د. جلال محمد آل رشيد / ... فلسطين أكبر الخاسرين

تصغير
تكبير

إن غياب القائد مغنية ليست خسارة كبيرة لـ «حزب الله» أو لبنان فقط، بل خسارة للأمة كلها، وفي القلب منها فلسطين، وقضيتها المقدسة... لقد خسرت فلسطين وشعبها ومقاومتها سنداً كبيراً شامخاً من جبال الصمود والمناعة في هذه الأمة.

العبارات الواردة أعلاه، هي بعض ما ورد في بيان التعزية الذي أصدرته حركة «الجهاد الإسلامي» في فلسطين المحتلة إثر استشهاد الشهيد السعيد الحاج عماد مغنية... الحاج رضوان.

إن استشهاد مغنية هو خسارة لـ «حزب الله»، ولكل المقاومين الداعين لتكريس الحق والعدالة في منطقتنا، كما أنه خسارة لفلسطين التي شكّلت على الدوام الهمّ الأكبر للشهيد مغنية. أما هذه العبارات الأخرى الواردة أعلاه، فقد كانت ضمن كلمات الدكتور موسى أبو مرزوق، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية «حماس»، في إطار إدانته لجريمة الاغتيال الصهيونية التي استهدفت الشهيد الحاج عماد مغنية. «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» عَدَّت حزب الله «حزب فلسطين والأمة»، وذلك ضمن ما أوردته في بيان لها في أعقاب استشهاد الشهيد مغنية، وأضافت في البيان ذاته أن الشهيد مغنية كان الهدف الأهم على قائمة التصفية لجهازي «السي آي إيه» (وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية) والموساد. وفي الاتجاه ذاته، جاءت بيانات أخرى لقوى فلسطينية أخرى.

بعض ردود الأفعال الكويتية على حادثة استشهاد الشهيد عماد مغنية، جاءت في إطار تفكير ضيِّق، لا يراعي مسألة السمعة الإقليمية لدولة الكويت في إطار محيطها الإقليمي، ذلك المحيط الذي لن يكون لها عنه بديل، لدرجة أن بعض تلك الكتابات ذكرت صراحة بأن الكويتيين والإسرائيليين فرحوا، معاً، إثر استشهاد الشهيد مغنية، مع أن القيادات الجهادية الرزينة في فلسطين المحتلة قالت كلاماً واضحاً عن الأهمية البارزة للشهيد مغنية بالنسبة إلى فلسطين وقضيتها وشعبها... يا جماعة، كفوا عن المزاوجة بين الكويت وإسرائيل، فإسرائيل عدوتنا، أما فلسطين، وقادتها المحترمون فيقولون إن استشهاد الشهيد مغنية هو خسارة لهم وللقضية الفلسطينية. فهل يمكن أن تتم عملية شتم الشهداء من أجل «شوية» تقارير استخبارية أميركية وإسرائيلية، وبعض التقارير الصحافية... بعيداً عن أي إدانة، وبعيداً حتى عن مجرد اتهام، مِن قِبَل الأجهزة الأمنية الكويتية عند حصول جريمة اختطاف «الجابرية»؟

هل نريد أن نشتم الشرفاء معتمدين على الحدس والتخمين... ومعتمدين على النَفَس القديم الذي كان سائداً في الكويت أيام الحرب التي شنها النظام العراقي، حامي البوابة الشرقية، على الجمهورية الإسلامية الإيرانية؟

إن المصلحة العليا للكويت تقتضي أن نكون دولة عصرية، فيها قضاء غير مسيَّس له الكلمة العليا، من غير تداخل في السلطات، ومن غير أي قصر نظر سياسي يؤدي إلى تحويل البلاد، لا سمح الله، إلى جهة منبوذة إقليمياً، فالرهان على أي حصان غير دائم في الإقليم، هو خطر كبير على مستقبلنا جميعاً كدولة، كما هو خطر شخصي على كل واحد فينا على حدة... بعد الموت، وعند الحساب.


د. جلال محمد آل رشيد


كاتب وأكاديمي كويتي

[email protected]


 

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي