عزف الحواس / عالم رمادي
أخذت تطير في خيالها وتحلق عاليا، اليوم تخرجت في الثانوية العامة وقدمت اوراقي على الجامعة وقبلت، فرحة لا توصف الكلمات فيها تقلل منها، دخلت الصرح الكبير وكلي امل ان القى بيدي النجاح من هنا، عالم وردي رسمته لنفسي دخلت القاعة الكبرى بهرت لعظم صرحها، توقفت للحظات اتأملها لم يمهلني الاستاذ لاكمل دهشتي، «ادخلي القاعة وسجلي اسمك في الحضور او انصرفي»، استعجلت الخطا وكتبت اسمي وانا ارتعش من مشاعري المتخبطة، رعب وخوف وفرح كبير، القيت قلمي من بين اصابعي على الطاولة فلمحت عينيه تنظران اليّ، سيطرت علي مشاعر الخوف مما رايت بهما، هربت من امامه الى مقعد جانبي، لم استطع الجلوس اجبرني ذاك الاستاذ على الاقتراب اكثر لمقعد اقرب اليه، هزتني مشاعري ما هذا الاسلوب، اسلوب جديد علي لم اعتده، هذا ما وجدته في ذاك الصرح الكبير، بدات اتآلف معه ومع من هم حولي لكي اضمن حقي، بضع ضحكات على قليل من دلع مصطنع وآخذ حقي، وصلنا الى السنة الاخيرة وكلي امل ان اخرج من هذا العالم المتصنع التافه، اقبلت بكل عزم وثقه الى عالم ظننت انه حقيقي وجدته نسخه بل الاصل من تلك السابقة، علي ان اجامل واسامر لاضمن حقي ايضا، عالمي الوردي تحطم طموحي تهشم، ظننت اني سابني المستقبل بمجهودي الطبيعي بعملي ودراستي، وهمتي لكني وجدت قليلا من الهمه وكثيرا من النفاق، صعدت الى سلم رسمته محاطا بالورود فأوجده الزمن لي مليء بالاشواك، اخدت اصعد درجة درجة، وانا اتألم اتأمل ان اصل للنهاية على خير لكن لا جدوى، في طريقي ذاك وجدت انسانا خيل لي انه فارسي، الذي سيقطع تلك الاشواك من حولي لاكمل طريقي معه بسلام، فوجدته يجبرني على النزول والبقاء في قفص من نحاس باهت اللون احببت ذلك القفص لكني اكره ان ارى من حلمت به يرتقي معي يحطمني، بحثت في ذلك القفص عن شي يسرني فقد قيل لي عصافير الحب يا سارة تكره الطيران وتحب قفصها لانها مع من تامن وتحب، بحثت في داخله لم اجد شيئا، ايقنت في لحظات اني في حلم ممسوخ مهترا اقف وراء الطباخ واطبخ لقوم لا اعرفهم اشياء مجبرة عليها وانا انظر متاملة ذاك الفارس ان يحل وزار الطبخ ويحملني الى سلمي وينزع عنه الشوك، حياة بائسة خالية من الوان الحقيقة، حياة رمادية.
طرق شديد على الطاولة، «ساره ارجعي الى عالم الواقع واعربي الطموح في الجملة.
تبتسم سارة وتجيب بسخرية: «لا اعراب لها استاذتي لا محل لها من الاعراب، عالم رمادي ضاعت في داخله طموح فتاه حالمة، فلا تسالني عن اعراب تلك الكلمة فلا اعراب لها عندي لا اعراب»!