فيصل فالح السبيعي / الرأي المختلف / قانون إشهار الذمة... مطلب مهم

تصغير
تكبير



لماذا سكت الآن المطالبون منذ سنوات عديدة بقانون يحاسب على كسب المال الحرام ويكشف عن الفاسدين؟ عانى الناس من فساد أصحاب القرار والسياسيين منذ تأسيس المؤسسات الحكومية والتي كانت في أوج قوتها منذ الستينات قبل ان تتلاشى رويدا رويدا، وقلما تبادر الحكومة الى الجهات المعنية، ولا سيما ان هناك قانون اشهار الذمة المالية تستطيع ان تعرف من خلاله أولئك المسؤولين الذين يخونون الأمانة فيجمعون ثروات كبيرة عن طريق استغلال مواقعهم في التثمين وأملاك الدولة والمناقصات وغيرها، وان تتأكد كيف يمكن ضبطهم ومحاكمتهم وكباقي خلق الله كائنة ما كانت مناصبهم.

وعلى مر الأيام تعلمنا الكثير عن تعامل الدول الديموقراطية مع هذا الأمر الخطير وكيف تسن له القوانين التي لم تترك شاردة ولا واردة والا احتاطت بها كي تحمي الأموال العامة من النهب والاختلاس وكي تقطع اليد التي تمتد لها بالاثم او بالرشوة وكي تحصن المناصب الكبيرة من استغلالها للاثراء الحرام، ومع الوقت أصبح الكسب غير المشروع عندنا اسما لقانون طالب به النواب والمفكرون، لكن قوى عدة ساهمت في اجهاضه.

صحيح ان القانون حضاري، ويتواءم مع الظرف الحالي بعدما كثر اللغو والحديث عن الفساد المستشري في البلاد، وتتطرق وسائل الاعلام إلى هذا الموضوع، وكان من الاجدر تفعيل هذا القانون وجعله واقعا ملموسا، ويدحض او يحد من تنامي الفساد في بلادنا، وصحيح ان القانون سوف يواجه فساد متمرسين لديهم الحنكة والمقدرة عليه وايجاد ثغرات قد يكون من الصعب تخطيها. ولكن هذا القانون سيعتبر عند اقراره بصمة حضارية يتشدق بها المخلصون من أبناء هذا البلد، وصحيح ان هذا القانون تستطيع الحكومة ان تتقدم به - قبل ان يداهمها النواب بطلبه - وصحيح ان أي قانون جديد يحتوي عيوبا ينبغي الانتباه لها عند عرضه على مجلس الأمة كي يجري اصلاحها، كما ان هناك عيوبا اخرى سوف تظهر أثناء التطبيق، لا يجوز السكوت عنها، بل طرحها ومناقشتها في مختلف المنابر، ونتعظ من قانون المطبوعات والنشر الذي جاء فيه الكثير من الاخطاء، لانه أتى على عجل من دون دراسة متأنية.

وصحيح كذلك ان القوانين الجديدة يمكن ان تفسدها النوايا السيئة، ويمكن ان يلتف عليها محترفو الاحتيال، لكن الصحيح والأهم ان اشهار الذمة المالية قانون غير مسبوق وخطوة ايجابية صحيحة على طريق الشفافية، والمساءلة، طالما تطلعنا لها وتمنيناها استكمالا لنظامنا الديموقراطي الناشئ.

بقي ان نقول ان على مجلس الأمة في دورة انعقاده المقبلة، ان يفوت الفرصة على الذين بدأوا يزرعون الألغام في طريق الاصلاح الديموقراطي الذي يشق طريقه بخطوات جريئة وصحيحة، ولاسيما مشاريع القوانين الجادة والمحاسبة الحقة، لخوفهم وخشية على أنفسهم، وان يغتنم هذه الفرصة التاريخية النادرة لمناقشته واقراره كباكورة لانجازات جديرة بأن يفخر بها. وأخيرا يجب ألا نبخس الحكومة حقها اذا قدمت مشروع القانون أولا، وتكون سابقة مكملة لمشاريع عدة كانت فيها صاحبة الريادة والسبق.


فيصل فالح السبيعي

محام ومستشار قانوني لجمعية الصحافيين

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي