د. وائل الحساوي / نسمات / وداعاً للسودان

تصغير
تكبير
في عام 1861 أعلنت إحدى عشرة ولاية أميركية من ولايات الجنوب انفصالها عن الشمال، فما كان من الرئيس الأميركي «إبراهام لينكون» إلا أن أعلن الحرب على تلك الولايات واعتبرها حركة تمرد.

واستمرت الحرب أربع سنوات وقتل فيها أكثر من 620 ألف جندي، وتعتبر أكبر الحروب دموية في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية، ولكن دعونا ننظر إلى نتائجها: لقد وحدت الحرب الولايات المتحدة لتصبح أعظم دولة في العالم وأكثرها نفوذاً وأكثرها غنى، كما ألغت الحرب نظام الرق الذي كان معمولاً به في الجنوب.

لو نظرنا إلى خريطة العالم الإسلامي فإننا نجدها تسير باتجاه عكسي ألا وهو الانفصال، فاتفاقية سايكس بيكو قسمت الدول العربية إلى أكثر من عشرين دولة، وقد ساهمت شعوبها في تعزيز الانفصال وتثبيته، ثم انفصلت باكستان وكشمير عن الهند، ثم بنغلاديش عن باكستان، ثم انقسم اليمن إلى دولتين قبل أن تتوحدا ثم أخيراً تيمور الشرقية التي انفصلت عن أندونيسيا، وفي القائمة دول كثيرة مرشحة للانفصال.

ما يجري اليوم من استفتاء للجنوبيين في السودان ما هو إلا مخطط جديد لتجزئة هذا البلد العربي الكبير والذي لا نشك بأنه سيتحقق بالرغم من عدم وجود مقومات الدولة لدى الجنوبيين.

ولو كان قرار الانفصال ذاتياً من الشعب السوداني لتمهلنا قليلاً قبل انتقاده ولكننا نعلم بأن وراءه الدول الغربية والولايات المتحدة التي موّلت الحرب الأهلية سنوات طويلة ثم ضغطت على السودان لإجراء الاستفتاء، بل وبالغت في اتهام الرئيس السوداني بأنه مجرم حرب ويجب محاكمته، وهي تسعى الآن لفصل إقليم دارفور بعد الجنوب.

ولا شك أن الرابحين من الانفصال كثر وأهمهم الكيان الصهيوني الذي أقام علاقات وطيدة مع الجنوب وموّل الحروب، كما أن انفصال الجنوب سيكون حاجزاً غربياً لمنع انتشار المد الإسلامي إلى الدول الأفريقية جنوب السودان والسعي نحو تنصير القارة السوداء.

كما أتعجب من استسلام القيادة السودانية لذلك المخطط، كما أتعجب من وسائل الإعلام العربية التي تصور الأمر وكأنها ممارسة ديموقراطية راقية وحق الشعب في تقرير المصير، فإذا كانت الولايات المتحدة قد خاضت حرباً مدمرة من أجل الحفاظ على كيانها متحداً، فما بالها تسعى اليوم لتقسيم البلدان المسلمة؟!

صبيان الإنترنت

لا أحب التعليق على سفاسف الأمور لا سيما من صبيان الإنترنت الذين ملأوا هذا الجهاز المهم بالكذب والجرأة في الباطل وتوافه الأمور.

ولكن أتعجب أشد العجب من بعض الملتزمين - أو كما ينبغي أن يكونوا - ممن لم يتركوا صفة من صفات المنافقين لم يتشبهوا بها منها الكذب والفجور في الخصومة ونقل الأخبار الكاذبة واتهام الناس، ونصيحتي لهم إن لم يتوبوا إلى الله بأن يرفعوا عن أنفسهم صفة الالتزام الديني.

كما أتعجب من حجم الشتائم والكذب التي يوجهونها للأخ الفاضل النائب د. علي العمير بسبب اتخاذه موقفاً لا يوافق أهواءهم وتحميله خطايا البلد، فيكفي بالأخ أبي عاصم بأنه من القلائل الذين يتصرفون بحسب ما يمليه عليه ضميره دون رجاء شكر من أحد، وأكبر دليل على ذلك أنه لم يتكسب خلال ثلاثة مجالس من مواقفه كما تكسب الكثير من نواب المعارضة ونواب الموالاة.

أعانك الله يا أبا عاصم على صبيان الإنترنت.





د. وائل الحساوي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي