د. وائل الحساوي / نسمات / لن نفتقدكم!!

تصغير
تكبير
لا أكاد اصدق بأننا سننعم ببضعة اشهر من الراحة بعد ان يغلق المجلس أبوابه ويريحنا من مشاكله. لقد سافر كثير منا إلى البلدان الاخرى المتقدم منها والمتأخر، ولم نسمع يوما بأن شعوب تلك البلدان يبدأون صباحهم ويودعون مساءهم بمشاكل البرلمان كما نفعل نحن في الكويت.

لقد استطاع مجلسنا وبجدارة ان يجعلنا نعيش معه ليلا ونهارا وان يشد اعصابنا بمتابعة اخباره ومشاكله، فاذا انتهينا من متابعة جلساته الصدامية الخناقية، تحول نوابه إلى الساحات ليلقوا فيها الخطب العصماء، ثم يتحولون إلى وسائل الاعلام لينفثوا علينا من غضبهم ولطمهم حتى صوروا بلادنا وكأنها بلاد منكوبة مثل الصومال وافغانستان.

لقد بحت حناجرنا ونحن نقول بان هنالك خللا في مسيرتنا السياسية والنيابية، وان ما يجري لا يمكن ان يكون ممارسة برلمانية صحيحة، والدليل هو أننا لم نتقدم خطوة إلى الامام منذ سنوات بل تراجعنا خطوات، وسقطت الكويت في جميع مؤشرات الفساد والتعليم والانجاز وأصبح جيراننا الخليجيون يضحكون علينا بعد ان كنا قدوتهم.

وابتدع لنا السعدون بدعة جديدة وهي الاستجواب يليه الاستجواب من اجل تحقيق امله في اسقاط الشيخ ناصر المحمد، فهم ينتقدون استخدام الحكومة لادوات غير دستورية في تعطيل المجلس وحل الحكومة وتحويل الاستجوابات إلى المحكمة الدستورية بينما هم قد فرضوا ادوات غريبة عجيبة في استجواباتهم.

التكتل الوطني الذي ملأ الدنيا صراخا حول تجاوزات الشيخ أحمد الفهد إلى ان تحقق حلمه باستقالته نجده يتلاعب بالألفاظ عندما يأتي الامر على استجواب رئيس الوزراء الذي يتحمل المسؤولية الكبرى في التجاوزات ليخبرنا بانه استجواب طائفي.

التجمع السلفي الذي هو آخر المستفيدين مما يجري قد وقع في حيرة مما يجري بين المتخاصمين فانشق شقين، شق مؤيد وشق معارض وارتاح من الهم، اما كتلة التنمية والاصلاح التي هي خليط من تيارات متعددة فقد اجادت العزف على المتناقضات وكرست مفاهيم التشنج والتصعيد المتواصل لظنها بأنها ستحقق الاصلاح المنشود دون ان تعلم بأنها والتكتل الشعبي هما من أوقعا رئيس الوزراء في شباك النواب المنتفعين والانتهازيين الذين وجدوا بانها فرصة تاريخية لتحقيق كل ما يريدونه.

أما ما يسمى بالنواب المستقلين فقد تسابق كثير منهم على جني ثمار مواقفهم بالاصطفاف وراء رئيس الوزراء تارة والشيخ أحمد تارة، ووضع بعضهم راية كتب عليها (صوتي لمن يدفع أكثر).

اما اخواتنا النائبات فلحظهن العاثر وجدن انفسهن في اسوأ مجلس عرفته الكويت وشاهدن كيف تتطاير «العقل» و«البشوت» وتتبادل اللكمات، فآثرن السلامة والسير بجانب الطريق لم تستفد الكويت من تجربة دخولهن المجلس شيئا يذكر.

هل تعلمون من هو المستفيد الاكبر مما يجري؟ انه الوزراء الذين التهى النواب عنهم بتوجيه استجواباتهم لرئيس مجلس الوزراء بينما هم نائمون في العسل، وهذا ما قاله احد الوزراء لاحد النواب.

اتمنى شيئين: الاول ان يوضع نوابنا في مبنى الكونغرس الاميركي طوال عطلة المجلس ليتعلموا الممارسات النيابية الصحيحة عند غيرنا، وحبذا لو استمر ذلك إلى نهاية الفصل التشريعي، والثاني ان تعطى حكومتنا اجازة مفتوحة وتترك لنا المجال لادارة البلد، ونحن نضمن لها ان نكون احسن منها عشرات المرات!!





د. وائل الحساوي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي