الكل يفهم في السياسة!

تصغير
تكبير
| حسين علي غلوم |

يستطيع أي فرد من أفراد المجتمع النبوغ في مجال أو أكثر من مجالات العلوم الاجتماعية، من دون أن يقرأ حتى كتاباً واحداً يتعلق بهذه العلوم، لأن جميع مشارب علوم المجتمع ترتكز على نظريات، و أساس أي نظرية هو الملاحظة، ملاحظة ظاهرة معينة إذا تكررت وأعطت نتائج متقاربة تصبح نظرية، ولا يمكن أبداً أن تصل إلى مرحلة أن يقال عنها قوانين علم الاجتماع، وأقصى ما تبلغه هذه النظريات أن تدعم بالكلمة السحرية التي نقرؤها بشكل شبه يومي في الصحف المحلية «أثبتت الدراسات»، لا أدري إن كانت كلمة حق أم لا، ولا أدري ما يراد منها، فهذه الدراسات غالباً ما تكون عبارة عن تجارب أو احصائيات او غيرهما تطبق على فئة عشوائية من المجتمع، و يتم التوصل إلى رأي استناداً على هذه الدراسة التي أول تشكيك يطرأ عليها هو كيفية انتقاء المجموعة العشوائية و احتمال عدم صدق بعض المشاركين في الدراسة، وحتى لو كان الرأي مبنيا على النتيجة الأعلى نسبةً، فمن وجهة نظر رياضية في علم الاحتمالات أن نسبة وقوع احتمال معين «نتيجة» من احتمالات التجربة أو الدراسة يكون بعد عدد لا نهائي من التجارب، هذه العلوم، لا يمكن التسليم بها مثل الرياضيات فالجذر التربيعي للرقم «4» هو «2» اليوم و في الأمس و غداً و على سطح القمر.

الملاحظة و العقل، هما متطلبا الضلوع في علم الاجتماع ما ان يلاحظ الفرد تصرفات و احوال المجتمع ويحلل هذه التصرفات وفق منهجية معينة في التفكير سيصل إلى نتيجة ولربما نظرية في علم الاجتماع.

في الأيام السابقة سمعت الكثير من الناس يستاء من حديث الجميع بالسياسة، نعم السياسة للجميع ويستطيع الكل الخوض في السياسة و ابداء الرأي و التمسك به، على أن نضع في عين الاعتبار أن دقة الملاحظة و منهجية التفكير السليمة و منطقية التحاليل هي مقياس التفاوت بين جودة الآراء السياسية، على مر التاريخ والعصور كل نظريات علم السياسة «الفلسفة السياسية»، مبنية على ملاحظة تجارب سابقة وتطبيقها أو مقارنتها مع الوضع الحالي، من جمهورية أفلاطون إلى أمير ماكيافيلي إلى فلاسفة العقد الاجتماعي، كلها عبارة عن ملاحظات و تفكير أو تحليل لتصرفات المجتمع وما هو مرتبط به.

أما اشمئزاز البعض، وأخص بذلك المتخصصين في علم السياسة من دخول أفراد المجتمع في خضم التحليلات السياسية فهو أمر غير مبرر ولا ينم إلا عن تعالٍ على افراد المجتمع، فالمتخصصون في علوم المجتمع، خصوصاً السياسة متيقنون من أن العلم الذي يضطلعون به علم غير ثابت خاضع للظروف الزمانية و المكانية يتساوى في كل موقف احتمالات النتائج المتوقعة.

نعم، المتخصص في علم السياسة من واقع درايته بالعديد من التجارب السياسية السابقة، وتكون عنده ملكة في تحليل المواقف السياسية و استقراء الأوضاع بشكل أفضل من غيره ربما، وتضمن على الأقل حداً أدنى من جودة المخرجات الناتجة عن تحليله.

علم المجتمع للجميع وعلم السياسة للجميع... بعد دقة ملاحظة و جودة تفكير كبيرتين.

* بعد مقالي السابق استاء البعض من توجيه انتقادي لكتاب شباب واشارتي اليهم بصورة واضحة، هذا الانتقاد ليس هجوماً وليس تجريحاً إنما دفاع عن النفس والثقافة وكرامة العقول ومستقبل الكويت. لذا لزم التنويه.





* كلية الهندسة و البترول

twitter@haj_hussain
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي