عندما كنت أدرس في الولايات المتحدة الأميركية، اتفقت مع بعض الزملاء بأن نشتري خرافا من السوق ونضعها في مزرعة، ثم نحدد وقتا لذبحها داخل المزرعة، طلبت من صاحب المزرعة ان يمسك بالخروف لكي أتمكن من ذبحه، فقال لي إن ذلك مخالف للقوانين، فما كان منه إلا ان ضرب الخروف بالمطرقة على رأسه لتخديره ثم طلب مني ذبحه، وعندما جاء دور الخروف الثالث ضربه على رأسه لكنه لم يتأثر ثم ضربه الثانية ثم الثالثة، فلاحظت أن جزءا من جمجمة رأسه قد تهشمت وخرج منها الدم.
هذه القصة ذكرتني بمدى جهل الغرب بمفاهيم حقوق الحيوان والرأفة بل وجهلهم بحقوق الانسان، ولكن مشكلة الغرب هي الاعتداد بالرأي وتسفيه كل من يخالفهم، ففي الوقت الذي لا ينكرون فيه على مصارعي الثيران الذين يعذبون الحيوانات عذابا شديدا ولا ينكرون على الذين يذبحون الطيور والحيوانات بهدف المسابقة والتسلية تجدهم قد جعلوا من قضية ذبح الحيوانات ذبحا اسلاميا جريمة نكراء ووضعت بعض الدول الأوروبية تشريعات تحرمها وتعاقب من يفعلها (وهي كذلك طريقة ذبح اليهود).
لقد أثبت العلم بما لا يدع مجالا للشك بأن طريقة الذبح الاسلامي هي أرحم طريقة لتجنب تعذيب الحيوان وهي الأكثر صحية لتنظيف جسم الحيوان من الجراثيم مقارنة مع طريقة الصعق او التخدير التي يمارسونها في الذبح.
مما لاشك فيه هو ان الجلد هو أهم موضع للإحساس في الحيوان والانسان، وأن القطع المفاجئ لرقبة الحيوان في الحلقوم والمريء والأوداج تسبب للحيوان حالة وقتية من عدم الإحساس بالألم كما هو في حالة الجرح المفاجئ للإنسان، لكنها لا تلغي كامل الوعي لديه، وحالما يشعر المخ بانقطاع الأوكسجين عنه فإنه يعطي أوامر صارمة للقلب بأن يضخ له الدم فيبدأ القلب والعضلات بالانقباض السريع لتعويض نقص الدم عن المخ ما يساعد في إخراج الدم سريعا من الجسم ويعجل في موت الحيوان دون تعذيب.
أما في حالة الذبح بعد التخدير فإن جسم الحيوان يتعذب من الصعق كما انه لا يستطيع التخلص من جميع الدم، وهي غاية في نفس بياعي اللحوم لكنها تتسبب في إبقاء الكثير من البكتيريا والجراثيم في جسم الحيوان.
ومن رحمة الاسلام بالحيوان ان اشترط ان تكون اداة الذبح حادة وأن يريح ذبيحته، وقد كان الواجب أن تكون هذه هي الطريقة المعتمدة لجميع شعوب العالم، لكن مخالفة الفطرة قد أصبحت هي السمة الدائمة لتلك الشعوب.
يقول الله تعالى: «ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير».
د. وائل الحساوي
[email protected]