د. وائل الحساوي / نسمات / مأساة عائلة السموني

تصغير
تكبير
استمعت الى قصة طفلتين من عائلة السموني تتحدثان عن مأساة عائلتهما خلال الهجوم الاسرائيلي على غزة العام 2008، وهي قصة مبكية قتل فيها قوات الاحتلال اكثر من ثلاثين من تلك العائلة الصامدة وجرح الكثيرون، ومنهم الاطفال والنساء، تقول اسماء السموني بأنها كانت تقدم الامتحان النهائي عندما بدأ القصف المدفعي وازيز الطائرات فوق الرؤوس، فشعرنا بالخوف الشديد وبدأنا بالشخبطة على اوراق الامتحان ثم سلمناها للمدرسات، وعندما ازداد القصف خرجنا من المدرسة مشيا على الاقدام الى ان وصلنا البيت وجلسنا مع العائلة في غرفة واحدة ولم نستطع النوم حتى الفجر من شدة الخوف واصوات القصف المتواصل.

انقطعت الكهرباء والماء والغاز وازداد البرد، فأخذ والدي يقص علينا قصة اصحاب الفيل ويطلب منا قراءة الادعية، وعند الفجر تيممنا للصلاة وصلينا ثم جهز لنا والدي الشاي على النار، وشربناه مع كسرة خبز وهي كل ما لدينا.

وما ان بلغت الساعة السادسة صباحا حتى طرق جنود الاحتلال الباب وطلبوا هوياتنا ثم استجوبوا والدي، بعدها اطلقوا القذائف الدخانية داخل البيت فاختنقنا من شدة الدخان وقمنا بعمل تنفس صناعي لأختي الصغيرة، ثم اطلقوا الرصاص علينا فأصيب اربعة من اخواني، ثم اخرجوا والدي الى الشارع واطلقوا عليه النار فاستشهد في الحال.

هربنا جميعا من البيت الى الشارع وهم يطلقون علينا النار وذهبنا الى بيت عمي فامتلأ البيت بالاطفال.

وسط خوف شديد، خرج ابن عمي ليحضر لنا حطبا لإشعال النار فأطلقوا عليه صاروخا فاستشهد، ثم خرج عمي لتفقد ابنه فقتلوه ثم بدأوا بقصف المنزل، طلب ابن عمي الآخر منا الهروب من المنزل لكني كنت قد اصبت بـ 12 شظية في رأسي وسقطت على الارض مع الكثير من افراد عائلتي الذين كانوا اشلاء ممزقة ومنهم من قطع رأسه ومنهم من تطاير دماغه ومنهم من قد انقسم الى نصفين.

جاءت سيارات الصليب الاحمر لإنقاذ الجرحى ولكن اليهود لم يتركوا لهم فرصة بل اطلقوا عليهم القذائف، ولم يستطع المنقذون اخراجي من بين الجثث إلا بعد ثلاثة ايام كنت قد نزفت فيها كثيرا.

اما «منى السموني» فقد كانت قصتها اغرب من قصة اسماء وقد قتلوا والديها واخوانها امام ناظريها ثم اضرموا النيران في منزلها.

وهكذا يروي لنا الواقع قصصا اغرب من الخيال عن مأساة بشرية تمالأ على مشاهدها الكثيرون: من قام بارتكابها، ومن شاهدها وشهد فصولها، ومن باركها ومول مرتكبيها، ومن صمت صمت القبور امامها او التفت عنها وكأنما هي قصة فيلم درامي شاهده على شاشة السينما ثم خرج وتركها.



وانتقل الظلم الى الكويت!

كنت اعتقد بأن قصص الظلم الصارخ لا تحدث إلا في البلدان التي فقدت الانسانية وعاشت في ظلام الجهل والتعصب الى ان تابعت قصة محمد المطيري رحمه الله الذي تواطأ على قتله مجموعة ممن يفترض فيهم ان يكونوا حماة للأمن وللوطن، وبطريقة دنيئة تدل على فساد مستشر في تلك الاجهزة، لكن يبقى المخلصون والحريصون على مصلحة الوطن هم الأكثر.

نحن مع نواب مجلس الامة في الضغط من اجل ضمان كشف خيوط الجريمة ووصول المتسبب فيها الى ان يأخذ جزاءه مهما كان اسمه او مكانته، فالظلم ظلمات يوم القيامة وعاقبته في الدنيا وخيمة.





د. وائل الحساوي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي