لغة الأشياء / قرأت و لم أستمتع!

تصغير
تكبير
| باسمة العنزي |

بالصدفة وقع بين يدي كتاب عنوانه «اقرأ و استمتع»، للمرحلة المتوسطة و هو يقوم على فكرة جميلة نفذت بشكل ضعيف،جمع انتاج طلبة المدارس المتميزين في كتاب واصداره مع الاشارة لاسم المدرسة وأسماء الطلبة المشاركين.

الكتاب كان تجميعاً لانتاج طلبة الصف الثامن من مدرسة البيان ثنائية اللغة. منذ الصفحات الأولى صدمتني الحقيقة التي تتجاهلها وزارة التربية و القائمون على التعليم والثقافة. انحدار المستوى اللغوي وركاكة الأسلوب وفقر الحصيلة اللغوية مع وضوح عدم الانسجام مع لغة الضاد!

كل ما سبق لا يعدو كونه هما ثانويا ان قرأنا هموم وشجون وأحلام وأجواء طلبة الصف الثامن! غالبية الطلبة كانت هائمة في عوالمه الذاتية ما بين الشاليه والسفر لأوروبا ومقالب الأصدقاء، وحدها طالبة فلسطينية لفتت نظري بعمقها واختيار مواضيعها وسط الكثير من الضحالة التي تميز بها معظم الطلبة!

الغريب أن القائمين على الكتاب بالاضافة الى اختياراتهم المتعثرة والتي ما كان يجب لها أن تتعدى صحيفة حائط في مدرسة، لم ينزعجوا من الركاكة و السطحية ولو كانت لطلبة الصف الرابع المتوسط، ولم يزعجهم أن يتضمن الكتاب أو ما يسمى بكتاب- نكت وطرائف كتبتها احدى الطالبات بها استهزاء بالآخرين من جنسيات مختلفة وفئات مختلفة، أن ترديد هذه النكات في الخفاء و تكريس مفاهيم العنصرية والفوقية والازدراء في محيط الطفل والمراهق أمر لا أفهمه لكني مدركة أنه موجود في الكثير من البيوت،لكن أن تقوم مدرسة أو أصحاب مشروع يسمى «اقرأ و استمتع » والمفترض أنه مشروع جاد وتوعوي، بمبادرة تتضمن طباعة ونشر مثل هذه المادة يدل على أن الخلل أعمق وأخطر مما نتصور.

نظرة واحدة متفحصة يلقيها المهتم بالشأن الثقافي المحلي على انتاج هؤلاء الطلبة، تبين مدى العزلة المعرفية والفقر الثقافي الذي يعيشه طلبة مدارس الكويت عامة كانت أو خاصة. الى درجة لم يعد هناك أمل من دق ناقوس الخطر، فلا وزارة التربية مهتمة و لا المجلس الوطني للثقافة و الفنون والآداب مهتم ولا حتى أولياء الأمور مهتمين بتدني مستوى ابنائهم معرفيا وثقافيا!

***

لا تعجبني اللغة التي يستخدمها أعضاء مجلس الأمة في الحوار عندما تشتد سخونته، فتتناثر الكلمات جزافا بشظاياها متجاوزة قاعة عبد الله السالم الى الصحيفة و المنزل والشارع.

لم تعجبني اللغة المتدنية في السجالات العقيمة التي يبدو فيها ممثل الأمة وهو منتفخ الأوداج حانقا ومرددا كلمات الغضب الكريهة.ملقيا بها دون اكتراث ومن دون أدنى شعور بالذنب... كلمات يحوم حولها الذباب تنشر البغض والقبح أينما حلت.

أيضا لا تعجبني نبرة الازدراء و الفوقية والغرور التي يتحدث بها النواب عن الآخرين، لن يكون آخرهما عبد الله الرومي وعادل الصرعاوي، الغالبية تبدو مشحونة بالسلبية وسوء اختيار المفردات الملائمة، هل هم بحاجة لدورات تعلمهم مبادئ الحديث أمام الجموع و وسائل الاعلام، و أصول الخطابة و الحوار؟!

منا الى رابطة الأدباء هذا الاقتراح طالما أن موسمها الثقافي المتذبذب متوقف منذ فترة طويلة، اقامة مثل هذه الدورة لأعضاء مجلس الأمة ستكون مفيدة للمجتمع وتحرك المياه الراكدة في الرابطة!
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي