فهد البسام / نقطة / نون

تصغير
تكبير
شفي ولدها من مرضه فدعت نسوة الحي واطفالهن الى بيتها، الفقر يقصم الظهر والرجال في غوصهم والملل عادة يومية، تبدأ النساء بالتوافد واحدة تلو الاخرى، هذه تصطحب ابنها الوحيد «النزغة»، وتلك تسحب ابناءها المزعجين وجميع من صادفتهم «بالسكة» حتى موقع المناسبة، اما الوافدة الجديدة على الحي فقد اصطحبت ابناءها وابناء «شريكاتها» وابناء ابناء زوجها حتى يعم الفرح على رأيها، وهكذا دواليك ام تجر اخرى حتى امتلاء المكان، عدا اجملهن التي جاءت وحيدة، صاحبة المنزل لم تتوقع كل هذا العدد الغفير من الاطفال وامهاتهم، فالمنزل صغير والامكانات محدودة والاطفال لا يهدؤون ولا يسكتون، الطفل ممتاز وهو نائم اما اذا صحا فيكون كزعيم قبيلة افريقية مزركش بالاصداف والخرز فاقع الالوان معتد برمحه، لا احد يدري ماذا يريد ولا احد يعلم من اين يستمد قوته وثقته بنفسه، فما بالكم بكل هذا العدد من الاطفال وزعماء القبائل الافريقية وامهاتهم الناطقات بلا فواصل او راحة؟! الاطفال بدأ يعلو صراخهم وازدادت مناوشاتهم وتحديهم لبعضهم البعض، والامهات منشغلات عن فلذات اكبادهن بممارسة رياضة «الحش» والفتنة تمهيداً لالقاء دعاء كفارة المجلس قبل المغادرة، صاحبة المنزل الكريمة ندمت على ما فعلت، ياليت الولد لم يشف وياليتني لم ادع احداً، فسارعت ببدء مراسم الحفل وصعدت على مكانها المرتفع في طرف «الحوش» وبدأت بإلقاء المكسرات وقطع الحلويات «والبرميت والجكليت» وقطع صغيرة من النقود المعدنية على الاطفال المتهيئين لاقتناصها وتلقفها وهم يرددون اهازيج المناسبة المعتادة، بدأت الفوضى وعلا الصخب وساد الهرج، هذا يزحف ليلتقط «خردته» واخر يرفع دشداشته ليقع فيها اكبر قدر من القطع المعدنية وعلى هذا المنوال كان شكل «الصراع»، انشغل الاطفال «بالغنائم» واعين امهاتهم ترقبهم من بعيد، اما الام صاحبة الدعوة فلا تفكر الا بسرعة الانتهاء لترتاح من المأزق الذي وضعها فيه شفاء ابنها، انتهت العملية بنجاح وسكت الجميع وانفض «النون» وعاد الهدوء يملأ ارجاء البيت...

عادة جميلة اندثرت مع ما اندثر...





فهد البسام

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي