يقول الحكماء: إذا أقبلت الفتنة عرفها العلماء وإذا أدبرت عرفها عامة الناس.
كثير من الشباب اليوم متحمسون ومتحفزون لما يجري على الساحة المحلية من صراع بين الأقطاب ويسجل النقاط لكل طرف ويتحمس لهذا الفريق او ذاك، وعندما قدّم الشيخ احمد الفهد استقالته، اعتبر البعض ذلك الحدث انتصارا للحرية والديموقراطية واقترابا من طموحات الشعب، لكنني أكرر ما قلته مرارا بأن ما يحدث فتنة، وعندما يحسم فريق الامور لصالحه في كرّة من الكرّات لا يعني ذلك انطفاء الفتنة، بل قد تزداد الامور تعقيدا وتصل الى مراحل مؤلمة يستحيل معها العودة الى السابق.
لئن هالنا ما وصلت اليه العلاقة بين بعض اطراف الاسرة الحاكمة وطفو خلافاتها على السطح بالرغم من حبنا الشديد لتلك الاسرة ورغبتنا في الوئام بينها لأنها محور ارتكاز للحكم في الكويت وكل ما يمزقها هو تمزيق للنسيج الاجتماعي، لكن ما يشعرنا بحزن اكبر هو ذلك السقوط المدوّي لكثير من نواب الشعب وانكشافهم المخيف في ظل تلك الازمة، فمن يصدق بأن كثيرا من النواب يُباعون ويُشترون كما نشتري الثوب الذي نلبسه!! ومن يصدق بأن نائبا انتخبه الشعب ليكون عونا له ومحققا لمطالبه يرهن نفسه عند بعض الشخصيات الحكومية ويطبق سياسة «بيا بيا برو برو» حتى وإن ضحى بالحق والعدالة على مذبح الحريات!! وما هو مصير البلد في ظل وجود هذه النوعيات من النواب وتزايدها المستمر عاما بعد عام؟!
ان المسألة تحتاج الى اعادة النظر في مسيرة البلد بشكل عام واعتبار ذلك المجلس مجلسا مزوّرا، فليس شرطا ان يكون التزوير في صناديق الاقتراع ولكن الامر الاخطر هو في تزوير ارادة الناخبين والسير عكس مصالحهم.
والامر العجيب هو ان المجالس التي كانت تمثل ارادة الناخبين - بالرغم من الامور المزعجة التي بدرت منها لكنها كانت الاسرع في الحل بينما هذا المجلس الذي أصم آذان الناس بخلافاته وتجاوزاته يوجد اصرار على المحافظة عليه.
قد يقول قائل: اذا كان الامر كذلك فلماذا تحرّمون على الناس الخروج الى الساحات العامة والتظاهر لإسقاط الحكومة؟ والجواب هو ان هذه ليست هي الطريقة الصحيحة لتحقيق مطالب الشعب ولاسيما في ظل وجود نظام برلماني مهما كان به من اختلال، كما ان استمراء الناس لهذه الطريقة سيجعلهم يطبقونها مع كل حكومة مقبلة مهما كان صلاحها، والتظاهر وسيلة لا يمكن التحكم فيها او ضبطها ولكن الحل الامثل هو في مناصحة الحاكم ورئيس الحكومة بخطورة هذا المنهج ودماره على البلد، وكذلك بتوعية الناخبين بأن حقوقهم مهدورة مهما تصوروا نفع نوابهم لهم، وبسنّ قوانين أقوى تأثيرا في محاربة التزوير وشراء ذمم الناس، فلاشك ان ذلك سيؤثر على الاقل في الانتخابات المقبلة بإذن الله، وإذا كان النواب المخلصون جادين في محاربة الفساد وردع النواب المفسدين فلماذا لا يتقدمون باستقالة جماعية، فهي وإن لم تؤدِ الى حل المجلس ولكنها لاشك ستحدث هزة في المجتمع كما فعل نواب مجلس الامة في الستينات؟! ونرجو ألا تكون المصالح الشخصية مقدمة على مصلحة الأمة.
سلامات بوعبداللطيف
نحمد الله تعالى على سلامة الأخ الفاضل سامي النصف وزير الاعلام والمواصلات ونتمنى له عودة مباركة الى عمله، وعسى الله تعالى ان يحفظه من عيون الاعلاميين ألا تصيبه مرة أخرى.
د. وائل الحساوي
[email protected]