نجاة الحشاش / كلمات من القلب / لماذا... العالم على صفيح ساخن؟

تصغير
تكبير
لا تحمل الكرة الأرضية على رأسك. أعجبتني هذه الكلمات، وعندما تخيلت هذا المنظر اكتشفت صدق هذه العبارة... فعلاً هناك كثير منا يعيش طوال حياته وهو يضع على رأسه هموما كثيرة ولا يتركها على الأرض، وإن لم يجد ما يهمّه يبحث عن هموم الآخرين لكي يضعها على رأسه! لا لشيء إنما فقط لأنه يجهل فلسفة (الترك)... وهذه الفلسفة باختصار تعني بأن تترك ما لا يعنيك وتنشغل بنفسك، اترك الناس بحالها واترك أصحاب الشأن يعملوا ويجتهدون وانتظر النتيجة، اترك أبناءك يجربون لكي يتعلمون، اترك فرصة لغيرك بالكلام لكي يوضح ويعبر عن رأيه.

إن فلسفة (الترك) كبيرة جداً اختصرها الإمام أحمد بن حرب، رحمه الله تعالى حين قال «عبدتُ الله خمسين سنة، فما وجدتُ حلاوةَ العبادة حتَّى تركتُ ثلاثةَ أشياءٍ: تركتُ رضى النَّاس حتَّى قدرتُ أن أتكلَّم بالحقِّ... وتركتُ صُحبة الفاسقين حتَّى وجدتُ صحبة الصَّالحين... وتركتُ حلاوة الدُّنيا حتَّى وجدتُ حلاوة الآخرة». فلم يجد رحمه الله حلاوة العبادة إلا حينما ترك الأمور التي لا تعنيه، فلماذا لا نترك الأمور تأخذ مجراها الطبيعي، ولماذا لا نتركها على الأرض ونحمل همّاً واحداً ونسعى لحله وإنهائه، وبعدها نأخذ الذي يليه؟ هذه التساؤلات تراودني كثيراً وأنا أرى العالم كل يوم يغلي كأنه على صفيح ساخن، نعيش حالة من التوتر، والتأزم... استبدلنا لغة الكلام والحوار بلغة العنف والتطاول باللسان، فأصبحنا نعيش حالة عنف وقلق كأننا نعيش في ساحة قتال، البعض مستعد لشن الهجمات والآخر على وضع الاستعداد للدفاع، فانتقلت حالة العنف إلى المدارس بين الطلاب والطالبات، وإلى البيوت بين الأهالي بعضها بعض، وإلى المساجد بين المصلين، والى الشوارع والسرعة الجنونية في القيادة التي حولت الشوارع إلى حرب دموية، وإلى المجالس النيابية التي تحولت إلى حلبة مصارعة، وحتى المجمعات التجارية والمولات لا تخلو أيضاً كل يوم من حالات العنف بين الشباب.

لماذا كل هذا الغليان والاحتقان، لماذا افتقدنا الحب والاحترام، لماذا نظهر العداء ولا نحترم حرية الآخرين بالتعبير عن الكلام، لماذا لا نتبع فلسفة (الترك) وقلة الكلام؟



نجاة الحشاش

كاتبة كويتية

najat67@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي