No Script

تواصل «التنقيب» في الأحداث والأحوال

حوار / الروائية إلهام منصور: أغوص في الواقع لأفتح باب «الكنز»

u0627u0644u0647u0627u0645 u0645u0646u0635u0648u0631 ttt(u062au0635u0648u064au0631 u062cu0648u0632u0641 u0646u062eu0644u0629)r
الهام منصور (تصوير جوزف نخلة)
تصغير
تكبير
| بيروت- من اسماعيل فقيه |

تميزت الروائية إلهام منصور بكتابة الرواية الواقعية. فقد دخلت تفاصيل الحياة اليومية في مجتمعها، ونسجت من خيوط لحظاته وأحواله حكايات جمّة، واستمرت في هذا المسير من اجل ان **تبقى كلماتها مواكبة لزمن تسعى الى تدوينه وفق اصول ترتاح الى حيثيتها.



لا تتوقف منصور عن الكتابة، والرواية بالنسبة اليها نشاط الوعي الضروري، فماذا تقول لـ «الراي» عن كتاباتها وما آلت اليه اللغة؟

• ماذا عن الرواية التي تكتبينها، أما زالت محافظة على وتيرتها؟

اخترت كتابة الرواية لأستمر في البناء المشهدي للواقع وفق اصول انطلق منها. فمن الطبيعي جداً ان تستمر وتيرة الكتابة عندي على حالها، وهي في مراحل جديدة اليوم، وأجد نفسي مواظبة اكثر على الكتابة فالاحداث والاحوال والايام تشدّني اكثر اليها. وأعتقد ان الحياة هي في ذاتها رواية ننجزها على مراحل. والأهم كيفية تدوين هذه الحياة وقراءتها.

حال الكتابة الروائية التي اخترتها لنفسي تسير وفق الاصل وضمن الاطار الذي يخاطب اقتناعي. وما زلت في المكان الذي يخولني الرؤية الى ابعد ما يمكن، ولكنني طبعا لا اكتفي بهذا انما تبقى نظرتي متجهة اكثر صوب البعيد، وحتماً هذا البعيد هو القريب ايضاً، وكذلك هو المساحة الممتدة بين البعيد والقريب.

• هل تعتبرين ان كل رواية لك صورة خاصة عنك؟

اكتب الحياة بما تمثّل من واقع ووقائع، وأغوص كثيراً في اللحظة المفتوحة على زمنها بكل ابعادها. وحين ادخل الواقع وأروي ما ارى وما اريد، فإنني انطلق من تناغمي المباشر مع الواقع. الكتابة عن الواقع تكاد تكون صيغة اخرى عن هذا الواقع، لكنها حتماً من صلب هذا الواقع. روايتي تؤدي الدور الموزون لمراحل هذا الواقع وطقوسه. اما بالنسبة الى حضوري في الرواية، فهو حتماً لا يغيب. ومن الطبيعي جداً ان ينحاز الراوي الى اقتناع يحمله، كذلك لا يمكن الكاتب او الراوي الا ان يسير ويتحرك بين ثنايا الواقع بما يمليه عليه وعيه وثقافته. ولكن لا تؤدي الرواية التي اكتبها دور الساحر الذي يُغيّر الصورة لمجرد الاضاءة عليها. الرواية عمل جاد ومهم يحتمل الكثير من المغامرات ولكن المدروسة. وإذا حاولتم دخول تفاصيل ما ارويه وأكتبه ستكتشفون ان الواقع الذي انطلق منه في البناء الروائي هو حاجة وضرورة لاكتمال المشهد الذي يرضي الآخر والقارئ والمهتم، وقبل كل هذا يرضي نفسي واقتناعاتي.

• ماذا تعني لك الرواية اليوم في ظل انحسار القرّاء والقراءة لمصلحة التكنولوجيا؟

مهما كانت الاهتمامات التكنولوجية جاذبة للآخر فانها لا تأخذ دور القارئ. صحيح ان قرّاء الرواية والادب في شكل عام الى انخفاض ملموس، ولكن هذا لا يثبت ان الرواية خارج الاهتمام. وربما نلاحظ ان الاهتمام بالرواية اليوم لدى فئات المجتمع، لافتا ويتفوق على الادب وسوى ذلك من اصناف الكتابة. اعتقد ان الرواية التي تخاطب الانسان في صميم وجدانه وشعوره، وتلك التي ترسم مساحة الزمن الذي يعيشه انسان اليوم والغد، تقع في دائرة الاهتمام ولا يمكن القفز فوقها، والوقائع كثيرة في هذا السياق. ثم ان الرواية تؤدي دوراً جاذباً في وعي القارئ وخصوصاً اذا كانت محافظة على وتيرة تفاعلية، وتملك قدرة الاختراق في هرم المجتمع والفئات والنفوس المتنوعة. كما اعتقد ان الرواية تضطلع بدور مهم في بناء الوعي لدى المتلقي، وتجعله يرى ما يسمع به. قد يتحسّس القارئ ما يقرأ، وقد يتعرّف جيداً على تفاصيل لا يعرفها ويتمنى ان يعرفها. تعني لي الرواية الكثير، وكلما انجزت عملاً جديداً اشعر بانني قدّمت جديداً الى سواي، كأنها هدية كبيرة.

• ما زالت روايتك تدور في فلك الواقع الذي انطلقت منه؟

اصدرتُ روايات عدة، وفي كل عمل قدّمت نموذجاً معيناً ورأياً وموقفاً وصورة. كل هذا لم يكن على مستوى التشابه الكلّي وهذا في ذاته يمثّل تحدياً كبيراً في العمل الروائي. الايام التي حاولت تدوينها في روايتي كانت وستبقى خير دليل على اهمية الرواية ومحتواها.

• الى اي مدى يستطيع الراوي التوغل داخل واقعه لبناء عمله الروائي، وما مدى قدرته على النجاح؟

كلما توغل الراوي في كتابة واقعه عثر حتماً على ما هو اكثر، راى اكثر، تعرف اكثر على تفاصيل جديدة. الكتابة في ذاتها عمل اكتشافي اذا جاز التعبير، ذلك ان التوغل والغوص عميقاً في الواقع يشبه الغوص في الاعماق، اعماق البحار والمحيطات والغابات، وقد لامسنا ذلك في التجارب التي سبقتنا وما زلنا نلامس هذا الاكتشاف. حين اكتب امراً معيناً وواقعاً معيناً فإنني انطلق بداية من خطوطه العامة والاولى، وسرعان ما اجد نفسي منقادة الى الغوص في تفاصيل كثير لم احسب لها اي حساب. فالحال او الصورة او المعنى الذي انطلق اليه يكون بمثابة الباب الذي افتحه وأدخل، وحين ادخل ارى مساحة واسعة مليئة بالحضور والغياب، حافلة بالمحطات والتطلعات، مُسيجة بالتعب او الحب، تمتد على مسالكها الكثير من اللحظات الصاخبة. وهكذا اجد نفسي كأنني فتحت باب «الكنز» او باب المجهول الذي يدلني على المعلوم.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي