No Script

رؤى / يوم قتل الزعيم ... لنجيب محفوظ

تصغير
تكبير
| لطيفة جاسم التمار |

عمل سردي سياسي، وعادة ما يثير الخطاب السياسي اهتماما غير جمالي لأن السياسي يعتمد على أحداث متغيرة، وعندما يقترب فيها العنصر الجمالي يهرب من الاتجاه الآخر أزهى ما فيه، فكلما كانت الأحداث السياسية والشخصيات أحداثا تاريخية صبغ العمل بصبغة تاريخية سياسية. ورواية «يوم قتل الزعيم» لنجيب محفوظ يميزها طابعها السياسي التاريخي فهي تعرض ليوم مقتل الزعيم - السادات - تعرض لشخص الحاكم، تتميز كلمة الزعيم بشيء من المفارقة فكثير من الشعب كان لا يربط لقب زعيم للرئيس السادات، وانما كان هذا لقبا لصيقا لعبد الناصر، وهنا يبرز عنصر المفارقة، كذلك لا يمكن أن نغفل عنصر الايقاع، والمقصود بالايقاع هنا حركة الزمن ودرجة سرعة الأحداث، وعادة ما يعتمد الايقاع على خمسة عناصر هي «الحذف، والاختصار، والمشهد، و التباطؤ، والتوقف».

اعتمدت الرواية في ايقاعها على مستوى متطور وهو ما يقصد به تيار الوعي، والذي يتناول عنصر الزمن بشيء من التعقيد أي أنه يصعد به وينزل دون أن يتوقف عند عنصر التسلسل الزمني، وتعتمد الرواية على ثلاث شخصيات الجد والحفيد وخطيبة الحفيد، ويدور الايقاع الزمني بينهما في عدة دورات حتى تستقر عند كلمة الجد. جمع محفوظ الشخصيات في محاور عدة أولها العمر، فقدم الجد الذي ينتمي الى الجيل القديم الذي يمثل الوعي والتجربة والتاريخ، وقدم جيل الحفيد والخطيبة ذلك الجيل الجديد، الذي ينقصه الخبرة والوعي بصغائر الأمور، أما المحور الثاني فهو الجنس، اعتمد محفوظ على ذكريين وأنثى كشخصيات أساسية في روايته، مما جعلها غير متوازنة من ناحية الجنس خارجيا، لكنه عمد على ادخال أصوات نسائية أخرى كي يوازن نوع الجنس في الرواية فحقق لها الموازنة المطلوبة للعمل. فما هو واضح اختزال جيل الوسط وجعل مشاركته معدومة. ولربما أراد من هذا أن يكون التقابل بين جيلين مختلقين بشكل تام لا يوجد بينهما نقطة تلاق.

وعندما نعمل قياسا للايقاع الروائي نجد أن أبنية الحوار متوازنة بين الجد والحفيد والخطيبة هذا ما يجعل التوازن بين شخوص الرواية قائما، وتستغرق دورة الرواية عاما كاملا، تدور أحداثها في ثلاث فترات بين الشتاء والربيع والصيف ويأخذ الشتاء الفترة الأطول، وتحدث المفارقة بين جيل الشباب في جيل عبد الناصر «الزعيم» وجيل السادات الانفتاحي، وكأن الكاتب يريد توصيل فكرة خاصة عن الجيلين جيل عبد الناصر الثوري وجيل السادات المنفتح على العالم من أوسع،، ومن هنا أخذت الاشارات السياسية مكانا متميزا في العمق الروائي، فكانت الرواية سياسية ذات صيغة أدبية اعتمدت اعتمادا كبيرا على المفارقات في بنية الرواية بين السطح والعمق، والتي أدت الى انسجام النظام الكامن في البنية الروائية للعمل السردي فهذا التضاد يجعل من العمل ذا طابع درامي يحقق شعار النموذج الدرامي في عملية السرد.





* ماجستير أدب عربي

Latifa-altammmar@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي