لك الحق يا سيدي أن تطوي صفحات مراحل حياتك كما شئت، فأنت حر في ما أردت أن تطوي من أوراقها، والأمر يرجع إليك أن تشطب ما لم يتم نشره وقوله وتدوينه في صفحات التاريخ، والذي سيبقى راسخاً في ذاكرته، تتداوله الأجيال جيلاً بعد جيل، فإما أن يلعنوك أو يترحموا عليك، فإن كنت تستطيع أن تطوي مراحل حياتك، فنحن جاهزون لانتقاد تقلبك بين تلك المراحل بين التناقضات، ولن تستطيع أبداً أن تضحك على شواربنا بقناعاتك التي تبدلت بين ليلة وضحاها، وإن كان لك الحق أن تطوي صفحات حياتك المتعددة، فصفحة مصلحة الكويت لم ولن تطوى بإذن الله، ويجب عليك أن تقف إلى جانب الوطن ومصلحة المواطنين.
أرجوك يا سيدي لا تتلاعب بالكلمات، وأنت فارسها بكل تأكيد، فلسنا أغبياء بدرجة كافية حتى نصدق ما تقول وتدعي، ولسنا أغبياء أن نصدق فكرة (التضامن) المزعوم كي نبرر فعلتك في الدفاع عن مناهضي الحريات، وساحلي الكرامات جوراً وظلماً، وقامعي الشعب دون اعتبار لمصلحة قريبة أو بعيدة المدى، سوى مصلحتهم الشخصية.
أتمنى عليك يا سيدي... أن تتحرر من الفخ الذي أوقعت نفسك فيه، فصفحة حياتك لم تطوَ بعد، والملك ما زال يسجل أقوالك ويدوِّن أفعالك، وستجد كل ذلك في كتاب، لا يضل ربي ولا ينسى، ولكل أجل كتاب، ولا تمسك القلم كالأطفال فتعبث في صفحات حياتك الناصعة، فهذا والله فعل لا نرضاه لك ولأمثالك.
لك الحق أن تطوي ما شئت، هذا من حقك، ولا سلطان لأحد عليك، ولكن تذكّر أنك لن تستطيع نزع تلك الصفحات أبداً، فهي باقية في سجلك، شاهدة عليك بكل أمانة صوتاً وصورة، وعلى تحولاتك التاريخية من اليسار إلى اليمين، من المعارضة والنقد إلى الدفاع المستميت عن أفعال كنت تنقم عليها يوماً من الأيام... حسافة عليك.
***
إلى إخواننا في تونس الخضراء: نرفع لكم قبعاتنا على ما فعلتموه، فقد أثبتم أنكم أحرار لا تقبلون الإهانة والقهر، وإن صبرتم حيناً من الدهر، إلا أن جذوة أبي القاسم الشابي ظلت تلهب قلوبكم حتى كان ما أردتم، ورغم أنف المستبدين، كما أدعوكم للاستمرار في مشواركم الطويل، فالمسألة ليست متعلقة بأشخاص، بل هي متعلقة بمنهج، وطريقة لإدارة الحياة، فإن ذهب زين العابدين بن علي، فهناك آلاف غيره على الطريق آتون، انتبهوا لهم يا رعاكم الله، ولا تجعلوهم يقطفون ثمرة جهادكم ضد الظلم والظالمين، فالجبناء يقطفون في الغالب، ومع الأسف، ثمرة جهاد الشجعان.
د. عبداللطيف الصريخ
كاتب كويتي
Twitter : @Dralsuraikh