فهد البسام / نقطة / خل يحكم عشان يرحل!

تصغير
تكبير
نواب وكتل تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى يطالبون رئيس الوزراء بالرحيل عن منصبه، والرئيس باقٍ ومتمسك بمنصبه، الصعوبة تكمن في فهم سر تمسك كلا الطرفين بمواقفهما، فلا الرئيس يحكم فعلاً ولا النواب والمعارضون أعلمونا ان كانوا هم يعلمون أساساً ماذا يريدون.

فأصحاب مطالبات الرحيل لا يحددون شكل البديل المطلوب أو أجندتهم المستقبلية حتى لا يقعوا مرة أخرى في ورطة «النفس الاصلاحي» وذلك ما يجعلهم دوماً فوق المحاسبة من جهة ويجعل أي رئيس قادم عرضة لمساءلاتهم ومناكفاتهم الشخصانية المزمنة والتي غالباً ما يكون ظاهرها الاصلاح وباطنها الفساد، المهم أن ترحل وان سئلوا أجابوا بأن أمر البديل متروك لتقدير صاحب السمو الأمير، نعلم أن القرار أولاً وأخيراً لصاحب السمو لكن ما تطلعاتكم وأمنياتكم لشكل الرئيس المطلوب حتى تكون تحت عين سموه ومشاوراته، ولن تجد رداً واضحاً صريحاً كي لا يكون الحساب بعدها على قدر الجواب، للأسف بعض نوابنا ما زالوا يملكون عقلية تلميذ المدرسة المتوسطة المشاغب حديث البلوغ والفخور بصوته الجديد، يستخف دمه في كل الحصص وكل المواد وعلى كل المدرسين فلا هو يعرف ما يريد ولا هو الذي يترك للطلبة الآخرين الفرصة للتعلم والانجاز، أنا أعترض وأصرخ اذاً أنا موجود.

في المقابل، رئيس الوزراء الموقر متمسك بمنصبه الذي يهيمن بموجبه على مصالح الدولة رغم عدم قدرته الجلية على اتخاذ القرارات الصعبة والفارقة، فالاما هذا التمسك بالسلطة ان كانت لا تُستخدم؟!، مسألة اتخاذ القرارات السهلة وتسيير العاجل من الأمور وابقاء الوضع الراهن و«الهون أبرك ما يكون» واعطاء كل من يريد كل ما أراد عملية هينة الكل قادر عليها ولا تستحق شقاء تحمل المساءلة والاهتزاز المتواصل، بل ان هذه القرارات السهلة والتنازلات المستمرة للنواب والنقابات بالكوادر والبدلات والعلاوات وما الى ذلك من قرارات شراء الرضا هي ذاتها التي أدت للاستضعاف، أما حبس هذا ومقاضاة ذاك فهذه مجرد مظاهر تحكم وليست جوهر حكم، ببساطة استضعفت نفسك فاستضعفوك، وفي مجتمع يكثر فيه التحاسد وتسود فيه النزعة المظهرية والاستهلاكية لن تتوقف المطالبات ولن ينتهي طريق التنازلات الذي لم يكن يوماً طريقاً للبقاء فما بالكم بالمعالي.

نحن أيضاً نتحمل جزءاًً من المسؤولية ربما رغماً عنا، فنحن كأفراد يفترض ألا يعنينا كثيراً بقاء ناصر أو رحيل جابر أو اعتزال أحمد، الأهم النهج والرؤية والقرار والباقي شكليات كلهم فيها يتشابهون، فالسياسة في دول العالم المتحضر اسلوب لادارة دولة، مفاوضات وتنازلات وتوفيقات وتسويات وأخذ وعطاء في قضايا حقيقية ومصيرية والكل شركاء في قيادة الدفة، أما هنا فالوضع غريب ومبتذل، فقد أقحمونا بينهم وصرنا شهود عيان لتنافس سياسي بين أفراد الأسرة الحاكمة أدواته مالية الدولة ومستقبلها، فالسياسة عندنا شيخ يسيطر على مجلس وزراء يتحكم بكل مقدرات الدولة وأموالها يمطر كوادر وبدلات وما على النواب الا العمل على استنزاف هذه الموارد بأسرع ما يمكن، وشيخ آخر يوزع منافع التنمية ومناصبها وثالث يراقب الاثنين ويزيد كل ما يمكن زيادته وهكذا دواليك كل حسب ما تحت يده ومستوى «كرمه» سعياً وراء زيادة شعبيته بيننا وبفلوسنا، والنائب الجيد هو النائب الأقدر على الاستحلاب الأكثر، كأننا نعيش مسلسلاً أردنياً قديماً، شيخ قبيلة وأبناء عمومته يملكون الأرض وما عليها والشاعر الأجزل أو الفارس الأشجع أو المهرج الأذكى هو الأقدر على أخذ الوهايب والعطايا له ولجماعته، الفارق أننا نملك دستوراً ولكن في كل الأحوال سحقاً للمستقبل وأهله.

المَخلص، هالشعب المسكين «ابتلش» فيكم كلكم..

لا أستثني أحداً..





فهد البسام

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي