محمد سعد الزمانان / أبي غصاب وداعاً!

تصغير
تكبير
صباح يوم الاثنين 25 من ابريل 2011 صعقت وأنا أتلقى اتصالاً هاتفياً يفيد برحيل والد أسرة الزمانان المرحوم غصاب محمد الزمانان، ذلك الرجل الذي أحبه الناس لدماثة خلقه ورحابة صدره وخبرته الواسعة في الحياة، الرجل الذي مهما سطرنا وكتبنا في مآثره لن نعطيه حقه، ومع ذلك لا أملك إلا أن أكتب بعض الكلمات التي قد تشفي غليل القلب المحترق على فراقك يا جدي.

أبي غصاب:

بعد وفاة جدي مفرح الزمانان رحمه الله كتبت مرثية تقول في مطلعها:

كل (ن) خذه طيره على اللوح يدعيه

وانا فقدت الطير وقت الهدادي

فقدت مفرح وين بلقى العوض فيه

هو محزمي لا جه نهار الطرادي

وكنت تعبر عن مدى حزنك الشديد لوفاة جدي مفرح، واليوم شعرت بالشعور نفسه الذي شعرت به يا أبي غصاب الزمانان رحمك الله، عندما توفي مفرح الزمانان، وهو الشعور الذي سيرافقني ما حييت.

يوم الأربعاء كان لقائي الأسبوعي معه، وكنت شديد الحرص على هذا اللقاء الذي كان يبدأ عادة في الفترة من بعد صلاة العصر ويستمر حتى صلاة المغرب ثم نهم إلى الصلاة، كنت أستمتع بحديثه معي وكأنني في محراب العلم، فلقد كان رحمة الله مدرسة منهجها التربية والأخلاق الحميدة. وفي هذا اللقاء الأسبوعي تعلمت منه الكثير، إذ كان يجتر لي تارة تاريخ الأسرة الغني بالأحداث والذي سطره أجدادنا بأحرف من نور، ورووا بدمائهم الطاهرة تراب هذا الوطن العزيز، وتارة يحدثني عن الحياة والصعاب التي تعتريها، وتارة أخرى ينصحني بمرافقة الطيبين.

أبي غصاب:

أتعلم ما الذي يحزنني؟ عندما أتذكر مداعبتي لك وأنا أغير نبرة صوتي كي لا تعرفني ولكنك كنت تزيد من دهشتي وأنت تردد بحنان «عارفك يا محمد». وتعلم ما الذي يزيدني حزناً؟ حين أتذكر كلماتك التي مازال صداها يتردد في أُذني «يا بوك أنا احبك» لا والله يا أبي أنا من يحبك والله احبك، واحبك، واحبك.

أبي غصاب:

يعلم الله أنني لن أنساك مهما طال الزمن فلقد شكلت جزءا كبيرا من شبابي، وكنت الجد الذي حرمني منه الزمن والمدرسة التي علمتني وزودتني بالعلم والمعرفة، والتاريخ الذي نعتز به لما بذله أجدادنا من تضحيات في سبيل هذا الوطن الغالي.

أبي غصاب:

اليوم وكأنني أعيش مرحلة حزنك التي عشتها أنت أثناء وفاة حبيبك ورفيق دربك، وأخيك مفرح الزمانان، وهذا ما يجعلني أستميحك عذراً في نقل هذا الجزء البسيط من ذلك الحزن في بيتين من الشعر مجارة لأول بيتين من مرثيتك لمفرح الزمانان:

كل (ن) معه سيفه يعزه ويحميه

وانا فقدت السيف وقت الطرادي

انا الذي لي حاجة (ن) فيه

وابغيه غصاب سيفي بالمواقف سنادي

أبي غصاب:

أختتم هذا الرثاء بسؤال الله عز وجل «أن يرحمك ويعافيك ويعفو عنك ويبدلك داراً خيراً من دارك، ويكرم منزلك، ويوسع مدخلك، ويغسلك بالماء والثلج والبرد، وينقيك من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأسأله تعالى أن يجازيك بالحسنات إحساناً وبالسيئات عفوا وغفرانا، ويفسح لك في قبرك ويجعله روضة من رياض الجنة».

ابنك الصغير المحب لك ولذكراك





محمد سعد الزمانان
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي