون يزينون الباطل لأهله، وكثير منهم تنخطف أبصارُهم ببريق الدنيا، فتعمى بصائرهم، وتنعقد ألسنتهم، وتنخفض أصواتهم تدريجياً كلما اقتربوا من بلاط الحكم حتى يفقدوا حناجرهم بين يديه، ويرتموا في أحضانه، ليكونوا إحدى أدوات الحكم والسيطرة.

قال تعالى «إن الحكم إلا لله».





د.عبداللطيف الصريخ

كاتب كويتي

Twitter:@Dralsuraikh
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي