في زحمة الحياة، وقطارها المنطلق دون توقف، نمر على محطات عدة، بعضها يفتح النفس، وأخرى نتمنى ألا نتوقف فيها.
كثيرون يلهثون في الحياة وراء سراب بقيعة، وما علموا أنه خداع في خداع، ونراهم يبحثون عن السعادة والمتعة في منصب يعتلونه، أو مال يحصلون عليه، فإذا ما حققوا ما يصبون إليه، اكتشفوا أنها كانت خدعة من خدع الحياة.
إننا نتناحر سياسياً، ونتخاصم طائفياً، وننقسم إلى شيع وأحزاب وطوائف، ظانين أنها ستأخذنا إلى واحة الإمان، حيث الاسترخاء والراحة والطمأنينة، ولكننا ما فتئنا نمزق جسدنا، ونقطع أوصالنا، حتى بتنا كائناً مسخاً، ليس فيه أي ما يدل على ملامحه الأولى التي تسر الناظرين.
انتشر بيننا الحسد، فالفقير فينا يحسد الغني، وهذا طبيعي ويمكن تفسيره، ولكن أن يحسد الغني الفقير، فهذا ما لا يمكن تفسيره، ولو طفت في كل كتب ابن القيم وابن الجوزي، لأنها حالة نادرة الوجود.
حكومتنا مترددة ضعيفة، تتخذ قرارات، وتقرر التراجع عنها بعد أيام، أو ساعات، ولربما دقائق معدودة، أي والله، دقائق معدودة، ولا تستغربوا من هذا فهنا الكويت، حيث تستجوب الحكومة الحكومة، ويتناوش أبناء العم أمام خلق الله، واللي ما يشتري يتفرج.
صحافتنا وإعلامنا الحر تم استغلاله ممن لا يفهم من الحريات سوى الشتم والسب وقذف الناس بالباطل، ووصل بنا الحال أن نشتم رموز دول الجوار ممن امتدت لنا أيديهم أيام محنتنا، وأصبحنا نتراشق بألفاظ لا تليق، دون إحساس أو مسؤولية تجاه الوطن والمواطنين.
بعض صحافتنا ومواقعنا الإلكترونية فتحت أبوابها لأصحاب الفتنة، وللطائفيين من كل الأطراف لينفخوا في نار لو استعرت ستأكل الأخضر قبل اليابس، بينما تتفرج وسائل الإعلام على حفلات الردح، حتى وصلت السكين إلى العظم، ولو أنها طبقت قانون المرئي والمسموع بصورته الحالية لانكشفت كثير من الأقنعة المزيفة، ولعرفنا من بكى ممن تباكى.
محطات كثيرة توقف فيها قطار الحياة، وددنا أنه لم يتوقف عندها، ورغم تلك الأوقات العصيبة، فإنني ما زلت متفائلاً بخيط من النور سوف يبدد ذلك الظلام الدامس يوماً ما، لأنه لا يمكننا إلا أن نتفاءل.
د.عبداللطيف الصريخ
كاتب كويتي
Twitter : @Dralsuraikh