تركي العازمي / شخبطة إدارية!

تصغير
تكبير

الحياة مدرسة إدارية يتخرج منها العاقل والسفيه وتجد بين طلابها من لا يفقه جانب أبجديات المواطنة والولاء للوطن عند أدائهم لمهام الوظيفة التي من شأنها تحسين الأوضاع، وقس عليها باقي الوظائف بما فيها الاجتماعية التي يعتبر صلاح المجتمع من صلاحها!

القصد من سرد هذه الديباجة البسيطة هو تذكير بما يحدث على أرض الواقع في المدرسة الكويتية التي خرجت رجالاً وضعوا الدستور الكويتي وكانت آثارهم باقية لمن مازال يحتكم للعقل والمنطق الوطني السليم.

خرجت لنا قضية الفساد الإداري ومسألة زيادة الرواتب وكارثة الغلاء المعيشي ولم تحل الأمور بمنهجية عادلة في التعامل حسب ما رسخته المدرسة الكويتية... وقد ظلم الشعب في مواضع عدة بسبب غياب الاستراتيجية الواضحة المعالم، والتي لم يقدمها مسؤولو الحكومة بعد، ولم تجد المساندة الكافية من قبل نواب الأمة وغيرهم من المعنيين بالأمر، ولو تعمقنا في حيثيات كل قضية لوجدناها فاقدة لمفهوم المسؤولية الإدارية كون كل قضية تشارك فيها قطاعات عدة لا يعمل فريقها ضمن فريق واحد... وكل يصرح من جهته! فلو أتيت برجل أمي وأوقفته أمام لوحة لفنان تشكيلي وطلبت منه وصفها لبادرك بالرد: هذه شخبطة!

إن ما يحدث هنا أشبه بشخبطة إدارية قد تكون لراسمها أفكار خيالية غير  منسجمة مع ثقافة الأطراف الأخرى، ومفاهيم غير مدرجة في مخيلة متلقيها. وهنا نجد المعضلة الحقيقية التي نواجهها... إنها سلوكيات فردية أصحابها لا يتسمون بالصفة القيادية الصحيحة!

القضايا أسبابها إدارية عكرت صفو العلاقة بين أطياف المجتمع وواجب على كل مواطن كويتي معرفتها والإيمان بها قبل أن يدخل إلى مدرسة الحياة الكويتية التي تبدأ بحصوله على وظيفته القيادية وغير القيادية، إضافة إلى الاجتماعية التي تنطلق من رب الأسرة.

إننا نختلف وسر الاختلاف ناجم عن اختلاف الأيديولوجيات وطريقة التعامل، وهذا أمر طبيعي. ولكن حينما يستمر الاختلاف وتظهر لنا الأزمة تلو الأخرى يكون عندها الأمر غير طبيعي، ويتطلب المعالجة الفورية من قبل العقلاء، كي لا يستفحل الأمر ويصل إلى حد الأزمة التي تؤثر على البيئة الإدارية التي رسخ مفاهيمها الرعيل الأول.

إنني أشعر بغصة وألم دفعني إلى عدم التطرق إلى قضايا كثيرة أقامت المجتمع الكويتي ولم تقعده، رغم إيماني الكامل بأن ما حصل قد تجاوز الأعراف الإدارية والاجتماعية ويتطلب ردة فعل قوية مع كامل التقدير للجميع من قياديين وغيرهم! إننا أمام مفترق طرق فإما أن نقف متعاضدين في وجه كل ما من شأن زعزعة الأمن الوظيفي، الاجتماعي والغذائي وفرض حالة الرخاء على كل من يعيش على هذه الأرض الطيبة وإلا فان الأزمات ستستمر.

السؤال المطروح هو: هل اختلفت المناهج الإدارية في مدرسة الحياة الكويتية؟ أم أن الزمن قد أوجب علينا التغيير لنواكب متغيرات الزمن الحاضر، شريطة ألا يمس التغيير العادات والتقاليد التي جبل عليها أهل الكويت وعدم تعميم الخطأ.

إننا بحاجة إلى أرضية خصبة للتعامل مع القضايا المطروحة بين الجهتين التشريعية والتنفيذية يتم من خلالها معرفة حاجة الشعب الفعلية ومحاربة كل قيادي أو أي فرد من أفراد المجتمع قد اختل توازن فكره وانساق وراء عواطف هدامة قد يراها من منظوره الشخصي عادية!

ليعود إلينا شعورنا الوطني اتجاه المنظومة الإدارية وكيفية اختيار القيادات الصالحة كما كان، ومن يدفع نحو استمرارية الفساد بأنواعه كلها بحاجة إلى من يوقظه من سبات نومه وغفلته من خلال قانون لا تدخل العاطفة طرفاً فيه عند التطبيق، ويجب أن نبدأ بالكبير ثم الصغير. عندما نطبق القانون على الكبير فلا شك أن الصغير سيتقبل الوضع ويقوم من تلقاء نفسه بالعودة إلى النهج الإداري السليم الذي نص عليه القانون.

إننا بصدد البحث عن هويتنا الحقيقية في التعامل مع قضايانا بشكل قويم يأخذ من القانون سنداً: فمتى نستيقظ؟ الله المستعان.


تركي العازمي


كاتب ومهندس كويتي

[email protected]

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي