وثّقها خالد صالح النصرالله تصويراً وإعداداً في مجلد
«الطيور في محمية صباح الأحمد الطبيعية» ... مشاهد تسرُّ الناظرين
درسة الشعير
أبلق أوروبي
خطاف الشواطئ
طيور الرهو بالقرب من بحيرة أم الرمم
خالد صالح النصرالله
الواق الصغير
السمان «فريدة»
العصفور الأندلسي
غلاف المجلد
| كتب المحرر الثقافي |
نظراً لما تتضمنه محمية صباح الأحمد الطبيعية، من حياة برية خلابة، ومناظر طبيعية قلما تجد لها شبيهاً في أي محمية أخرى، فإن الدارس والمتابع والزائر لها. سيجد أنه في حضرة مساحة **شاسعة من الجمال، سواء في الكائنات الحية التي تضمها أو في مناظرها المتناسقة.
وماذا لو زار هذه المحمية إعلامي له تجاربه المتميزة في مجال الأفلام الوثائقية مثل الإعلامي خالد صالح النصرالله... بكل تأكيد فإن رؤيته للمــــــشاهد ستكـــــون دقيقة، وذات أبعــــــاد جـــــمالية مختلـفة.
وبالتالي فقد اصطحب الإعلامي خالد صالح النصرالله كاميرته قاصداً محمية صباح الأحمد الطبيعية، كي يعد لنا مجلداً مصوراً أعطى له عنوان «الطيور في محمية صباح الأحمد الطبيعية»... ومن ثم فقد وضع فيه كل ما وقعت عليه عينه من رؤى ومشاهد تخص طيور هذه المحمية الفريدة، وذلك عبر احساس يهتم بالتفاصيل ويرصد بكاميرته الكثير من المناظر التي تتواصل مع الطبيعة في إيقاعها الجمالي البديع.
وحرص النصرالله في متن مجلده اعطاء القارئ فكرة مختصرة عن الكويت وذلك في مقدمة قال فيها: «تقع الكويت في الزاوية الشمالية الغربية من الخليج العربي بين خطي العرض 28 و30 شمالا وخطي الطول 46 و49 شرقا، ويحدها العراق من الشمال والشمال الغربي والمملكة العربية السعودية من الجنوب والجنوب الغربي. ويتكون معظم سطح الكويت من مساحات صحراوية منبسطة تنتشر بها بعض النباتات والشجيرات المقاومة للظروف المناخية الصعبة، وهناك مرتفعات جال الزور التي لا يتجاوز ارتفاعها 150 قدماً عن سطح البحر، بامتداد 50 كيلو مترا من شمال شرق الكويت إلى الجنوب الغربي من الجهة الشمالية الغربية لجون الكويت، إلى جانب المناطق الصحراوية والمرتفعات، هناك منخفض وادي الباطن الذي يقع في الشمال، وهناك منخفض وادي أم الرمم الذي يقع في (محمية صباح الأحمد الطبيعية). مناخ الكويت صحراوي جاف لا يتجاوز معدل الأمطار 115مم بالسنة، والصيف حار جدا معدل درجة حرارته 45 درجة، والشتاء شديد البرودة وقد تهبط درجة الحرارة إلى حدود الصفر.
وللكويت سواحل بحرية بطول 400 كيلو متر، وتتألف من أجزاء طينية وأخرى رملية. في الجنوب خصوصا وتنتشر الشعاب المرجانية حول الجزر الجنوبية كجزيرة قاروه وأم المرادم وكبر التي تفد اليها أنواع عدة من طيور الخرشنة في فترة الصيف لغرض التكاثر، وهناك الجزر الشمالية كجزيرة فيلكا ومسكان وأم النمل وجزيرتا وربة وبوبيان اللتان تتميزان بضحالة المياه وكثرة الخلجان والممرات المائية التي تؤوي الأسماك والقشريات. وتفد اليها أنواع من الطيور البحرية في فترة الربيع والصيف لغرض التكاثر ايضا، يأتي في مقدمها طائر الحنكور والبلشون الرمادي وبلشون الصخر وأبوملعقة والنورس مستدق المنقار إضافة إلى أنواع طيور من الخرشنة، وهناك العديد من المحميات البحرية والبرية التي تهتم بالمحافظة على البيئة وحمايتها وإعادة تأهيلها بعد الدمار الذي تعرضت له جراء حرب الخليج الثانية بما فيها من ثدييات وزواحف وقوارض وطيور سالفة الذكر».
وفي تمهيد المجلد تحدث النصرالله عن الطيور في الكويت بصفة عامة وعن علاقته بهذه الكائنات التي تُجمل الحياة ليقول:
تم حتى الآن رصد وتوثيق اكثر من 370 نوعا من الطيور في الكويت، علما بأن هذه الطيور تتوزع ما بين الطيور الصحراوية التي تعيش في الاماكن المكشوفة ذات الغطاء النباتي القليل وتلك التي تشاهد في الاماكن الزراعية والحدائق العامة والسواحل والجزر.
القليل من هذه الطيور اقام واستوطن الكويت ولكن معظمها مهاجر تشاهد اثناء هجرتها الخريفية وهي آتية من شرق ووسط أوروبا متجهة إلى شرق افريقيا، منها ما يعبر الكويت عبورا ولا يتوقف الا لساعات قليلة، ومنها ما يتوقف لايام عدة واخرى تقضي الشتاء هنا، في الربيع تشاهد الطيور ثانية عائدة من شرق افريقيا وهي في طريقها إلى مواطنها الاصلية شرق ووسط أوروبا.
بداية اهتماماتي بالطيور وتصويرها وتوثيقها قبل خمسة عشر عاما، حيث بدأت بتصويرها عن طريق كاميرا الفيديو وكنت اعمل مخرجا في تلفزيون دولة الكويت، خلال اربع سنوات من البحث الميداني والتصوير استطعت ان انتج واخرج عام 1999 فيلما يتناول هذه الطيور واماكن تواجدها واسمائها واشكالها وعلاقتها بالبيئة الكويتية وارتباط الإنسان بها.
وفي عام 2000 تم تشكيل فريق رصد وحماية الطيور في الجمعية الكويتية لحماية البيئة وتشرفت برئاسة الفريق لمدة خمس سنوات، وكان الهدف من انشاء الفريق رصد وحماية الطيور وتشجيع المحافظة عليها والاهتمام بها وعمل الدراسات والابحاث الميدانية عنها وضم الفريق في عضويته كلا من محمود شهاب، مشعل الجريوي، عيسى رمضان، فهد المنصوري، عبدالمحسن السريع، عبدالله الفاضل، حسين القلاف مساعدالجاسر، وعبدالرحمن السرحان، وكلهم أعضاء مشهود لهم بالخبرة والكفاءة العالية في معرفة الطيور وتوثيقا وتصويرها، ما منحني الكثير من خبراتهم.
- في عام 2000 تعرفت على جورج جريغوري، بريطاني يعمل مدرسا في احدى المدارس الاجنبية منذ اكثر من عشرين عاما وهو متخصص ومهتم بطيور الكويت والشرق الأوسط، ولقد ذهبت معه عشرات المرات ولمدة 5 سنوات في جولات ميدانية بحثية لرصد وتوثيق الطيور في اماكن وجودها كافة، من جزر بحرية ومناطق صحراوية ومحميات اضافة إلى المناطق الزراعية ولقد تعلمت منه اشياء كثيرة.
ومن ثم تحدث المؤلف عن بداية عمله في محمية صباح الأحمد الطبيعية ليقول: في عام 2004 كلفت الهيئة العامة للبيئة مركز العمل التطوعي بادارة وحماية «محمية صباح الأحمد الطبيعية» حيث قام فريق المحميات في مركز العمل التطوعي منذ ذلك الوقت بالاشراف على إدارة وحماية المحمية وعمل الدراسات والابحاث الميدانية على الحياة الفطرية من نباتات وحيوانات وطيور، الامر الذي أدى إلى استمرار توثيق وتصوير الطيور عن طريق الفيديو، واضيف اليها التصوير الفوتوغرافي الذي اعطاني ابعادا أخرى بالتوثيق والتسجيل ومنذ ذلك الوقت إلى الآن داومت الذهاب إلى المحمية مرتين أو ثلاث مرات اسبوعيا للاشراف على العمل داخل المحمية ومتابعة وتصوير وتوثيق الحياة الفطرية، فتكونت لديّ حصيلة كبيرة من المعلومات والمواد العلمية والصور الفوتوغرافية، وعليه تم العديد من الافلام التسجيلية القصيرة عن المحمية وبعض الفواصل الإعلامية واصدار كتيب خاص بالمحمية، واليوم اصبح لزاما علي ان اعد هذا الكتاب المصور متناولا موضوع الطيور في «محمية صباح الأحمد الطبيعية» وكل ما يتعلق بأنواعها واشكالها واماكن تواجدها وافضل اوقات مشاهدتا وتصويرها المقيمة منها والمهاجرة.
ولا يسعني هنا الا ان اشكر الاخ أحمد المرشد نائب رئيس مركز العمل التطوعي وجميع العاملين في المحمية، وعلى رأسهم الاخ فوزي بورحمة مدير المحمية واحمد الصقر وعبدالرحمن السعيد وعادل الحسينان وعبداللطيف الفصام وابراهيم الزيد وحمد الهملان والمرحوم سامي المهيني على كل ما قدموه لي من مساعدة في توثيق وتصوير الطيور وايضا اخص بالشكر الجزيل كلا من بريان فوستر وبيكافجل اللذين ساعداني في هذا الخصوص. وكل ما أتمناه ان يمثل هذا الكتاب قيمة فنية وعلمية تضاف إلى الكتب البيئية العلمية التي سبقته وان يساهم باثراء الحياة الثقافية في الكويت».
واستطرد النصرالله في وصف محمية صباح الاحمد الطبيعية ليقول: تفضل حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه بافتتاح محمية صباح الأحمد الطبيعية بتاريخ 3/3/2004 بعد ان تم تغيير اسمها من منتزه الكويت الوطني إلى محمية صباح الاحمد الطبيعية، وتقع محمية صباح الاحمد الطبيعية شمال شرقي الكويت على طريق الصبية بمساحة 320 كيلومترا مربعا يحيطها سياج طوله 110 كيلومترات. ولها بوابة رئيسية تقع على طريق الصبية وتتميز بتضاريسها المتنوعة من تلال وسهول ومنخفضات ومسطحات طينية وشواطئ بطول 16 كيلومترا.
وقال عن تلال الزور: «تمتد تلال جال الزور في المحمية بطول 16 كيلومترا تقريبا ،يبلغ اقصى ارتفاع بها 150 مترا ولهذه التلال منحدرات واودية صخرية ورملية تكونت بسبب الامطار والسيول منذ سنوات طويلة. وتعد من افضل البيئات الطبيعية التي تتميز بها المحمية لكونها الملاذ الآمن للكثير من الثدييات الكبيرة وفي مقدمتها القط الرملي والثعلب الاحمر «الحصني» الذي تكاثر بشكل ملحوظ في السنوات الاخيرة نتيجة لتوفر المكان والغذاء المناسبين. حيث تعتمد هذه الحيوانات في غذائها وبشكل رئيسي على القوارض الصغيرة مثل اليربوع، الذي ينتشر بشكل كبير في المناطق المجاورة للتلال، وطائر البومة الصغيرة الذي يستوطن الاودية والمنحدرات يعشش بين صخورها وتشققاتها ايضا، حيث يتغذى على تلك القوارض الصغيرة، وتنمو في تلك المنطقة شجيرات تميزها عن المناطق الأخرى مثل شجيرات القرضي والارطي والثند وكثير من النباتات الحولية من السليح والعضيد والسعدان.
وعن منخفض أم الرمم قال وهو من أهم المنخفضات والأودية في الكويت بعد وادي الباطن، حيث تبلغ مساحته 13 كيلو متراً مربعاً تقريباً، ويقع في غرب المحمية وهو قريب جداً من منطقة طلحة، وينقسم منخفض وادي ام الرمم الى قسمين تصلهما منطقة ضيقة تسمى منطقة العنق، وعلى اطرافه العديد من الأودية الصغيرة ذات الانحدار الشديد، شبيهة بمنحدرات تلال جال الزور، لكنه يختلف عن التلال بتجمع الامطار فيه على شكل بحيرات، وخصوصاً في السنوات التي يكثر فيها المطر، والمنخفض غني بشجيرات القرضي والعوسج والنباتات الحولية الاخرى، ويمكن مشاهدة كثير من الحيوانات فيه مثل الضربان «الضربول» والثعلب الأحمر، والطيور الربيعية والخريفية وفي مقدمتها الهدهد - الصرد الرمادي الكبير «حمامي العربي» البومة الصغيرة.
وقال عن منطقة طلحة - شجرة طلحة: توجد في المحمية شجرة قديمة جداً يقارب عمرها 100 عام تقريباً يطلق عليها شجرة الطلح «السدر الصحراوي» فهي قريبة جداً من منخفض وادي ام الرمم، اي غرب المحمية، ولهذه الشجرة اهمية كبيرة جداً حيث يأوي اليها كثير من الطيور خصوصاً في فترتي الربيع والخريف مثل الجوارح الصغيرة مثل (الاشول - الرماني - القفصي)، وفي مارس من عام 2001، تم رصد تفريخ طائر الزرزور الاندلسي على تلك الشجرة واشجار الصفصاف القريبة من شجرة طلحة باعداد كبيرة جداً وعلى شكل مستعمرة وهذا الامر يعتبر الاول من نوعه في الكويت.
بينما اشار الى المنحدر الخلفي ومنطقة العوجة بقوله: وتشمل كل المنطقة التي تقع في شمال غرب المحمية تقريباً، اي خلف تلال جال الزور وهذه المنطقة من اكبر المناطق في المحمية، وتتميز بسهولها المنبسطة وبعض التلال الرملية المتفرقة والمنخفضات السهلة التي تتجمع فيها مياه الأمطار على شكل «بحيرات» في أثناء موسم المطر، وتنمو في هذه المنطقة شجيرات الرمث وتغطي معظم تلك المنطقة بالاضافة الى بعض شجيرات القتات وكثير من النباتات الحولية مثل النوير والعنصيل والبروق والكحيل التي تنمو في فصل الربيع وتوفر المأوى لكثير من الكائنات الصغيرة وفي مقدمتها الفراش كفراشة ابي العيد والعناكب التي تنشط في فصل الربيع.
وتشاهد بكثرة في هذه المناطق الافاعي والسحالي بأنواعها المختلفة والضب والورل ايضاً فهما من الحيوانات المميزة في تلك المنطقة يجب ايضاً الا ننسى الطيور البرية التي تستوطن السهول المنبسطة لتبني اعشاشها على الارض كطائر القبرة المتوجة «القوبعة» والقبرة الهدهدية «أم سالم» والقبرة قصيرة الارجل ويشاهد ايضاً طائر الحباري، واما في السماء فتنتشر الجوارح الكبيرة على شكل اسراب تحوم فوق المنطقة باحثة عن غذائها في السهول، ومن اشهرها عقاب السهول - مرزة البطائح «مسح الريضان» - النسر الرمادي.
وقال عن السهل الساحلي: هذه المنطقة تقع اسفل تلال جال الزور باتجاه البحر، فهي عبارة عن سهل ساحلي بطول 16 كيلو متراً تكثر فيه السبخات وبخاصة كلما اقتربنا من البحر وينمو في هذا السهل خليط من الشجرات المعمرة المقاومة للملوحة مثل الغردق والهرم والعجرف والكثير من النباتات الحولية.
وحول بحيرة منخفض ام الرمم قال: تقع البحرية في منخفض ام الرمم بمساحة كيلو متر مربع لتضفي شكلاً جميلاً ومنظراً بديعاً يضاف الى جمال منخفض ام الرمم في شكله ومساحته والتلال الصغيرة المحيطة به».
بالاضافة الى حديثه عن البرك المائية العذبة، الجاذبة الطيور، وكذلك نبات العلندة وهو من النباتات النادرة في الكويت، ولقد تم اكتشافه والعثور عليه في المحمية في فبراير عام 2004 بعد فترة اختفائه من البيئة الكويتية دامت اكثر من 50 عاماً.
واشار المؤلف الى اهداف فريق ادارة المحميات الطبيعية ومنها اعادة توطين الحيوانات والنباتات المهددة بالانقراض والمحافظة على الصفات الطبيعية للبيئة الكويتية، وغيرها.
وبالتالي فقد رصدت كاميرا النصر الله طيور المحمية في صور تضمنها مجلده الفريد، مع شرح مختصر لكل طائر على حدة مثل السمان «غريرة» وهو مهاجر غير شائع يشاهد في المحمية خلال شهر سبتمبر، والحذف الصيفي «البط» وهو مهاجر عابر قليل العدد يزور المحمية خلال الشتاء، «واللقلق الاسود» وهو مهاجر عابر نادر جداً، بالاضافة الى ابو «منجل الأسود» وهو مهاجر عابر قليل العدد يشاهد خلال فصلي الخريف والربيع، والواق الصغير، والبلشون الذهبي، وأبوقردات، وصقر العسل الحوام «بوحقب» والحدأة، والنسر الأسود والنسر الأصلع والباشق وعقاب البادية، وابلق اوروبي، وخاطف الذباب شبه المطوق، والذعرة الصفراء، ودرسة الشعير، وغيرها من الطيور التي تزور المحمية في فصول السنة المختلفة.
وعلى هذا الاساس فان كتاب «الطيور في محمية صباح الأحمد الطبيعية»، يعد من المراجع المهمة، تلك التي يعود اليها الدارس في حياة الطيور البرية.
نظراً لما تتضمنه محمية صباح الأحمد الطبيعية، من حياة برية خلابة، ومناظر طبيعية قلما تجد لها شبيهاً في أي محمية أخرى، فإن الدارس والمتابع والزائر لها. سيجد أنه في حضرة مساحة **شاسعة من الجمال، سواء في الكائنات الحية التي تضمها أو في مناظرها المتناسقة.
وماذا لو زار هذه المحمية إعلامي له تجاربه المتميزة في مجال الأفلام الوثائقية مثل الإعلامي خالد صالح النصرالله... بكل تأكيد فإن رؤيته للمــــــشاهد ستكـــــون دقيقة، وذات أبعــــــاد جـــــمالية مختلـفة.
وبالتالي فقد اصطحب الإعلامي خالد صالح النصرالله كاميرته قاصداً محمية صباح الأحمد الطبيعية، كي يعد لنا مجلداً مصوراً أعطى له عنوان «الطيور في محمية صباح الأحمد الطبيعية»... ومن ثم فقد وضع فيه كل ما وقعت عليه عينه من رؤى ومشاهد تخص طيور هذه المحمية الفريدة، وذلك عبر احساس يهتم بالتفاصيل ويرصد بكاميرته الكثير من المناظر التي تتواصل مع الطبيعة في إيقاعها الجمالي البديع.
وحرص النصرالله في متن مجلده اعطاء القارئ فكرة مختصرة عن الكويت وذلك في مقدمة قال فيها: «تقع الكويت في الزاوية الشمالية الغربية من الخليج العربي بين خطي العرض 28 و30 شمالا وخطي الطول 46 و49 شرقا، ويحدها العراق من الشمال والشمال الغربي والمملكة العربية السعودية من الجنوب والجنوب الغربي. ويتكون معظم سطح الكويت من مساحات صحراوية منبسطة تنتشر بها بعض النباتات والشجيرات المقاومة للظروف المناخية الصعبة، وهناك مرتفعات جال الزور التي لا يتجاوز ارتفاعها 150 قدماً عن سطح البحر، بامتداد 50 كيلو مترا من شمال شرق الكويت إلى الجنوب الغربي من الجهة الشمالية الغربية لجون الكويت، إلى جانب المناطق الصحراوية والمرتفعات، هناك منخفض وادي الباطن الذي يقع في الشمال، وهناك منخفض وادي أم الرمم الذي يقع في (محمية صباح الأحمد الطبيعية). مناخ الكويت صحراوي جاف لا يتجاوز معدل الأمطار 115مم بالسنة، والصيف حار جدا معدل درجة حرارته 45 درجة، والشتاء شديد البرودة وقد تهبط درجة الحرارة إلى حدود الصفر.
وللكويت سواحل بحرية بطول 400 كيلو متر، وتتألف من أجزاء طينية وأخرى رملية. في الجنوب خصوصا وتنتشر الشعاب المرجانية حول الجزر الجنوبية كجزيرة قاروه وأم المرادم وكبر التي تفد اليها أنواع عدة من طيور الخرشنة في فترة الصيف لغرض التكاثر، وهناك الجزر الشمالية كجزيرة فيلكا ومسكان وأم النمل وجزيرتا وربة وبوبيان اللتان تتميزان بضحالة المياه وكثرة الخلجان والممرات المائية التي تؤوي الأسماك والقشريات. وتفد اليها أنواع من الطيور البحرية في فترة الربيع والصيف لغرض التكاثر ايضا، يأتي في مقدمها طائر الحنكور والبلشون الرمادي وبلشون الصخر وأبوملعقة والنورس مستدق المنقار إضافة إلى أنواع طيور من الخرشنة، وهناك العديد من المحميات البحرية والبرية التي تهتم بالمحافظة على البيئة وحمايتها وإعادة تأهيلها بعد الدمار الذي تعرضت له جراء حرب الخليج الثانية بما فيها من ثدييات وزواحف وقوارض وطيور سالفة الذكر».
وفي تمهيد المجلد تحدث النصرالله عن الطيور في الكويت بصفة عامة وعن علاقته بهذه الكائنات التي تُجمل الحياة ليقول:
تم حتى الآن رصد وتوثيق اكثر من 370 نوعا من الطيور في الكويت، علما بأن هذه الطيور تتوزع ما بين الطيور الصحراوية التي تعيش في الاماكن المكشوفة ذات الغطاء النباتي القليل وتلك التي تشاهد في الاماكن الزراعية والحدائق العامة والسواحل والجزر.
القليل من هذه الطيور اقام واستوطن الكويت ولكن معظمها مهاجر تشاهد اثناء هجرتها الخريفية وهي آتية من شرق ووسط أوروبا متجهة إلى شرق افريقيا، منها ما يعبر الكويت عبورا ولا يتوقف الا لساعات قليلة، ومنها ما يتوقف لايام عدة واخرى تقضي الشتاء هنا، في الربيع تشاهد الطيور ثانية عائدة من شرق افريقيا وهي في طريقها إلى مواطنها الاصلية شرق ووسط أوروبا.
بداية اهتماماتي بالطيور وتصويرها وتوثيقها قبل خمسة عشر عاما، حيث بدأت بتصويرها عن طريق كاميرا الفيديو وكنت اعمل مخرجا في تلفزيون دولة الكويت، خلال اربع سنوات من البحث الميداني والتصوير استطعت ان انتج واخرج عام 1999 فيلما يتناول هذه الطيور واماكن تواجدها واسمائها واشكالها وعلاقتها بالبيئة الكويتية وارتباط الإنسان بها.
وفي عام 2000 تم تشكيل فريق رصد وحماية الطيور في الجمعية الكويتية لحماية البيئة وتشرفت برئاسة الفريق لمدة خمس سنوات، وكان الهدف من انشاء الفريق رصد وحماية الطيور وتشجيع المحافظة عليها والاهتمام بها وعمل الدراسات والابحاث الميدانية عنها وضم الفريق في عضويته كلا من محمود شهاب، مشعل الجريوي، عيسى رمضان، فهد المنصوري، عبدالمحسن السريع، عبدالله الفاضل، حسين القلاف مساعدالجاسر، وعبدالرحمن السرحان، وكلهم أعضاء مشهود لهم بالخبرة والكفاءة العالية في معرفة الطيور وتوثيقا وتصويرها، ما منحني الكثير من خبراتهم.
- في عام 2000 تعرفت على جورج جريغوري، بريطاني يعمل مدرسا في احدى المدارس الاجنبية منذ اكثر من عشرين عاما وهو متخصص ومهتم بطيور الكويت والشرق الأوسط، ولقد ذهبت معه عشرات المرات ولمدة 5 سنوات في جولات ميدانية بحثية لرصد وتوثيق الطيور في اماكن وجودها كافة، من جزر بحرية ومناطق صحراوية ومحميات اضافة إلى المناطق الزراعية ولقد تعلمت منه اشياء كثيرة.
ومن ثم تحدث المؤلف عن بداية عمله في محمية صباح الأحمد الطبيعية ليقول: في عام 2004 كلفت الهيئة العامة للبيئة مركز العمل التطوعي بادارة وحماية «محمية صباح الأحمد الطبيعية» حيث قام فريق المحميات في مركز العمل التطوعي منذ ذلك الوقت بالاشراف على إدارة وحماية المحمية وعمل الدراسات والابحاث الميدانية على الحياة الفطرية من نباتات وحيوانات وطيور، الامر الذي أدى إلى استمرار توثيق وتصوير الطيور عن طريق الفيديو، واضيف اليها التصوير الفوتوغرافي الذي اعطاني ابعادا أخرى بالتوثيق والتسجيل ومنذ ذلك الوقت إلى الآن داومت الذهاب إلى المحمية مرتين أو ثلاث مرات اسبوعيا للاشراف على العمل داخل المحمية ومتابعة وتصوير وتوثيق الحياة الفطرية، فتكونت لديّ حصيلة كبيرة من المعلومات والمواد العلمية والصور الفوتوغرافية، وعليه تم العديد من الافلام التسجيلية القصيرة عن المحمية وبعض الفواصل الإعلامية واصدار كتيب خاص بالمحمية، واليوم اصبح لزاما علي ان اعد هذا الكتاب المصور متناولا موضوع الطيور في «محمية صباح الأحمد الطبيعية» وكل ما يتعلق بأنواعها واشكالها واماكن تواجدها وافضل اوقات مشاهدتا وتصويرها المقيمة منها والمهاجرة.
ولا يسعني هنا الا ان اشكر الاخ أحمد المرشد نائب رئيس مركز العمل التطوعي وجميع العاملين في المحمية، وعلى رأسهم الاخ فوزي بورحمة مدير المحمية واحمد الصقر وعبدالرحمن السعيد وعادل الحسينان وعبداللطيف الفصام وابراهيم الزيد وحمد الهملان والمرحوم سامي المهيني على كل ما قدموه لي من مساعدة في توثيق وتصوير الطيور وايضا اخص بالشكر الجزيل كلا من بريان فوستر وبيكافجل اللذين ساعداني في هذا الخصوص. وكل ما أتمناه ان يمثل هذا الكتاب قيمة فنية وعلمية تضاف إلى الكتب البيئية العلمية التي سبقته وان يساهم باثراء الحياة الثقافية في الكويت».
واستطرد النصرالله في وصف محمية صباح الاحمد الطبيعية ليقول: تفضل حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه بافتتاح محمية صباح الأحمد الطبيعية بتاريخ 3/3/2004 بعد ان تم تغيير اسمها من منتزه الكويت الوطني إلى محمية صباح الاحمد الطبيعية، وتقع محمية صباح الاحمد الطبيعية شمال شرقي الكويت على طريق الصبية بمساحة 320 كيلومترا مربعا يحيطها سياج طوله 110 كيلومترات. ولها بوابة رئيسية تقع على طريق الصبية وتتميز بتضاريسها المتنوعة من تلال وسهول ومنخفضات ومسطحات طينية وشواطئ بطول 16 كيلومترا.
وقال عن تلال الزور: «تمتد تلال جال الزور في المحمية بطول 16 كيلومترا تقريبا ،يبلغ اقصى ارتفاع بها 150 مترا ولهذه التلال منحدرات واودية صخرية ورملية تكونت بسبب الامطار والسيول منذ سنوات طويلة. وتعد من افضل البيئات الطبيعية التي تتميز بها المحمية لكونها الملاذ الآمن للكثير من الثدييات الكبيرة وفي مقدمتها القط الرملي والثعلب الاحمر «الحصني» الذي تكاثر بشكل ملحوظ في السنوات الاخيرة نتيجة لتوفر المكان والغذاء المناسبين. حيث تعتمد هذه الحيوانات في غذائها وبشكل رئيسي على القوارض الصغيرة مثل اليربوع، الذي ينتشر بشكل كبير في المناطق المجاورة للتلال، وطائر البومة الصغيرة الذي يستوطن الاودية والمنحدرات يعشش بين صخورها وتشققاتها ايضا، حيث يتغذى على تلك القوارض الصغيرة، وتنمو في تلك المنطقة شجيرات تميزها عن المناطق الأخرى مثل شجيرات القرضي والارطي والثند وكثير من النباتات الحولية من السليح والعضيد والسعدان.
وعن منخفض أم الرمم قال وهو من أهم المنخفضات والأودية في الكويت بعد وادي الباطن، حيث تبلغ مساحته 13 كيلو متراً مربعاً تقريباً، ويقع في غرب المحمية وهو قريب جداً من منطقة طلحة، وينقسم منخفض وادي ام الرمم الى قسمين تصلهما منطقة ضيقة تسمى منطقة العنق، وعلى اطرافه العديد من الأودية الصغيرة ذات الانحدار الشديد، شبيهة بمنحدرات تلال جال الزور، لكنه يختلف عن التلال بتجمع الامطار فيه على شكل بحيرات، وخصوصاً في السنوات التي يكثر فيها المطر، والمنخفض غني بشجيرات القرضي والعوسج والنباتات الحولية الاخرى، ويمكن مشاهدة كثير من الحيوانات فيه مثل الضربان «الضربول» والثعلب الأحمر، والطيور الربيعية والخريفية وفي مقدمتها الهدهد - الصرد الرمادي الكبير «حمامي العربي» البومة الصغيرة.
وقال عن منطقة طلحة - شجرة طلحة: توجد في المحمية شجرة قديمة جداً يقارب عمرها 100 عام تقريباً يطلق عليها شجرة الطلح «السدر الصحراوي» فهي قريبة جداً من منخفض وادي ام الرمم، اي غرب المحمية، ولهذه الشجرة اهمية كبيرة جداً حيث يأوي اليها كثير من الطيور خصوصاً في فترتي الربيع والخريف مثل الجوارح الصغيرة مثل (الاشول - الرماني - القفصي)، وفي مارس من عام 2001، تم رصد تفريخ طائر الزرزور الاندلسي على تلك الشجرة واشجار الصفصاف القريبة من شجرة طلحة باعداد كبيرة جداً وعلى شكل مستعمرة وهذا الامر يعتبر الاول من نوعه في الكويت.
بينما اشار الى المنحدر الخلفي ومنطقة العوجة بقوله: وتشمل كل المنطقة التي تقع في شمال غرب المحمية تقريباً، اي خلف تلال جال الزور وهذه المنطقة من اكبر المناطق في المحمية، وتتميز بسهولها المنبسطة وبعض التلال الرملية المتفرقة والمنخفضات السهلة التي تتجمع فيها مياه الأمطار على شكل «بحيرات» في أثناء موسم المطر، وتنمو في هذه المنطقة شجيرات الرمث وتغطي معظم تلك المنطقة بالاضافة الى بعض شجيرات القتات وكثير من النباتات الحولية مثل النوير والعنصيل والبروق والكحيل التي تنمو في فصل الربيع وتوفر المأوى لكثير من الكائنات الصغيرة وفي مقدمتها الفراش كفراشة ابي العيد والعناكب التي تنشط في فصل الربيع.
وتشاهد بكثرة في هذه المناطق الافاعي والسحالي بأنواعها المختلفة والضب والورل ايضاً فهما من الحيوانات المميزة في تلك المنطقة يجب ايضاً الا ننسى الطيور البرية التي تستوطن السهول المنبسطة لتبني اعشاشها على الارض كطائر القبرة المتوجة «القوبعة» والقبرة الهدهدية «أم سالم» والقبرة قصيرة الارجل ويشاهد ايضاً طائر الحباري، واما في السماء فتنتشر الجوارح الكبيرة على شكل اسراب تحوم فوق المنطقة باحثة عن غذائها في السهول، ومن اشهرها عقاب السهول - مرزة البطائح «مسح الريضان» - النسر الرمادي.
وقال عن السهل الساحلي: هذه المنطقة تقع اسفل تلال جال الزور باتجاه البحر، فهي عبارة عن سهل ساحلي بطول 16 كيلو متراً تكثر فيه السبخات وبخاصة كلما اقتربنا من البحر وينمو في هذا السهل خليط من الشجرات المعمرة المقاومة للملوحة مثل الغردق والهرم والعجرف والكثير من النباتات الحولية.
وحول بحيرة منخفض ام الرمم قال: تقع البحرية في منخفض ام الرمم بمساحة كيلو متر مربع لتضفي شكلاً جميلاً ومنظراً بديعاً يضاف الى جمال منخفض ام الرمم في شكله ومساحته والتلال الصغيرة المحيطة به».
بالاضافة الى حديثه عن البرك المائية العذبة، الجاذبة الطيور، وكذلك نبات العلندة وهو من النباتات النادرة في الكويت، ولقد تم اكتشافه والعثور عليه في المحمية في فبراير عام 2004 بعد فترة اختفائه من البيئة الكويتية دامت اكثر من 50 عاماً.
واشار المؤلف الى اهداف فريق ادارة المحميات الطبيعية ومنها اعادة توطين الحيوانات والنباتات المهددة بالانقراض والمحافظة على الصفات الطبيعية للبيئة الكويتية، وغيرها.
وبالتالي فقد رصدت كاميرا النصر الله طيور المحمية في صور تضمنها مجلده الفريد، مع شرح مختصر لكل طائر على حدة مثل السمان «غريرة» وهو مهاجر غير شائع يشاهد في المحمية خلال شهر سبتمبر، والحذف الصيفي «البط» وهو مهاجر عابر قليل العدد يزور المحمية خلال الشتاء، «واللقلق الاسود» وهو مهاجر عابر نادر جداً، بالاضافة الى ابو «منجل الأسود» وهو مهاجر عابر قليل العدد يشاهد خلال فصلي الخريف والربيع، والواق الصغير، والبلشون الذهبي، وأبوقردات، وصقر العسل الحوام «بوحقب» والحدأة، والنسر الأسود والنسر الأصلع والباشق وعقاب البادية، وابلق اوروبي، وخاطف الذباب شبه المطوق، والذعرة الصفراء، ودرسة الشعير، وغيرها من الطيور التي تزور المحمية في فصول السنة المختلفة.
وعلى هذا الاساس فان كتاب «الطيور في محمية صباح الأحمد الطبيعية»، يعد من المراجع المهمة، تلك التي يعود اليها الدارس في حياة الطيور البرية.