أحداث اليوم في الكويت كثيرة وخطيرة لابد أن نعيها حقيقة بشكل دقيق لكي نعرف كيف نتعامل معها من دون إحداث فتن تهز المجتمع وتخل بمسيرته التاريخية الطيبة.
خطورة ما يحدث يجعلنا، وكل محب لهذه الأرض، أمام خيار واحد لابد من التمسك به و هو خيار الوحدة الوطنية والتشبث بأذيالها لأن الحقيقة الكبرى التي تزعج الآخرين هي أن الكويت قامت على التعددية واحترامها بل أكسبت تعدديتها لوناً اجتماعياً فريداً من نوعه ما جعل كل كويتي يفتخر بها بملء فمه وهذا هو شأن المجتمعات الواعية.
أحداث اليوم يجب أن تواجه بفهم جديد للوحدة الوطنية وبإصرار يسمع صوت الأغلبية الصامتة لتخرج من صمتها وتواجه ألاعيب العابثين بوعي شديد لما يقومون به بشكل مباشر أو غير مباشر من محاولات لهدم الصرح الوطني العظيم الذي أقامه الآباء والأجداد.
لا يمكن أن نسمح لمسلسل الكتابات المسيئة، ومن الواضح أنه بفعل فاعل خبيث، أن يحقق مبتغاه. إنني هنا لا أقلل أبداً من حجم الإساءة، بل انها غير مقبولة بأي حال من الأحوال، فهذه الأفعال مستنكرة ولا تجوز شرعاً أو قانوناً أو أخلاقياً ولكن الاخطر منها تداولها لضرب فئات المجتمع الواحد وتخوين البعض وخلق جبهات يتخندق فيها أبناء الوطن ما يعد بحق انقلاباً على القيم التي تأسس عليها كياننا السياسي والاجتماعي.
لقد حزنت كثيراً عندما علمت بالقسر المبالغ فيه الذي شهدته إجراءات التحقيق في هذه الحادثة، واعتقد أن التحريض العقائدي من محبي الفتنة ودعاتها كان سبب ذلك، مما صبغ التحقيق بصبغة طائفية بغيضة، فكل طفل أو شاب شيعي متهم ومعرض للتحقيق في هذا الأمر، وهو ما أدخل فئة كبيرة من المواطنين في خانة الجناة قبل أن تثبت أي تهمة بحقهم، الأمر الذي أدى إلى إهدار حقوق المواطنة وحق الدفاع الذي رسخته القوانين السماوية والبشرية، ولا شك أنه من الواجب على وزارة الداخلية ان كانت قد اتبعت هذا النهج أن تعتذر عن ازعاج المواطنين لأنه من القواعد القانونية في أعمال التحقيقات أن تكون محايدة تتحرى الحقيقة بأساليب يجيزها القانون لا أن تتم مخالفة القانون من أجل كشف الجناة، وأعظم مخالفة للقانون هي في وضع الناس موضع الشبهة لمجرد انتمائهم العقدي أو المذهبي وهذا لا يصح في دولة تحترم القانون بل هي رائدة في التقنين كالكويت.
الحادثة الراهنة يجب التعامل معها بحذر ودقة قانونية محضة حتى لا تتحول إلى معول هدم للوفاق الوطني والوئام الاجتماعي بين المواطنين من السنة والشيعة، ويجب رفض تدخل أصحاب الأهواء والمصالح والأجندات الخاصة في الموضوع، لاسيما السادة النواب المحترمين من أي طرف كانوا.
أخيرا أقول إذا كان هناك مجنون أو اثنان أو عشرة فعندنا عقلاء و حكماء من الفئات كافة تفتخر بهم هذه البلدة الطيبة، إنه من الغريب حقاً أن ندعو لذكر محاسن الموتى وإن لم تكن لهم محاسن، أما الأحياء فلا عزاء لهم. وهناك حديث يبقى لوقت آخر.
د.أحمد حسين
كاتب وباحث كويتي