علي سويدان / وصلتك الرسالة

تصغير
تكبير
من البداهة عقلاً أننا حين نقول ان السماء صافية هذا لا يعني أن الأرض وسخةً، أيها العرب الكرام مفهوم المخالفة في منطقيات الكلام له مساقه وله أصوله، حين بيَّنا خطورةَ ما فعله العربُ حين فتحوا الأجواء لحلف الناتو في ليبيا هذا لا يعني أننا مدعومون من جهة القذافي أو لأننا مؤمنون بالكتاب الأخضر، وحين نؤيد صفاء الثورة في مصر هذا لا يعني أننا مؤيدين لمعاهدة «كامب ديفيد» وحين ندعو إلى عدم استخدام العنف في الثورة على الحكّام هذا لا يعني أننا نؤمن بلسان حال بعض الزعماء (إما أنا أو الفوضى) حين نؤيد مثلاً دخول قوات درع الجزيرة إلى البحرين هذا لا يعني أننا أعداء لإيران، وحين ندعو إلى الإصلاح في سورية بعيداً عن استخدام الفوضى وحمل السلاح هذا لا يعني أننا «بعثيون».

لَطالما أترحَّم على والدي لأنه نصحني وقد تجاوز يومها الثمانين وطلب مني ألاّ أنتسب إلى أيِّ حزب أو أيِّ تجمُّع سياسي، مع كل تقدير للأحزاب والجماعات المخلصة في أمتنا، مسألة توسيع مدارك فهمنا لما يجري حولنا أمر للأسف نُصرُّ على الفشل فيه، والأمر يحتاج لإرادة وعزيمة لأنها تراكمات ورواسب نفسية وفكرية تحتاج عقولُنا وعقولُ أبنائنا إلى إعادة تشكيل يستند إلى منطقيات الفهم الصحيح للأمور، واعترافنا بذلك هو نصف الحل، فالذي ينتقي كتاباً محدداً ليقرأه ويترك آخر هو ليس قارئاً؛ هو مِنْ غير أن يشعر يُشكِّلُ عقلَه على هواه وحسب عاطفته وهذا أمر خطير يُكْسِبُهُ توجُّهاً خاصاً مبنياً على الانتقائية وتصبح شخصيتُه صورةً مِنْ صور الانغلاق على الذات، وكذلك الذي يستسلم لقنوات فضائية فكرية أو إخبارية محددَّة ويرفض التواصل مع غيرها هو من دون أن يشعر يشكِّلُ فهمَهُ للأمور بدائرة ضيقة يتحكَّمُ بها الآخَر.

لم يعد مقبولاً أن نأخذ موقفاً سلبياً من بعضنا ونحن أبناء أمة واحدة فقط لأن رأيي يختلف عن رأيك، لو فهمنا بشكل حقيقي فلسفة الرأي والرأي الآخر لما غضبنا من الآخرين حين يخالفونا الرأي.





علي سويدان

كاتب وأكاديمي سوري

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي