د. محمد جبر الحامد الشريف / ما هكذا يُردّ الجميل لأصحاب المعروف

تصغير
تكبير
كان لمصر برئاسة الرئيس حسني مبارك معروف على الكويت وأهلها ابان الغزو العراقي على دولة الكويت في 2-8-1990 من خلال الموقف التاريخي له، ودوره المؤثر على كثير من الدول العربية المشاركة في القمة العربية المنعقدة في 10-8-1990 في القاهرة بشأن الغزو العراقي على دولة الكويت، عندما برز دوره الفاعل من خلال توجيه الأعضاء المشاركين في المؤتمر للتصويت لإدانة الغزو العراقي على دولة الكويت، وعدم الاعتراف بقرار العراق بضمها، وتأكيد سيادتها واستقلالها والتمسك بعودة نظام الحكم الشرعي فيها، وإرسال قوات عربية إلى المملكة العربية السعودية لردع العدوان العراقي.

كل تلك القرارات كان الرئيس حسني مبارك وراءها، والتي خرجت في وقت كنا نحن الكويتيين في أمس الحاجة لها، فكانت بعد الله بمثابة بصيص الأمل لنا عندما دب اليأس في نفوسنا عندما سيطرت القوات العراقية على الكويت بكاملها.

كما كانت هذه القرارات التي انتزعها الرئيس مبارك انتزاعاً من تلك القمة عاملاً إيجابياً ومشجعاً للدول الغربية لإرسال قواتها للمشاركة في تحرير الكويت. لم يتوقف الرئيس حسني مبارك عند هذا الحد ولكن أرسل فرقا من الجيش المصري البطل للمشاركة في تحرير الكويت، والذين قاتلوا جنباً إلى جنب مع قوات التحالف.

كانت مواقف هذا الرجل لا تنسى، ولا ينساها صاحب مروءة لأنه صاحب معروف وفضل على الكويت وأهلها، في الوقت الذي تخاذل عنا كثير من زعماء العرب. ما دفعني لكتابة هذا الموضوع هو هجوم بعض الكتاب الكويتيين على شخص الرئيس حسني مبارك ووصفه ببعض الألقاب السيئه، كالديكتاتور، والطاغية، والفرعون الأكبر، متناسين معروفه وفضله علينا، وهذه ليست من شيم وأخلاق المسلمين ولا العرب في التعامل مع صاحب الفضل.

ولنا في رسول الله صلى الله عليه و سلم أسوة حسنة في مثل هذه المواقف، لما أسر الرسول صلى الله عليه وسلم مجموعة من كفار قريش في معركة بدر، كان الرسول صلى الله عليه وسلم بين أمرين اما قتلهم أو فديهم بمال، فدار نقاش بين الرسول صلى الله عليه و سلم وكبار الصحابة في هذا الموضوع فتذكر الرسول صلى الله عليه وسلم رجلا كان له معروف وفضل عليه وهو مطعم بن عدي الذي أجاره وحماه من كفار قريش لما رجع إلى مكة من رحلته إلى الطائف فقال النبي «لو كان مطعم بن عدي حياً ثم سألني في هؤلاء النتنى (الأسرى) لوهبتهم له»، أي أطلقتهم إكراماً له، علماً أن مطعم بن عدي كان مشركاً ومات على الشرك. فهذه هي المروءة والأخلاق النبيلة في التعامل مع أصحاب المعروف.

أنا لست مع الرئيس حسني مبارك، ولا أؤيد إدارته في حكم مصر، وضد الفساد الذي استشرى في عهده، ولكن ما حدث في مصر هو شأن مصري بحت، وقرار اختاره الشعب المصري لتصحيح أوضاعه، وله ما يريد في ذلك. و لكن نحن ككويتيين ما زلنا نتذكر موقف الرئيس حسني مبارك ومعروفه وفضله علينا، ولن ننساه ما دمنا أحياء. فمن المروءة والشهامة أن نستذكر تلك المواقف العظيمة له، فقد رحل الرجل بحسناته وسيئاته فدعونا نتوقف عن الكتابة في شخصه، وأن نحفظ ألسنتنا من التهجم عليه، والاستهزاء به.

أسأل الله أن يحفظ مصر، وأن يرزقها الأمن والاستقرار، وأن يهدي أهلها سواء السبيل.



د. محمد جبر الحامد الشريف

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي