«ما وراء الأبواب» لهشام الخشن... لوحة اجتماعية مصرية

u063au0644u0627u0641 u0627u0644u0631u0648u0627u064au0629
غلاف الرواية
تصغير
تكبير
| القاهرة من أغاريد مصطفى |

«ما رواء الأبواب.. أسرار عائلة مصرية»، رواية جديدة صدرت للكاتب «هشام الخشن»، عن الدار المصرية- اللبنانية، تقع في 182 صفحة من القطع المتوسط، بغلاف بديع للفنان** حسين جبيل، وبمقدمة للدكتور جلال أمين.

على الرغم من أن «ما وراء الأبواب» العمل الروائي الأول لهشام الخشن؛ حيث لم تصدر له إلا مجموعة قصصية واحدة بعنوان «حكايات مصرية جدا»، فإنها تمتلك الكثير من عوامل النضج الفني، التي تضع كاتبها على طريق السرد الطويل.

تحكي الرواية عن عائلة من أغنياء مصر الحاليين، ليسوا أثرياء فساد أو نفوذ، بل في الأغلب كدّوا حتى وصلوا إلى ما هم فيه، ثراؤهم ليس محرِّك الأحداث، بقدر ما تحركهم مشاعرهم وأحاسيسهم، بعض هذه المشاعر أحلام ومزيد من الطموح، والبعض الآخر ضعف إنساني وانتهاز لفرص من أجل تحقيق مآرب شخصية.

هذا الهيكل العام للعمل، كما يرويه مؤلفه، اقتضى العديد من التقنيات السردية التشكيلية والموضوعية، منها على سبيل المثال تأمل شخصياته بكثير من العمق، في محاولة لسبر أغوارها الداخلية ومحاولة المواءمة بينها وبين الشكل الخارجي للشخصية، حتى إنه يقترب في الكثير من المواضع لما يشبه التصوير الفوتوغرافي، الذي يقوم به الراوي العليم المسيطر على جميع الشخصيات التي يحركها وفق مقتضيات الحدث، لكنه لم يقع في النفور والمشاعر السلبية إزاء شخصياته، بل تعامل معها بكثير من المحبة، وأغرق أحيانا في هذه المحبة، كما يتضح من تعامله مع شخصيتي «مارجو» الأميركية التي تخفي إسلامها، وفريدة ابنتها؛ حيث غزل الكاتب علاقة مثالية بين جيلين بينهما فرق شاسع في الوعي والثقافة، وهما شخصيتان رئيستان في العمل.

كما تعامل الكاتب مع بقية شخصيات «ما وراء الأبواب» بوضعها الإنساني وليس الاجتماعي؛ حيث المظهر الاجتماعي لا يشكل المظهر الأساسي للشخصية، بل الانتماء الإنساني، وهي نظرة مثالية في رؤية العمل الأدبي والهدف منه. كان الراوي واعيا بها وهو يكتب هذه الشخصيات، فلا يرد تغييراتهم النفسية والشخصية إلى الظرف الاجتماعي المحيط، بل إلى العمق الإنساني الحاكم؛ لتكوين هذه الشخصيات.

وذلك عندما يكون الوعي هو الآلة الحاكمة في التغيير ورؤية المصير الإنساني كنقطة بعيدة المدى في التكوين العقلي للشخصيات، كما حدث لدى مارجو، واستسلامها الإنساني المثير للشفقة للحظة موتها، وهي المصابة بالسرطان حيث يكون الخيار النهائي لها بإعلان إسلامها؛ لتدفن في مقابر المسلمين، وهي الأميركية التي عاشت مزدوجة الشخصية بين شكل مسيحي من خلال حرصها على قداس الأحد، وإيمانها العميق بالإسلام، وظلت تراوح حتى على مستوى الشكل بين اسمين هما: مارجو، وفاطمة.

وشكليا اعتمد الراوي تقنية الوصف لملامح كل شخصية على حدة، في انفصالها وارتباطها ومدى تأثيرها في سياق التسلسل الزمني للأحداث وهي تقنية صعبة، شابتها كثيرًا النظرة الطبيعية للشخصيات، باحترام البشري فيها والذهاب إلى حد تقديسه، وربما بعض هذه الشخصيات تمثل امتدادًا لشخصيات حكاياته التي صدرت قبل ذلك بعنوان : «حكايات مصرية جدًّا» أو هي أغلب هذه الشخصيات مضفورة في عمل روائي كبير.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي