وبالتأكيد لست وحدي الذي في خطر، بل انتم معي، ومعنا كل المقيمين المغتربين الذين سيبلعون الطعم معنا (وبالهنا والشفا للجميع).
والخطر هو أن تنهار الدولة اقتصادياً ويذهب الجميع (في الرجلين)، والاقتصاد يا إخوان ليس لعبة ورق، كلعبة (الكوت بوستة)، والخسارة فيه ليست كخسارة منتحب الكويت في نهائي آسيا، بل الأمور أصعب وأعقد من ذلك، فهو يعني توقف الحياة في الدولة، والرخاء الاقتصادي يعني الاستقرار النفسي والاجتماعي والأمني والسياسي، والانهيار الاقتصادي يعني عكس كل ما قلت.
والعالم هذه الأيام يقف على أعصابه بسبب الأزمة الاقتصادية في اليونان (ونحن ولا في البال) والأوربيون حائرون هل يساعدون اليونان أم يتركونها لقدرها وينتظرون قدرهم؟ وليت المشكلة تقف عند اليونان، فالبرتغال في الطريق، وايرلندا تنتظر، واسبانيا تحتضر، وأميركا غارقة في الديون، وقد تنهار في ليلة وضحاها، وعندها سوف ينتهي العالم، وفي الشرق لم تصح اليابان بعد كارثة تسونامي، ولعنة النووي، والعالم العربي مقبل على كوارث لا يعلمها إلا الله، وبدائل الطاقة أصبحت واقعاً ملموساً، وسعر النفط أصبح مثل ضغط (أبوعلي) يوم صاعد ويوم نازل، وكل العالم يفكر في مستقبله، ونحن في الكويت لا نفكر إلا في ساعتنا، واصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب، والجيب مشقوق!
والمواطن العادي ليس مطلوبا منه أن يكون خبيراً اقتصادياً، رغم انه (سيأكلها) بسبب الاقتصاد الذي لا يفهمه، ولكن المشكلة أن نواب الأمة الذين انتخبناهم بإرادتنا وبكامل قوانا العقلية لا يفهمون في الاقتصاد ولا يريدون، واتضح ان الحكومات المتعاقبة لا تفهم لا في الاقتصاد ولا في غيره!
وما يحدث في الكويت هذه الأيام لا يحتاج إلى خبير (اكتواري) ليدرك أننا نسير ليس إلى المجهول بل إلى (المنهول)!
فالكوادر التي أقرت لم تخرج بناء على دراسات جادة، وقد وزعت على موظفي الدولة كتوزيع التركة على ورثة متخاصمين، والنتيجة أننا عالجنا ما نعتقد انه مشكلة، والواقع ليست هناك في الأصل مشكلة، وخلقنا مشاكل ليس لها أول وليس لها آخر، وأعطينا شرائح معينة، وتركنا شرائح أهم، والميزانية تعدت 20 ملياراً، ونحن موعودون بعجز لا يمكن تعويضه إلا بسياسة تقشفية أقرب إلى صوم الدهر.
وأنا لست ضد الكوادر لا سمح الله، ولكن الكويت ليس لها من أسباب العيش إلا سبب واحد هو النفط، والكويتيون الأوائل فطنوا لهذه المشكلة، فكان كل شيء عندهم محسوباً ومعروفاً ومتوقعاً، ولكن مع صراع الحكومة مع النواب، والصراع على السلطة ضاعت البوصلة وتوقف معها التفكير، فتوقفت معها الحياة بجميع أنواعها.
والأدهى والأمر أن النواب يدركون هذه الحقيقة، ومع ذلك هم مستمرون في لعبة الإنفاق إلى أخر فلس في جيب الشعب، وبدلاً من وقف الهدر الموجود أصلاً، يتسابق النواب على بعثرة أموال الدولة من دون حساب، في سبيل إرضاء الناخبين، وحتى لا يخرج من الملة، ويقال لهم: إن مواقفكم ليست شعبية، والحقيقة أنهم كمن يخلع عيني المواطن ويضع مكانهما جوهرتين! واتركوا الحديث عن خطة التنمية، ولنفكر في آلاف الخريجين الراغبين في الوظيفة في الأعوام القريبة المقبلة، وآلاف المتزوجين الراغبين في السكن، وملايين السيارات التي ستجوب شوارع الكويت، وآلاف المدارس والمستشفيات التي يجب الصرف عليها، إننا مقبلون على احتياجات لن نستطيع تحقيق ربعها، وما يحدث في الأعوام الأخيرة في الكويت يوحي بأن هناك من يريد تصفية الدولة، وما يحدث اليوم هو سياسة (مخامط)، فإذا كان ولابد، على الأقل قولوا لنا!
فهيد البصيري
Fhead
[email protected]