بدمع قلبي لا بحبر قلمي أكتب رثاءك يا إياد، ومازال صوتك يصدح في اذني حين أناديك فتقول لي «اياد بكسر الهمزة لا بفتحها ابن عمي» منذ ما يزيد على شهر من الزمان حين اختارك المولى لقربه، وأنا أجاهد نفسي على كتابة شيء مما أعاني من الغصة، إلا أنني كلما أمسكت قلمي غلبتي دموعي وأنا احسك بقربي وبداخلي حين صحوي وهجوعي... لا يفارقني صوتك، واسمع، كلما سكن فكري، كلامك بل وحتى همسك، أراك في كل شيء تراه عيني، واحسك مازلت تحيا بين دنيانا هذه وبيني، رحلت والنفس إليك عطشى، وفراقك ما رحم قلبي عذاباً وبطشاً، كم أعاني من الغصة ألا أراك ولا أسمع لك صوتاً، وكم تزيد غصتي حين أجد جواب رسائلي إليك صمتاً، عشت يا إياد كما تشاء، لا كما غيرك يشاء، وذهبت أيضاً وقد أتعبت من قوة نفسك العناء، لك قلب ما رأيت مثله في قلوب البشر، لا يجد ضغينة ولا يحمل على أحد ولا يخلط صفوه بكدر، لك روح لو قسم بعضها على الناس لكفتهم نبلاً ورقة وعطفاً واحساساً... لك فوضوية منظمة، فيك عفوية ململمة، عرفتك عطوفاً حنوناً... تعيش العقل بجنون، تأخذ من الشيء، أي شيء، ما تيسر، وتترك من كل شيء، أي شيء، ما أحسسته تعسر، حين أرى «الخنساء» تبكيك أجدد معها بكائي، كيف لا وقد انقطع من وصلك رجائي، وأقول: كيف لا يبكي مثلها على مثلك، وأين تجد لها بديلاً عن قلبك، ابك، ابك... أيتها الخنساء فعلى مثل إياد تذرف الدموع. ابك يا خنساء ففداء إياد من البشر جموع، حين اتصلت بآلاء لأقوم بواجب العزاء، خانني دمعي أمامها، وغدت تعزيني هي وأخفت آلامها، فقد أخذت آلاء منك طبعك، تكبر على همومك وجروحك ولا يعرف أحد همك، حين أهال الناس على جسدك التراب، رأيت سؤالاً في عيون كل الأحباب والأصحاب، كلهم يسألوني بعيونهم التي كادت تنطق، ما بك يا محمد، هل انت حزين، ما لصوتك مطبق، ما لقلبك يخفق؟ جاوبت جوارحي كلها إلا لساني، نعم أنا حزين، بي غصة، فؤادي فارغ، انهار كياني، هالني فراقك يا إياد وكسر في روحي وقلبي عماد، كم يحزنني فراقك، ويؤلمني بعادك، ومازال بي الحزن يزيد، وعادة الحزن مع الأيام ينقص، لم اعتد أن يشاركني همي أحدا، وما كنت أنطق بحزني لأي فرد... إلا حزن فقدك يا إياد، فقد رآه في عيني وعلى سمات وجهي حتى الجماد... لست أرثيك يا إياد إنما أرثي نفسي بعدك، وإن كان لي من عزاء فعزائي أن ذكراك لا تفارقني لحظة من الزمن. نم هادئاً يا إياد، نم هادئاً فقد اعجزني النوم بعدك... وإن كان صعب علي إن أرثيك... إلا أن قلبي بكى فكان من مداد دموعه ما كان. فليرحمك الله وهو خير الراحمين.
محمد صالح السبتي
كاتب كويتي
[email protected]