عندما ينزل المطر فإنه يشرع للإنسان أن يدعو «اللهم صيباً نافعاً»، وكذلك علينا أن نشكر الله على نعمه كي تزيد «لئن شكرتم لأزيدنكم»، وإن أكرمك إنسان يوما ما فمن الذوق والأدب أن تشكره وترد له التحية بمثلها أو بأحسن منها، ولكن عندما يأخذ شخص جهازك النقال ليتصل به، ثم يرجعه إليك بعد استعماله له فليس مطلوباً منك أن تشكره على هذا الفعل.
ليس مطلوباً من مواطن أن يشكر السلطات في بلده لأنها وفرت الخدمات الأمنية والتعليمية والصحية، فالأصل في السلطة، أي سلطة، تدير أي بلد أن توفر أبسط مقومات الدولة، كما يجب عليها أن تحمي أبسط مقومات الإنسان، دون منة أو افتخار بتلك الإنجازات، فمن أبسط حقوق أي مواطن أن يعيش بحرية وكرامة، وأن يعيش في حالة من الأمن، وتتكفل السلطة التي تنسمت الأمر برغبتها تحقيق تلك الرغبات، وتوفير تلكم الاحتياجات.
يجب أن يدرك حكوماتنا المتعاقبة وأعضاؤها المتضامنون دوماً، أن خدمة الوطن والمواطنين تكليف لا تشريف، وأن من يرضى بأي منصب وزاري قيادي فعليه المبادرة في سبيل رفعة الوطن، وزيادة رخاء المواطنين، وليس العكس، كما عليهم تحقيق رؤية حضرة صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله ورعاه، في تحويل الكويت إلى مركز تجاري ومالي، وعليها أن تدرك تمام الإدراك أن تلك الجهود وإن كانت مشكورة بالمجمل، إلا أنها من أبسط الواجبات عليها، ولسنا ملزمين كعاملين في مجال الإعلام والصحافة بتمجيدها وأعضائها في الطالعة والنازلة لتشجيعهم لمزيد من البذل والعطاء للوطن.
خذوا على سبيل المثال: قبول استقالة وزير الداخلية الذي جاء متأخراً، من حيث المبدأ نشكر وزير الداخلية الخالد على تحمل المسؤولية السياسية من مقتل محمد غزاي المطيري، وتقدمه باستقالته، ولكنني أستغرب التأخر في البت فيها كل هذا التوقيت دون وجود مبرر، وكما أن تعيين الشيخ أحمد الحمود وزيراً للداخلية ضربة معلم كما يقال، إلا أنها خطوة مستحقة في رقبة الشيخ ناصر المحمد، ويجب عليه أن يختار القوي الأمين لمثل هذه الوزارة الحساسة.
مثال ثان: الإفراج عن الدكتور عبيد الوسمي بعد مسلسل استمر فيه محبوساً لمدة ستين يوماً، كان من الممكن أن يكون حراً في بيته وبين محبيه، وفي جامعته وبين تلامذته، ولكنهم فجأة قرروا أن يطمطموا الموضوع، فأطاحوا الحطب، وألغوا القضايا عنه وعن الجاسم والفضالة، ويا رب تكون آخر فصول المسرحية التي سئمناها ثلاثة أعوام، مثال صارخ على ما أقول، فهي جهود وإن كانت مشكورة، إلا أنها واجبة على من يتقلد السلطة التنفيذية، ليس لهم في ذلك منة على أحد، بل المنة للشعب الذي استطاع أن يتحملها طوال هذه المدة دون أن ينفجر.
الحرية والكرامة يا سادة لا تشترى بالمال والمناصب، أو معاملة علاج في الخارج، بل هي حق مكتسب، أرجوكم أن تفهموا.
د. عبداللطيف الصريخ
كاتب كويتي
Twitter : @Dralsuraikh