أوراق ملونة / مجمّع السلطان قلاوون ... أثر مملوكي يحكي التاريخ

تصغير
تكبير
| بريشة وقلم علي الجاسم |

كان العصر المملوكي- 648 الى 923هـ، 1250-1517م- يمثل العصر الذهبي في تاريخ العمارة الاسلامية في مصر والشام والحجاز، اذ تبارى سلاطين وأمراء تلك الفترة بتشييد العمائر** المختلفة من جوامع ومدارس وخانقاوات وأسبلة وأربطة وحمامات وفق ما عرف بنظام المجمعات الدينية، أي أن المنشأة أصبحت تؤدي أكثر من وظيفة، ومن أشهر أمثلتها في مصر الذي يضم مدرسة ومسجدًا وضريحًا وبيمارستانًا وسبيلاً وخلاويا لأقارب الطلاب وميضأة «موضع الوضوء» وغيرها من الملاحق الثانوية، صمم بنظام الايوانات المتقابلة، وهو عبارة عن صحن أوسط مكشوف تحيط بأضلاعه أربعة ايوانات أكبرها واعمقها ايوان القبْلة، حيث ان مساحته مستطيلة وأرضيته مفروشة بالحجر ويغطي سقفه بالخشب المعرق، ويذكر التاريخ ان من امر ببناء هذا المجمع الملك المملوكي العادل كتبغا المنصورى سنة 695 هجرية/ 1295م عندما تولى ملك مصر بعد خلع الناصر محمد بن قلاوون سنة 694 هجرية/ 1294م فشرع في البناء حتى وصل الى مستوى الكتابات الظاهرة على واجهته. ثم حدث أن خُلِع الملك العادل قبل أن يتمه، وتمت تولية الناصر محمد بن قلاوون مرة اخرى، سنة 698 هجرية/ 1299م فأمر باتمامه فتم البناء في سنة 703 هجرية/ 1304م ونسب اليه، ثم اضاف له مئذنة جميلة عام 703هـ/ 1303، مكونة من ثلاث طبقات، الأولى مربعة زينت وجهاتها بزخارف وكتابات جصية جميلة، وانتهت بمقرنصات تكونت منها الطبقة الأولى، والطبقة الثانية كانت مثمنة الشكل انتهت بمقرنصات أخرى كونت الدورة الثانية، أما الطبقة الثالثة وهي العلوية فحديثة البناء. كما تميزت مباني المجمع بواجهة المدرسة المزخرفة بالحنايا المحمولة على عمد من الرخام يتوسطها شبابيك بمصبغات نحاسية، كما يلفت النظر القبة المزخرفة بالفسيفساء والخشب المذهب ومحمولة على أربعة أعمدة اسطوانية سميكة من الجرانيت الأحمر وجدرانها مكسوة بالرخام وهذه القبة دفن تحتها السلطان المنصور قلاوون وابنه الملك الناصر محمد. وأهم ما يسترعى النظر في واجهة المدرسة، الباب الرخامي الذي يعتبر بطرازه القوطي غريبا عن العمارة الاسلامية فقد كان لاحدى كنائس عكا فلما فتحها الأشرف خليل بن قلاوون سنة 690 هجرية/ 1291م من الصليبيين نقله الى القاهرة ووضع في هذا المسجد في عهد الملك العادل كتبغا عندما شرع في انشائه، كذلك يعرف عن ان السلطان الناصر محمد قلاوون... قد امر ببناء البيمارستان وهي المستشفيات في المجمع ووفق ما ذكره ابن اياس في كتابه «بدائع الزهور في وقائع الدهور» محاولة من السلطان للتكفير عن ذنوبه.



* كاتب وفنان تشكيلي

Ali_watercoulor@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي