ذكرنا في مقالنا السابق ضرورة تصدي علماء الامة لقضايا النوازل التي تنزل بالامة وتحتاج إلى علم واسع وفقه دقيق لتوجيه دفة الناس إلى فهمها وحسن التعامل معها، وتطرقنا إلى بعض آراء علماء الكويت: الشيخ د. عجيل النشمي والشيخ عبدالله السبت والشيخ فيصل الجاسم.
ولعل الشيخ النشمي قد اصدر فتواه حول الاوضاع السياسية في الكويت لكن تداعي الاحداث في تونس ومصر قد حتما ربط الناس لفتواه بما يجري في تلك البلدان المسلمة.
وانا لست في محل الفتوى في تلك النوازل الكبيرة بل كما ذكرت بانها تتطلب علماء الامة الكبار ليفتوا فيها، لكنني اردت إلقاء الضوء على بعض الامور التي لابد من الاجابة عنها:
اولا: السؤال هو عن كيفية اسقاط تلك الفتاوى على الواقع المرير الذي تشهده بلداننا الاسلامية واستفحال الظلم وبروز طبقة من الحكام بعيدة كل البعد عن الحكم بالاسلام او العدل بين الناس، واستخدامها للبطش والتنكيل بالمعارضين وعن كيفية التعامل مع الانفجارات الشعبية التي يقوم بها بعض من لا يخضعون لمسطرة الشرع.
ثانيا: ما ضوابط الانكار بالعلن وهل ما يجري اليوم من شتم وازدراء للحكام يعتبر جائزا، بل هل ما يقوم به المتظاهرون من سلب ونهب وحرق للممتلكات العامة وتعطيل لعجلة الاقتصاد هو جزء من الاستنكار السلمي؟
ثالثا: هل يمكننا تبرير وقوع الكثير من الضحايا في صفوف المتظاهرين وفي قوات الامن من اجل تحقيق الهدف المنشود؟! وماذا لو قرر الحكام مواجهة جموع المتظاهرين بالقوة ووقع صدام كبير بين المؤيدين للحكام والمعارضين لهم، وهو ما حذر منه السلف الصالح من باب «درء المفاسد اولى من جلب المصالح؟!».
رابعا: لقد شاهدنا الاحتجاجات في البلدان العربية يقودها شباب يافع ويائس ويحركها منتديات الانترنت، فما الضمان لعدم انحراف مسيرتها عن الاهداف المرسومة لها، وما الضمان من الا تصب نتائجها في ايدي قيادات منحرفة او فاسدة تكون اكثر انحرافا من السلطة التي قاموا لتغييرها؟!
خامسا: ذكر الشيخ النشمي بان المظاهرات لا تتنافى مع السمع والطاعة وان ما يسمح به ولي الامر والدساتير هو في دائرة المباح، وقد تكون بغير اذن ولي الامر إذا بلغ الظلم مداه، ولكن ماذا إذا كانت بهدف اسقاط الحاكم او استخدم فيها وسائل غير مشروعة او اندس فيها المخربون، أليس هنالك ضوابط يجب ان يتم تأصيلها لهذا الحدث الجلل ام أننا نترك لكل انسان اجتهاده في تغيير المنكر؟!
اتمنى من علماء الامة الكبار قطع الصمت والاجابة عن تلك الاسئلة المشروعة.
د. وائل الحساوي
[email protected]